«كانت متابعة القناة الثانية- في لحظة من لحظات بثها- بمثابة الحلم الصغير، أتذكر بقليل من التذكار طبعا إصراري على متابعة سلسلة أطفال لم أتذكر عنوانها، ما علق بذاكرتي هو لجوئي إلى التحايل واسترضاء إحدى صديقات الطفولة، رغم اختلافنا وغيرتنا الطفولية المتبادلة لضمان متابعة تلك البرامج التي كانت تستهويني». بهذه الكلمات تنبش خديجة (22سنة، ربة بيت) في ذاكرتها، وتحكي عن علاقتها بدوزيم في زمن المرموز، وتضيف بلغة خجولة:Qكانت والدتي لا تطمئن إلى علاقتي بصديقتي إطلاقا، ولا تتردد في توجيه اللوم والتوبيخ أحيانا، لكنها لم تكن قادرة على منعي من اللجوء إلى بيت الجيران لمتابعة برامج أطفال في القناة الثانية التي لم تكن إمكانيات العائلة آنذاك بقادرة على اقتناء جهاز لفك مرموزها. كانت لحظات تمتزج فيها نشوة متابعة برامج لم تكن توفرها القناة الأولى، بعدم القدرة على متابعة برامج دوزيم في المنزل رفقة العائلة. هشام شاب تجاوز عمره الثلاثين عاما يدير الآن شركة متخصصة في صيانة آليات الطبخ والتنظيف... اختار أن يتحدث عن كيفية تعامل عائلته مع الجهاز، وكيفية ضمان الوفاء بالإقتطاع الشهري الذي كانت تفرضه القناة الثانية لفك مرموزها، بالقول: « لا أتذكر على وجه التحديد المبلغ الذي كنا نؤديه شهريا، أظن أنه كان يتراوح بين 120 درهما و180درهما، هذا المبلغ- في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات- كان باهظا، إذا أخذنا بعين الاعتبار أمرين أساسيين، الأول هو أن العائلة كان لها مورد مالي وحيد، فهي لا تحتاج إلى أمر لا يمكن اعتباره ملحا، ليضغط على ميزانيتها، والثاني أن عدد العائلة كان يتجاوز العشرة أشخاص، أغلبهم لم يتجاوز العشرين سنة حينها،وهو ما جعل أمر اقتناء جهاز التشفير بعيدا عن التحقق...». وفي ظل هذه الظروف - يضيف هشام، وفي ضوء الرغبة في متابعة القناة الثانية التي كانت تجسد الثورة بالنسبة للمغاربة، بالنظر لما كان يقدم بالقناة الأولى، ارتأت العائلة أن تقتني جهازا للتشفير، على أن يمنح باقي الجيران إمكانية متابعة برامج دوزيم مشفرة ، شريطة اقتسام المبلغ المؤدى على عدد العائلات المستفيدة( أظن أنها كانت ثلاثة)،وأتذكر أنه في إحدى المرات التي تم الترويج فيها لعمليات مراقبة سيقوم بها ممثلون عن شركة دوزيم، عمدنا إلى نزع الحبال الإلكترونية التي كانت تربط جهازنا بتلفزيوناتهم، لكي لا نتعرض لأشياء( متابعة، مساءلة...) لم نكن نعرف إمكانية تحققها من عدمها، وبعد أيام، أي بعد انجلاء شبح الحملة، عاودنا العملية من جديد التي لم تكن لتخلو من مشاكل أخرى انقطاع البث من الأصل وحدوث مشاكل في جهاز التشفير، مما يعني انقطاع الفرجة. حكاية سعيد (33سنة،موظف) من حكايات أخرى تختزل كثيرا من الذكريات الدوزيمية الخاصة، حكاية تؤرخ- بالإضافة إلى خصوصية المرموز الدوزيمي- لمحطة احتضان القناة الثانية لفريق» الوداد البيضاوي،»، أتذكر لحظات تهت فيها باحثا عن مقهى تتوفر على جهاز تشفير، لمتابعة مقابلة مصيرية بين الوداد البيضاوي و«أسيك أبيدجان» من ساحل العاج برسم الدور نصف النهائي لكأس عصبة الأبطال، فلم أجد إلا مقهى كانت تحمل اسم «بغداد» بمنطقة البلدية بالبيضاء وتحولت إلى هاتف عمومي، وأتذكر أنني تابعت المقابلة واقفا، رغم أنني أديت مبلغ 3 دراهم لصاحب المقهى، لكن فوز الفريق البيضاوي في المقابلة أنساني إكراه متابعة اللقاء».