أعرب سفير إيرانبالرباط، وحيد أحمدي، عن دهشته للقرار المغربي قطع العلاقات الدبلوماسية مع بلده، وقال في اتصال ل«المساء» به إن القرار «ليس في صالح الدول الإسلامية، نحن لا نرضى بهذا ولكن المغرب هو الذي أصدر البيان». وحول اتهام السفارة الإيرانية بنشر المذهب الشيعي في المغرب قال السفير: «أوضحت لوزير الخارجية كل شيء ثلاث مرات، وتحدثنا أنا والمسؤول المغربي في الخارجية عن مسألة الشأن الديني في المغرب، وهو قال إن هذا كذب، فلماذا يصدر هذا البيان من جانب المغرب؟». وحول توقيت مغادرة البعثة الدبلوماسية الإيرانية للمغرب، في ضوء الأزمة الجديدة بين البلدين، قال وحيد أحمدي: «سنغادر السفارة قريبا جدا، لكن بعد إجراء بعض الأمور الضرورية تتعلق بالسفارة وبالذمة المالية للعاملين وبعد ذلك سوف نغادر المغرب عائدين إلى طهران». وفي رد فعلها على قرار المغرب، أعربت وزارة الخارجية الإيرانية، أول أمس، عن أسفها لإعلان المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران بالتزامن مع مؤتمر دعم الشعب الفلسطيني وأهالي قطاع غزة، الذي عقد مؤخرا في طهران بمشاركة وفود برلمانية ورسمية من دول إسلامية وعربية. وفي تصريح لخالد الناصري وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، حول استغراب إيران للموقف المغربي، قال ل«المساء»، «هذا استغراب نستغربه بكل بساطة لأن إيران حاولت إدخال قضية التضامن الإسلامي والفلسطيني في مشكل ثنائي لا علاقة له بتلك القضية». وأضاف الناصري أن الأمر يتعلق ب«خلاف ثنائي بين المغرب وإيران، أما محاولة الهروب إلى الأمام بإخفاء الشمس بالغربال فهي محاولة يائسة لأن الموضوع يتعلق بالعدوانية اللفظية التي تعاملت بها إيران مع البحرين». وقال الناصري إن مسألة زعزعة الثوابت الدينية من خلال إدخال مقومات جديدة ودخيلة على الحقل الديني المغربي «موضوع يستحيل على المغرب أن يتساهل فيه». فقد اهتزت من جديد العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإيران يوم السبت الماضي، بإعلان الرباط قطع علاقاتها مع طهران، على خلفية التداعيات الناتجة عن تصريحات مسؤول إيراني قبل أسابيع، قال فيها إن البحرين كانت جزءا من التراب الإيراني في الماضي، حيث عبر المغرب عن استنكاره لتلك التصريحات، في رسالة وجهها إلى ملك البحرين، مما دفع الحكومة الإيرانية إلى استدعاء القائم بالأعمال في السفارة المغربية وتبليغه احتجاجها على الموقف المغربي وطلب توضيح بخصوص «عبارات غير مناسبة» وردت في الموقف المغربي، وهو الأمر الذي رد عليه المغرب باستدعاء السفير الإيراني في الرباط إلى مقر وزارة الخارجية لطلب توضيحات منه حول موقف بلاده، واستدعاء القائم بالأعمال في سفارة المغرب بطهران لمدة أسبوع من أجل التشاور، وطلب تفسيرات من الحكومة الإيرانية بشأن استدعاء المسؤول المغربي والموقف الذي صدر عن طهران، حيث أمهل المغرب إيران مدة أسبوع لتلقي تلك التفسيرات، دون أن يتوصل بها. وقال بلاغ صادر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون يوم السبت الماضي إن المغرب طلب توضيحات من السلطات الإيرانية «التي سمحت لنفسها بالتعامل بطريقة متفردة وغير ودية ونشر بيان تضمن تعبيرات غير مقبولة في حق المغرب إثر تضامنه مع مملكة البحرين، على غرار العديد من الدول بشأن رفض المساس بسيادة هذا البلد ووحدته الترابية». واتهم البلاغ سفارة إيرانبالرباط بالتدخل في الشؤون الدينية للبلاد، في إشارة إلى نشر المذهب الشيعي، حيث ورد فيه «هذا الموقف المرفوض والموجه حصرا ضد المغرب انضاف إلى نشاطات ثابتة للسلطات الإيرانية وبخاصة من طرف البعثة الدبلوماسية بالرباط، تستهدف الإساءة إلى المقومات الدينية الجوهرية للمملكة والمس بالهوية الراسخة للشعب المغربي ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكي». وزاد قائلا إن «هذه الأعمال المدعمة تعد تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للمملكة وتعارض قواعد وأخلاقيات العمل الدبلوماسي»، وختم بالقول إنه «لجميع هذه الاعتبارات، فإن المملكة المغربية قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية ابتداء من اليوم (الجمعة) مع جمهورية إيران الإسلامية». وقالت الوزارة الإيرانية، في بيان لها، إن قرار الرباط قطع العلاقات الدبلوماسية معها «يضر بوحدة العالم الإسلامي» و»يثير الدهشة»، ووصفت اتهامات المغرب لها بالتدخل في شؤونه الداخلية وبنشر المذهب الشيعي على أراضيه بأنها «اتهامات كاذبة ولا أساس لها من الصحة». ومن جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكي، إن عدم مشاركة المغرب في مؤتمر «دعم فلسطين»بطهران «أمر مثير للاستغراب والتساؤل»، مضيفا في ندوة صحافية بطهران، أن «مختلف البرلمانات الإسلامية والعربية أدت دورا فاعلا في هذا المؤتمر الذي تم عقده من أجل دعم غزة، ولهذا فإننا كنا في مثل هذه الظروف نتوقع حضور الوفد البرلماني المغربي». وأعادت الأزمة الحالية وضعية الاحتقان بين البلدين في الثمانينات، عندما ظهر الملك الراحل الحسن الثاني في التلفزيون المغربي عام 1984، بعد اختتام القمة الإسلامية بالدار البيضاء، وهو يلوح ببعض الوثائق والمنشورات التي قال إنها تحض على العنف وإحداث اضطرابات في المغرب، متهما السلطات الإيرانية بالوقوف وراءها، واصفا المسؤولين الإيرانيين ب»دعاة الفتنة» الذين قال إنهم يسعون إلى تمزيق الوحدة الدينية للبلاد. وفي تصعيد غير متوقع، ربما يفتح باب الملاسنات بين البلدين، كتبت يومية «الوفاق» المقربة من المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية افتتاحية عن الموضوع، جاء فيها أن الحكومة المغربية «يجب أن تكون في مستوى المسؤولية بسبب موقعها الاستراتيجي في إفريقيا، وتضع في الاعتبار تطلعات الشعب المغربي في التقارب مع محيطه العربي والإسلامي وإبعاد شبح التبعية للسياسات الغربية، التي لا يستفيد المغرب منها، وإنما تزيد من مسؤولية حكام هذا البلد كونهم يرأسون لجنة القدس التي يجب أن تكون أمانة في أعناقهم وهم أمناء على هذا الموقع المقدس لدى جميع المسلمين».