أكد وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة عبد القادر عمارة، أول أمس الأربعاء بالدار البيضاء، أن تحقيق أهداف التنمية على الصعيدين الوطني والجهوي يتطلب إصلاحات لتحسين مردودية القطاع الطاقي بمشاركة قوية من قبل كل الفاعلين الخواص. وأبرز الوزير، في كلمة له خلال لقاء مناقشة، نظمته فدرالية الطاقة والاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن حاجيات المغرب الطاقية تتزايد بوتيرة سريعة تفرض عليه إيجاد حلول ملائمة لمجابهة التحديات التي يواجهها القطاع، خاصة في ظل التذبذبات والتغيرات التي تشهدها أسعار المواد الأولية الطاقية. وأضاف عمارة أن الاستجابة لهذه الحاجيات تفرض بلورة رؤية طاقية مختلطة تتصف بالواقعية والابتكار والتنافسية، مشيرا إلى أنه ليس هناك حل وحيد، وكل أنواع الطاقات يمكن أن تجد لها مكانا في هذه الرؤية، وعلى المغرب أن يجد الحل الملائم له من بين كل الحلول المطروحة. وأبرز أنه في مواجهة الدينامية غير المسبوقة للاقتصاد، فإن الأنظار متجهة بقوة صوب الطلب على الطاقة الأولية، والطلب المتنامي على الطاقة الكهربائية في أفق 2030، موضحا أن المغرب سيواصل استخدام الطاقات الأحفورية التي ماتزال مهيمنة على السوق الطاقي عبر العالم. واستدرك الوزير قائلا إن هذا الاستخدام سيكون استخداما مسؤولا من خلال اللجوء إلى استعمال التقنيات النظيفة، وفرض تطبيق المعايير الخاصة بالتقليص من الانبعاثات الغازية في الصناعات المنتجة والمستهلكة لهذه الطاقات. وأشار إلى أنه سيتم الاستمرار في استخدام الفحم، لا سيما في إنتاج الطاقة الكهربائية الأساسية من قبل وحدات ذات مردودية عالية تستخدم تقنيات حديثة للتقليص من انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكاربون، مبرزا أن النهوض باستخدام الغاز الطبيعي، الذي يبقى الخيار الاستراتيجي والاقتصادي، سيعوض تدريجيا استخدام الفحم والفيول في أفق 2025. وأكد بهذا الخصوص أن وضع البنيات التحتية الضرورية للنهوض باستخدام الغاز الطبيعي سيتم في إطار خارطة طريق خاصة بالغاز يجري إعدادها، وسيتم الكشف عنها لاحقا بتشاور وتنسيق مع كافة الشركاء من القطاعين العام والخاص. وتابع أنه سيجري تكثيف عمليات التنقيب عن النفط والغاز، حيث إن 31 شركة نفطية دولية لها صيتها في هذا المجال تعمل حاليا بمختلف مناطق المملكة. واعتبر الوزير أن استعمال الطاقة الأحفورية، المستنزفة والملوثة، لا يتعارض مع الهدف الرامي إلى التنمية السريعة للطاقات المتجددة والنظيفة، مؤكدا أن التحول سيتم تدريجيا عبر النهوض بالتكنولوجيات التي تمكن من تقليص الكلفة الإنتاجية والتدبير الجيد للطاقات المتجددة. وذكر عمارة أن الانتقال الطاقي بالمغرب، كخيار استراتيجي يتفق مع الرؤية الرشيدة والمتبصرة للملك محمد السادس، هو قرار بأبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية يبتغي تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية الطاقية، والتنمية المتوازنة لمجموع جهات المغرب، وضمان ولوج كافة المواطنين للطاقة لحمايتهم من تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية. وأشار بالمناسبة إلى اندماج المغرب ضمن محيطه الطاقي الإقليمي، مذكرا بكون المغرب يرغب في أن يكون فاعلا في الانتقال الطاقي الأوروبي، والاستفادة من التعاون الدولي في هذا المجال، واغتنام فرصة بناء وحدات صناعية إقليمية ضمن مشاريع توطين الصناعة في توفير مناصب شغل جديدة.