طالب باحثون وفاعلون جمعويون بإقليم تيزنيت، بنفض الغبار عن المغارات الطبيعية التي تزخر بها منطقة أكلو، والتي نسج السكان بشأنها حكايات أسطورية، وتواتر ذكرها في الذاكرة المحلية، من قبيل مغارة «إفري إيحشّا»، و«تاگاديرت ن بيرومين»، والنقوش الصخرية ب«تيمزضاون» وغيرها. وفي أعقاب رحلة استكشافية أشرف مركز «أكلو» للبحث والتوثيق، على تنظيمها لمغارة «إفري إيحشا»، طالب المشاركون بإنجاز خريطة شاملة لمحيط جماعة أگلو تشتمل على معطيات حول المواقع والمآثر التاريخية التي تحتضنها الجماعة، كما شددوا على ضرورة حث مصالح الجماعة الترابية على الاهتمام بهذا القطاع من خلال وضع علامات التشوير لترشيد السياح وأبناء المنطقة بمكانها، بعد أن وجدوا صعوبة في الوصول إليها، قبل أن يسترشدوا بأحد الرعاة الذي دلهم على المسار. تقع مغارة «إفري إحشا» على بعد حوالي كيلومترين غربي دوار «إيبخشاش»، على السفح الجنوبي لمنطقة «أگوني» الذي يحمل أيضا اسم «إيحشّا»، التي تحمل بدورها اسم فج عميق عبارة عن مجرى صخري للسيول، يمر شمالي دوار «إيبخشاش»، في اتجاه البحر، وهو عميق في بدايته، ويزداد عمقا كلما اتجه إلى الغرب ليصل إلى أبعد مدى، قدره الباحث جامع بندير، رئيس مركز أكلو للبحث والتوثيق بأزيد من 100 متر عند موقع المغارة، حيث يشتد انحدار سفحي المجرى، الأمر الذي يُصعب مأمورية النزول والصعود، سواء إلى قعر المجرى، أو إلى موقع المغارة. كما كشف الزائرون المسافة الفاصلة بين مدخل المغارة وأقصى نقطة أمكنهم الوصول إليها تصل إلى 105 أمتار، مؤكدين على أنه يمكن تجاوز هذا الحد إذا ما تمت إزالة الأتربة والأحجار التي ملأت المكان بفعل عوامل التعرية، وحالت دون التعمق أكثر في المغارة، مرجحين أن يكون عمق المغارة أكبر، أما عرض مدخلها فيبلغ سبعة أمتار، فيما يصل ارتفاع أعلى مقطع منها إلى ثلاثة أمتار ونصف. وأكد المستكشفون الجمعويون على أن المغارة طبيعية المنشأ، منذ زمن «موغل في القدم»، مضيفين أنه «لا شيء، سوى الجهل بها، يبرر القول بأن للبرتغال علاقة بهذه المغارة، ولا بغيرها من مآثر طبيعية وتاريخية ببلدة أكلو، فليس من المقبول أن نتنازل عن كل ما هو هام من تراثنا المادي واللامادي وننسبه عن طواعية إلى البرتغال وغير البرتغال»، كما طالبوا بوضع كل ما يَرُوجُ عن المغارة من تفسيرات وحكايات ذات منحى أسطوري غيبي في سياقه الثقافي، على اعتبار أنها محاولات بدائية لتفسير الظواهر الطبيعية التي يحار الإنسان في معرفة مصادرها وأسبابها، وبالتالي رفض كل التفسيرات الجاهزة ذات الصلة بهذا المنحى، باعتبارها عوائق إيبيستيمولوجية تحول دون البحث الجاد. وفي ارتباط بهذا المنحى أجمع المشاركون على شجب الممارسات التي تتعرض لها المغارة من طرف المشعوذين الذين يبحثون عن الدفائن والكنوز، الأمر الذي من شأنه نشر الدجل وتخريب معالم المغارة، التي لم يثبت أنها كانت في وقت من الأوقات مستغلة من قبل البشر، خاصة وأن وضعها الحالي لا يشير إلى وجود أي من النقوش القديمة أو الرسوم والكتابات على الصخور المتواجدة بها، باستثناء كتابات حديثة العهد في جوانب من مدخلها، غير أن الحفريات التي يطالب الفاعلون بإجرائها في مواقع معينة بالمغارة من شأنها تصحيح مثل هذه الأحكام.