علي أفيلال لم يدرس يوما واحدا، ولم يتصفح كتاب نحو أو صرف، ومع ذلك استطاع أن يلج عالم الكتابة ويراكم أكثر من عشرين عملا روائيا ومجموعة قصصية. ولد هذا الرجل العصامي بمراكش، امتهن الحلاقة وبرع فيها إلى أن أصبح عضوا بالكونفدرالية العامة للحلاقة. وأصبح حكما دوليا في مهنة الحلاقة. للمهنة ضوء النهار، وللكتابة عتمة الليل. يعتكف في صالونه بباريس، هنا مجمع الأحباب والأصدقاء والزبناء. وفي هذا الفضاء يعرض أعماله، خاصة تلك التي ترجمت إلى الإنجليزية أو الفرنسية، إذ تنفد خلال يومين، يقول أفيلال. صدرت المحاولات القصصية الأولى لعلي أفيلال بمجلة المشاهد أوائل الستينيات، وبعد انتقاله إلى الجزائر استمر في كتابة القصة القصيرة. وحين انتقل إلى باريس في 1968 بدأ ينسج كتابة الرواية، وكلما أنهى عملا وضعه في الرف حتى يحين زمنه. وما بين فينة وأخرى كان ينشر في جريدة العلم والقدس العربي والاتحاد الاشتراكي ومجلة الوطن العربي في زمنها، هكذا يحكي عن مساره الإبداعي ل«المساء». في 1994، شدته الرغبة في أن يتقاسم مع الناس زاده الإبداعي الذي راكمه، فبدأ في نشر سلسلة أعماله: «رواية الصفصاف»، «أفعى في الصدر»، «نساء في الطريق»، «شجرة التين» ، «انطفأ الحريق»، «ميلودة»، إلى آخر أعماله: «رباعيات الدمع أو نساء باكيات» و«أيام من سراب» و»تحت الطبع» رواية تحمل عنوان «الوجع». بعض هذه الأعمال ترجم إلى الإنجليزية والفرنسية، وبعضها حظي بتقديم لكتاب ونقاد مغاربة كحسن نجمي الذي قدم له «انطفأ الحريق»، وسعيد يقطين الذي قدم له «ميلودة». لكن لم يسبق لناقد مغربي أن التفت إلى أعمال هذا العصامي، «وهو ما يحز في قلبي»، يقول الفيلالي، قبل أن يضيف «مقدمة لرواية من العوفي أو سعيد يقطين وإن كانت تعطي لمحة جمالية عن العمل، فإنها لا تدرس عمقه، ومع ذلك أرى صورة أعمالي في هذه المقدمات والتي لولاها لما أدركت أني أكتب فعلا الرواية»، ويردف: «تناول أعمالي كتّاب من العراق ومن الجزائر، اللهم في هذا الوطن، ولا ناقدا حرك ساكنا مع أن ساحة النقد المغربية تعج بنقاد يقبلون على الوارد ويتحاشون الصادر». سأل أفيلال الناقد صدوق نور الدين عما إذا كان يكتب الرواية فعلا أم أنه متطفل عليها، فكانت حكمة جواب الأخير أن أسر إليه قائلا: «الرواية كنور هائج، فإن أخذ ذلك الثور من قرنيه رغم قوته وصلابته، فكلما حركته سيتجه نحو الاتجاه الذي أريد». فيما لم يصدقه ناقد روائي آخر في كونه عصاميا يكتب بهذا الشكل. حظي علي أفيلال بتوشيح خاص من طرف صاحب السمو مولاي رشيد عشية افتتاح المعرض الدولي للكتاب صحبة ثلة من الكتاب والمؤلفين، وهو ما خلف عنده إحساسا جميلا، واعتبر هذه الالتفاتة ضوءا لمن يريد أن يسير في هذه الطريق الجميلة». يجعل أفيلال من الكتابة هواية يعيش لها والحلاقة مهنة يعيش منها، لأن أي كاتب عربي لا يستطيع أن يعيش بقلمه.