شهدت دورة أكتوبر لمجلس مدينة القنيطرة، التي انعقدت أشغال جلستها الثانية، أول أمس، بالقصر البلدي، مواجهات كلامية حادة بين إخوان بنكيران، الذين يقودون المجلس، ومعارضيهم من مستشاري حزب الأصالة والمعاصرة. وفجرت النقطة ال25 المدرجة في جدول أعمال هذه الدورة، والمتعلقة بالموافقة على مشروع عقد خاص بتقديم خدمات مفوض قضائي لفائدة الجماعة الحضرية، خلافات واسعة بين أعضاء الحزبين، وصلت إلى حد التراشق بعبارات كلها همز ولمز ولا تخلو من تهكم وسخرية، وصلت في بعض الأحيان إلى كيل سيل من الاتهامات الخطيرة. واعتبر محمد بطان، منسق فريق «البام» بالمجلس الجماعي، لجوء المكتب المسير لجماعة القنيطرة إلى مفوض قضائي للقيام بمعاينات تخص دورات المجلس العادية والاستثنائية والتظاهرات أخرى سابقة خطيرة في تاريخ الجماعات المحلية، تستهدف، في نظره، إرهاب المستشارين الجماعيين والمواطنين الذين يحضرون لتتبع جلسات المجلس، ومحاولة مكشوفة لتكميم الأفواه والتضييق على تيار المعارضة. وأوضح بطان أن اعتماد مفوض قضائي من شأنه أن يحول جلسات المجلس إلى ما يشبه المحاكمات، وإلى فضاء لتلفيق الاتهامات، وهو ما يشكل مسا ومصادرة لحقوق المستشار والساكنة والمجتمع المدني، حسب قوله. وأعلن رفض فريقه لكل قرار يحمل في طياته العقاب الجماعي لكل مخالف لتوجه الأغلبية المسيرة، ملفتا الانتباه إلى ما وصفه بالخطورة الثانية التي يكتسيها هذا القرار، من خلال تداخل الاختصاص بين السلطة الوصية والمفوض القضائي. وتساءل عما إذا كانت هناك نية للأغلبية لتغييب دور السلطة الضبطي أثناء جلسات المجلس. من جانبها، وجهت المستشارة أمينة حروزى، المنتمية إلى الحزب نفسه، انتقادات لاذعة إلى التحالف الذي يقود المجلس الجماعي للقنيطرة، وقالت إن اتجاه الأغلبية نحو فرض حضور مفوض قضائي في الدورات إجراء خطير يرمي إلى تخويف المواطنين وتهديدهم والتضييق على حريتهم في التعبير عن مآسيهم وتظلماتهم، مشيرة إلى أن هذا القرار أماط اللثام عن تضايق المكتب المسير من تصاعد وتيرة الاحتجاجات ضد طريقة تدبيره للشأن العام المحلي. في المقابل، قلل رشيد بلمقيصية، رئيس مجلس القنيطرة بالنيابة، من مخاوف معارضيه من هذه النقطة، وقال إن مواقفهم جانبت الصواب فيما ذهبت إليه، مؤكدا أن الغرض من وجود المفوض القضائي خلال الدورات هو الحرص على أمن جميع مستشاري المجلس بدون استثناء، والسهر على سلامتهم وحمايتهم من أي إهانات قد تمس كرامتهم، وإنهاء معاناة المجلس نفسه مع كثير من الإجراءات والتدابير التي تقتضي حضور عون قضائي في عين المكان. وهو الموقف الذي دافع عنه بقوة الدستوري يوسف دارو، الذي يشغل مهمة كاتب المجلس، الذي أعرب عن استغرابه الشديد من تخوف أعضاء المعارضة من قرار استقدام عون قضائي لتوثيق ما يجري من وقائع خلال انعقاد أشغال الدورات، وعلق على ذلك قائلا: «بغيت غير نعرف علاش العون القضائي خالع شي بعضين. من لا يخرق القانون لا يخشاه، فالأمر لا يحتاج إلى كل هذه التأويلات الخاطئة التي رأت في هذا القرار استهدافا لحرية المواطن».