في القريب العاجل لن يعود المواطنون مضطرين إلى الذهاب إلى مقرات المقاطعات والبلديات أو حتى العمالات من أجل إنجاز الوثائق الإدارية المتعلقة بعقود الازدياد وتصحيح الإمضاءات ومطابقة النسخ للأصول. فهذه الخدمات سيمكن الحصول عليها من خلال الأكشاك الإدارية التي سيتم نشرها في الأماكن الأكثر ارتيادا من قبل المواطنين كالمراكز التجارية الكبرى على الصعيد الوطني مثل مرجان وأسواق السلام ومترو وكارفور والمحطات الرئيسية للقطار والأسواق الأسبوعية والفضاءات الجامعية. كما أن الحصول على هذه الوثائق لم يعد حسب المشروع الذي كشف عن تفاصيله وزير تحديث القطاعات العامة محمد عبو خلال اجتماع احتضنه أول أمس الأربعاء مقر وزارة الداخلية بالرباط، متوقفا على أوقات العمل الرسمية، حيث سيتم اعتماد نظام مداومة بعد التوقيت العادي وأيام العطل. ويهدف هذا المشروع بحسب العرض الذي تقدم به محمد عبو إلى تلبية الحاجيات والانتظارات المتنوعة والمتنامية للمواطن نتيجة تنوع مجالات تدخل الإدارة وتعزيز ثقة المواطن بها وتغيير نظرته السلبية إليها، مع دعم انفتاح الإدارة على محيطها وتوطيد مستلزمات التنافسية والانفتاح على العالم والوفاء بالالتزامات الدولية في ما يخص تحديث الإدارة. وتتمثل دواعي إطلاق هذه المبادرة، حسب واضعي المشروع، في الإقبال الكبير للمواطن وتردده المستمر على المصالح المعنية، إلى جانب الكم الهائل من المساطر الإدارية الأكثر تداولا بين المواطنين التي تستدعي الإشهاد على صحة الإمضاء للوثائق المدلى بها أو مطابقة نسخها للأصل، وتحمل المواطن عبء التنقل إلى الإدارات لقضاء أغراضه الإدارية، إلى جانب عدم تمكن بعض الفئات من المواطنين من قضاء أغراضهم الإدارية المتعلقة بهذه الخدمات خلال التوقيت المعتمد بالإدارات. وسيسمح هذا المشروع لأول مرة في التاريخ الإداري المغربي أن تخرج الإدارة من محيطها الاعتيادي وتوسع المجال الزمني لنشاطها لتيسير الحصول على الخدمة الإدارية خارج أوقات العمل، وقد اقترح في هذا الصدد إحداث شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. كما سيتم لهذا الغرض عقد اجتماع تمهيدي وتنسيقي مع جميع الأطراف المعنية، هي وزارة الداخلية عبر مديرية الجماعات المحلية، ووزارة تحديث القطاعات العامة، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، والمسؤولون بالمراكز التجارية الكبرى. أما الأهداف الكبرى المتوخاة من وراء إطلاق هذا المشروع، فتتمثل في دعم الأخلاقيات بالإدارات العمومية، وتعميم المساطر الإدارية وإخبار المواطن بها من حيث الوثائق المطلوبة والآجال القانونية المحددة والجهات المعنية وكلفة الخدمة. وتثبيت مبادئ مقاربة الجودة بالإدارات العمومية,مع إلزام المصالح المعنية باحترام تطبيق المساطر التي يتم إشهارها. ويرى حسن الوزاني الشهيدي، أستاذ القانون الإداري بكلية الحقوق جامعة الحسن الثاني عين الشق، في خطوة إحداث الأكشاك الإدارية تجسيدا للدور الحقيقي الذي يجب أن تضطلع به وزارة تحديث القطاعات العامة التي منذ إنشائها لم تضطلع بالمهمة الحقيقية التي أحدثت من أجلها. واعتبر أستاذ القانون الإداري في تصريح ل«المساء» الأكشاك الإدارية المزمع إحداثها خطوة مهمة للقطع مع مظاهر المحسوبية والرشوة التي تعرفها مصالح المقاطعات واضطرار المواطنين إلى دفع أتاوات قصد الحصول على وثائق إدارية. كما أن هذه الخطوة من شأنها القطع مع مظاهر التسلط التي تعرف بها المقاطعات والبلديات، وستحد أيضا من الأساليب الملتوية التي يعتدها المنتخبون لاستمالة الناخبين. إلى ذلك، علمت «المساء» أن وزارة الداخلية وافقت من حيث المبدأ على إطلاق هذه التجربة على مستوى مدينة الرباط قبل تعميمها على باقي المدن الأخرى.