أجمع مشاركون في ندوة حول واقع حقوق الإنسان في العالم العربي في ارتباطها بالديموقراطية على إشكالية التوظيف السياسي لحقوق الإنسان، معتبرين أن أي حركة حقوقية لاتتحرك دون تدخل للقوى السياسية، متسائلين في نفس الوقت عن إمكانية الحديث عن تحول ديموقراطي في غياب ثقافة حقوق الإنسان في واقع عربي لا تساعد ظروفه على بلورة المشاريع الكبرى إلا بتدخل القوى الأجنبية. ودعا الحبيب بلكوش، رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، في كلمته إلى ضرورة فتح الحوار العربي في القضايا الخلافية وعدم الاقتصار على مناقشة القضايا التي شكلت قاسما مشتركا بين الدول العربية والمتمثلة في المطالبة بالحقوق الفردية والإفراج عن المعتقلين والمختطفين، ومناهضة الانتهاكات الجسيمة في المعتقلات. كما أشار بلكوش إلى تنوع الإشكاليات في العالم العربي، مثل قضايا التعايش الديني المطروحة أكثر في لبنان وقضايا الأمازيغية التي هي متناولة في المغرب وغير مطروحة في باقي الدول العربية. وتناول عرض حسن نافع، أمين عام منتدى الفكر العربي، مفهوم حقوق الإنسان، مشيرا إلى كون كافة شعوب العالم ساهمت في تحول حقوق الإنسان بدرجات متفاوتة، وتطرق لمسار التحول الديموقراطي في العالم العربي، حيث نفى هذا التحول في دول عربية لازالت لم تتوفر بعد على دستور ولا على أحزاب ولاجمعيات مجتمع مدني، واستثنى وجود نموذج لنظام عربي يمارس الديموقراطية المطلقة. ونبه حسن نافع إلى ضرورة تمييز النظم السياسية في سلوكها الداخلي والخارجي، حيث أشار إلى أن النظام الديموقراطي الذي يدعي الليبرالية هو من أفرز بوش الذي شن الحرب على أفغانستان والعراق، مشيرا إلى أن الركن الغائب هو غياب إطار دولي ديموقراطي يحكم النظم الديموقراطية. وفي سياق ذلك، أشار شعبان عبد الحسين، مفكر وناشط عراقي، إلى نقص في الثقافة الديموقراطية من حيث الممارسة والتطبيق في العالم العربي، وأرجعها إلى غياب التعددية والفصل بين السلط وعدم الاستجابة لمطالب المساواة بين الرجل والمرأة، وكذا غياب مجتمع مدني متبن لحركة اقتراحية بدل اقتصاره فقط على الاحتجاج. ووصف محمد امحيفيظ، ناشط حقوقي عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، التحول الديموقراطي في المغرب بالهش والملتبس، كما وصف عمل الجمعيات النشيطة في حقوق الإنسان بالمترهل، محذرا من مطب وضعها لأجندات بهدف حصولها على تمويل لا غير. يذكر أن الندوة دعمتها المؤسسة العربية للديمقراطية، وهي آلية إسناد استراتيجي تترأسها موزة بن ناصر المسند حرم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الأمير القطري، وقد أنشئت في ماي 2007 بغاية تمويل الأنشطة التي تمس المسألة الديموقراطية في العالم العربي بهدف بناء حركة مواطنة في المنطقة العربية وفتح فضاءات الحوار الاستراتيجي في القضايا العربية.