كشف خابيير بالنثويلا، الصحافي والمستشار الإعلامي السابق لرئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثباتيرو، أن إسبانيا امتلكت، خلال نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، من القرن الماضي مخططا دفاعيا وطنيا جاهزا للتدخل عسكريا في منطقتين استراتيجيتين بالمغرب بشكل فوري في حالة قيام الملك الحسن الثاني بتنظيم ما يشبه مسيرة خضراء صوب مدينتي سبتة ومليلية، خصوصا مع كثرة الكلام خلال تلك الفترة عن المطالب المغربية بالمدينتين. وأضاف بالنثويلا، في حوار مطول مع «المساء» أجري معه بمقر صحيفة «إيل باييس» بمدريد، أن العسكريين الإسبان كانوا مقتنعين بصعوبة الدفاع عن سبتة ومليلية في حالة تنظيم مسيرة من طرف المغرب إليهما ودخول جماعي لآلاف المغاربة، وهو ما جعل الجيش الإسباني يضع خطة للتحرك السريع عسكريا عبر وضع اليد على مناطق استراتيجية داخل المغرب، وأبرز بالنثويلا أن المخطط أخذ بعين الاعتبار، حسب علمه، أن الأممالمتحدة ستطالب بوقف لإطلاق النار خلال 48 أو 62 ساعة، وهي المدة التي كانت محددة للعملية العسكرية، شارحا أنه في هذه الحالة كانت إسبانيا ستمتلك ورقة تمكنها من التفاوض مع المغرب من أجل إعادة المدينتين إليها. وشرح بالنثويلا أن إسبانيا في تلك الفترة التي وضع فيها المخطط العسكري لم تكن تتوفر على معطيات تفيد بأن الملك الراحل الحسن الثاني يحضر لمسيرة صوب مدينتي سبتة ومليلية، بل إنه بعد مرحلة سيطرة الحسن الثاني على الصحراء، التي انتهت في الثمانينيات، كثر الحديث وقتها في الصحافة المغربية -خصوصا صحافة حزب الاستقلال- عن حول الموضوع، مما فرض منطقيا على الجيش والاستخبارات والنخبة السياسية الإسبانية عدم استبعاد تكرار سيناريو المسيرة الخضراء، وفي هذا السياق وضع هذا المخطط في منتصف الثمانينيات وبداية التسعينيات. وأبرز بالنثويلا أن وضع المخطط العسكري تزامن مع بعض الأحداث التي عرفتها مليلية، واستخدام عمر دودوح من طرف وزير الداخلية السابق إدريس البصري، وهو ما أعاد الملف إلى أجندة المغرب، فوضع العسكريون الإسبان مخطط التدخل العسكري تحسبا لأي طارئ. ورفض بالنثويلا الربط بين هذا المخطط والتدخل العسكري في جزيرة ليلي صيف 2002، بحكم أن الأمرين لا علاقة لهما ببعضهما، كما أن التدخل في جزيرة ليلى لا يشكل جزءا من المخطط المذكور الذي يعد من الأرشيفات العسكرية الإسبانية. ووصف بالنثويلا هذا المخطط ب«العادي»، لأنه معروف لدى جميع الجيوش في العالم، بحكم أنه في تلك الفترة كان يرى في المغرب الخطر الذي يهدد أمن إسبانيا، مضيفا أنه لم يعد موجودا لدى وزارة الدفاع الإسبانية، لأنه لم يعد من باب الأولوية أو متوقعا أن ينظم المغرب مسيرة صوب سبتة ومليلية، وبالتالي فإن أولويات الجيش الإسباني تغيرت وتحولت إلى الاستعداد لمواجهة ضربة إرهابية مشابهة لتلك التي حصلت في 11 مارس 2004 عبر عناصر مرتبطة ب«الجهاد العالمي»، خصوصا أولئك الذين لهم ارتباطات بأفغانستان وباكستان. وشدد بالنثويلا على أن المخطط المذكور يعد جزءا من التاريخ الآن بحكم أن كل شيء تغير بوفاة الحسن الثاني، ولأن الإسبان ظلوا يعتقدون دائما أن طريقة الحسن الثاني في تدبير الأمور ستقودهم يوما إلى حرب مع الجار الجنوبي، لذلك استقبلوا اعتلاء الملك محمد السادس للعرش بارتياح. يذكر أن بالنثويلا، الذي أجرى حوارا في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي لصحيفة «إيل باييس» مع الملك الراحل الحسن الثاني بمراكش، سيحكي في سلسلة حوارات ننشرها قريبا ضمن سلسلة «كرسي الاعتراف» بعض تفاصيله الغرائبية، وبعض أسرار العلاقات بين ضفتي مضيق جبل طارق من داخل المطبخ الإسباني.