أكد الشاعر السوري المعروف أدونيس أنه لم يعد بحاجة إلى جائزة نوبل العالمية، بعد كل هذه السنوات الطويلة من الانتظار، موضحاً أن هذه الجائزة باتت جزءا من السياسة العالمية الراهنةونفى أدونيس أن يكون مرشحاً دائما لهذه الجائزة، وفق ما تروج له بعض الأوساط الثقافية في سوريا والعالم، معتبرا أنه حصل على أكبر جائزة، يمكن أن يحصل عليها أي شاعر حتى الآن، وهو ما يكمن في هذا الاهتمام المنقطع النظير، الذي يحظى به على امتداد العالم العربي والعالم. وأشار إلى أن الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى، تتسابق لإجراء الحوارات والمقابلات معه، مؤكداً أن ظهوره في أي وسيلة إعلامية بات يشكل حدثاً ثقافياً مهماً للكل، وهذا يعد بحد ذاته أكبر وأهم جائزة، يمكن أن يفوز بها أي شاعر. وتثير تصريحات أدونيس ومواقفه المعلنة الكثير من السجال الفكري والثقافي، وحتى السياسي. وجدول عمل الشاعر أدونيس مثقل بلقاءات في أماكن متباعدة جغرافيا. فهو يتسلم جائزة دولية للشعر في الصين، لينتقل إلى افتتاح معرض لرسوماته في أبو ظبي وغيرها من اللقاءات، ما يؤدي أحيانا إلى تأجيل بعض مواعيده كي لا تتضارب، كما حدث في لقائه الشعري مع جمهور بروكسل. في العاصمة البلجيكية قرأ أدونيس بعض قصائده في قصر الفنون الجميلة، وكذلك قدمت قراءات لقصائد له مترجمة إلى الفرنسية والهولندية في أمسية تخللتها فقرات موسيقية. وكان الشاعر السوري علي أحمد سعيد المعروف باسم أدونيس، أبدى في مقابلة أجرتها معه وكالة الصحافة الفرنسية، أخيرا، في بروكسل، استياءه الشديد للمعاملة التي لقيها من قبل منظمي معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت، مشيرا في المقابل إلى الاهتمام المفاجئ له في الصين، حيث نال جائزة زونغ كون الدولية للشعر. ويعتبر الشاعر السوري، الذي أقام في بيروت لسنوات، وغادرها ليستقر في باريس منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، أن ما حصل في معرض الكتاب كان "نوعا من الغش والدناءة والسخافة الذي يغضبني كثيرا"، معتبرا أن "الغش هنا عندما أدعوك في إطار شيء ثم أعاملك على مستوى آخر". وما يزيد استياء أدونيس من الحادثة أن المنظمين لم يحاولوا الاعتذار له بعدها، ويعلق بالقول إن الأمور (ما حصل في بيروت) تصبح كأنها شخصية "ولم أفسرها إلا سياسيا، وكأنهم يقاصصون سوريا من خلالي". ويشدد على أنه كان "مقصرا" في تعبيره عن غضبه وقتها، قائلا وهو يضحك "أحسست أني لم أفعل ما كان يجب فعله. كان يجب أن أضرب الطاولة أو أكسرها أو أفعل شيئا آخر". من جهة أخرى، أعرب أدونيس عن دهشته بالاهتمام الذي يلقاه في الصين. ففي شهر أبريل الماضي، وقع المختارات الشعرية، التي صدرت مترجمة له هناك، وخلال أشهر نفدت طبعة المختارات. ويقول إنه نال استنادا على هذا النجاح جائزة "زونغ كون" الدولية للشعر، مكافأة "لمكانته الشعرية العالمية، ولتأثيره في الشعر الصيني المعاصر"، كما ورد في بيان الجائزة. يضيف أدونيس "أعتقد أن الصينيين على المستوى العام أكثر فهما لشعري من الوسط الثقافي العربي"، مستندا في استنتاجه الأخير إلى النقاشات التي جمعته بمثقفين صينيين وبالجمهور الصيني في عدة لقاءات نظمت له معهم، وأيضا إلى حجم مبيعات طبعة مختاراته الشعرية، التي يعاد طبعها الآن "وهو أمر لا يحدث إلا نادرا" كما يؤكد نقلا عن مثقفين صينيين. وجائزة زونغ كون هي من أعرق الجوائز الأدبية في الصين، وتقدمها للسنة الثانية مؤسسة ثقافية "مستقلة"، كما يقول أدونيس موضحا أنه لو كانت الجائزة صادرة عن مؤسسة تابعة للدولة لكان موقفه مختلفا "لأني ولا مرة في حياتي أخذت جائزة دولة". وردا على سؤال إن كان مستعدا لقبول جائزة دولة من بلده سوريا، أجاب أدونيس "أنا أعتبر نفسي أكبر شخصية سورية على الإطلاق، وإذا قبلت جائزة (سورية) يجب أن تكون أكبر جائزة تقدم لأي شخصية"، وأضاف "لا أقبل إطلاقا أي جائزة عادية، سواء من سوريا أو من أي بلد عربي آخر". ويعتبر أدونيس أن الجوائز إجمالا لا تعنيه لأنها "قائمة على اعتبارات معينة وفي معظم الأحيان من يستحقون الجوائز لا يأخذونها"، لكنه يشير إلى أن القيمة المادية للجائزة "تتيح للكاتب أن ينصرف إلى عمله، وينقطع عن أعمال أخرى يقوم بها لدفع فواتيره". ويبدو أن أدونيس اهتدى أخيرا إلى ما يمكنه من دفع فواتيره التي "كنت أموت من الشغل في ترجمات وأشياء سخيفة" لتأمينها، على حد تعبيره. فهو يعد رسومات "كولاج"، مؤكدا أنه لا يحترف الرسم ولا يمتهنه، بل يبقى عنده هواية، إلا أن معارض تقام لرسوماته هذه كان آخرها في 24 نونبر الماضي، في أبو ظبي. ويشرح أدونيس أن الضجر هو ما قاده لتنفيذ أول رسومات "الكولاج" والصدفة هي التي ذهبت بها إلى المعارض بعدما أعجب بها أحد أصدقائه. ويوضح أن انخراطه في هذا العمل جاء بعدما رأى "العبث الهائل في المجتمع الذي نعيشه"، مضيفا "تشتغل على ديوان شعر سنة، وأحيانا ثلاث سنوات، وتطبعه، وتشتغل على "كولاج" ساعة ونصف فيكون مردوده عشرات أضعاف مردود ديوان الشعر". يشار إلى أن أدونيس - وهو لقب سمي به منذ 1948، ولد عام 1930 لأسرة قروية فقيرة في قرية (قصابين) بمحافظة اللاذقية، وحفظ القرآن على يدي أبيه، كما حفظ عددا كبيرا من قصائد القدماء وتلقى تعليمه في لبنان وفرنسا. وأصدر أدونيس مجلة (مواقف) بين عامي 1969 و1994 كما نشر أكثر من 20 ديوانا شعريا باللغة العربية، وقام بالتدريس في الجامعة اللبنانية ونال دكتوراه الدولة في الأدب عام 1973 . وبدءا من عام 1981، تكررت دعوته كأستاذ زائر إلى جامعات ومراكز للبحث في فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة وألمانيا، وتلقى عددا من الجوائز اللبنانية والعالمية وألقاب التكريم. كما ترجمت أعمال الشاعر السوري-اللبناني إلى ثلاث عشرة لغة، وتردد أنه كان على قائمة المرشحين لنيل جائزة نوبل في الآداب منذ عدة أعوام.