في الوقت الذي بدأت فيه بعض الفعاليات الجمعوية بالريف ترفع من وتيرة تحركاتها لجلب التأييد لشكيب الخياري، رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان، المعتقل على خلفية تفكيك شبكة المخدرات بالناظور منتصف الأسبوع الماضي، أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء أن قاضي التحقيق قرر الاحتفاظ به رهن الاعتقال الاحتياطي لإجراء تحقيق في ما نسب إليه من أفعال، ومنها «تقاضيه عمولات من جهات أجنبية مقابل قيامه بحملة إعلامية ترمي إلى تسفيه الجهود التي تقوم بها السلطات المغربية في مجال محاربة ترويج المخدرات والتقليل من جديتها». وخلف انتشار النبأ وتعميمه على وسائل الإعلام الرسمية حالة من الذهول في أوساط الفعاليات الجمعوية بالناظور. وعبر أكثر من مصدر عن «المفاجأة» التي خلقتها الاتهامات الموجهة إلى هذا الفاعل الجمعوي الذي ظل يصدر التقرير تلو الآخر حول أباطرة المخدرات في المنطقة، كما ظل يرافق الكثير من الوفود الإعلامية التي تحل بالمنطقة لإعداد ربورتاجات مصورة حول طرق تهريب الكيف بشواطئها. وكان آخر ربورتاج ظهر فيه الخياري كمرافق هو الذي بثته قناة «إم 6» الفرنسية، والذي صور مناطق حساسة قيل إنها تستغل من قبل أباطرة المخدرات لتهريب «الكيف» إلى أوربا. واتهم الشريط بعض العاملين في مواقع المراقبة الأمنية ب»التواطؤ» مع هذه الشبكات. وانتشر الربورتاج في عدد من المواقع الإلكترونية وأعاد موقع «يوتوب» بثه، مما مكن الملايين من مرتادي الموقع، عبر العالم، من مشاهدته. وتقول المصادر إن بث هذا الربورتاج خلق متاعب كبيرة للسلطات المغربية وجرت الصورة التي رسمها ل»تواطؤ» بعض رجال المراقبة المغاربة، من مختلف الأجهزة، انتقادات أوربية شديدة. ويقول بلاغ الوكيل العام للملك لدى استئنافية الدارالبيضاء، والذي صدر يوم أول أمس السبت، إنه يشتبه في أن يكون رئيس هذه الجمعية والمعروف ب»تخصصه» في مجال المخدرات قد تقاضى مبالغ مالية مقابل تركيز الحملة الإعلامية التي يقوم بها ضد تجار المخدرات على شبكات ترويجها بمدينة الناظور وحدها وعدم تناول شبكات زراعة المخدرات والاتجار بها بمنطقة كتامة، المنطقة التي تقدم على أنها عاصمة الكيف بالمغرب. واتهمت السلطات القضائية، من جهة أخرى، الخياري بإدلائه بتصريحات صحفية وصفتها ب»الكاذبة» يزعم فيها أن «هناك أشخاصا يشتبه في تورطهم في شبكة لتهريب المخدرات، والذين تمكن بعضهم من احتلال مراكز هامة بمؤسسات الدولة». وأشار بلاغ لوزارة الداخلية، صدر يوم الخميس الماضي، إلى أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية استمعت إلى الخياري حول هذه التصريحات الإعلامية، وتم استدعاؤه للبحث معه حول هويات الأشخاص المتحدث عنهم. وأضاف البلاغ أنه تبين من خلال البحث الذي أجري مع المعني بالأمر أن تصريحاته لا تمت إلى الواقع بصلة، و»كانت لها أهداف أخرى غير معلنة تتمثل في تشويه صورة السلطات العمومية والقضائية الوطنية بعد المجهودات التي قامت بها من أجل محاربة تهريب المخدرات انطلاقا من السواحل الشمالية للمملكة بإقليم الناظور». ولم تمنع هذه الاتهامات الموجهة إلى الخياري منظمة العفو الدولية من ساندته، ووصفت اعتقاله ب»التعسفي». ومن جانبها، قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش إن السلطات أقدمت على اعتقال هذا الناشط الحقوقي البالغ من العمر 30 سنة، بعدما تحدث علنا عن «الاتجار غير المشروع في المخدرات وهجرة المغاربة والأفارقة جنوب الصحراء إلى أوربا. وناقش هذه القضايا في برنامج بث على التلفزيون المغربي الشهر الماضي. كما تحدث الخياري عن الحقوق الثقافية للسكان الأمازيغ (البربر) في المغرب». ويبدو أن ملف المخدرات في المغرب أصبح في الأسابيع الأخيرة يحظى باهتمام بالغ في أجندة وزارة الداخلية ومختلف الأجهزة التابعة لها. فإلى جانب البلاغات المتواصلة التي تصدرها الوزارة حول حملاتها للحد من انتشار الكيف وتضييق الخناق على شبكات المتاجرين فيه، أعطى وزير الداخلية، شكيب بنموسى، يوم الجمعة بالرباط، تعليمات لاستئصال هذه الزراعة كليا في أقاليم تطوان والعرائش وسيدي قاسم وتاونات. فيما دعا إلى مواصلة جهود تقليص هذه الزراعة، خلال السنة الجارية، بكل من شفشاون والحسيمة، بشكل يجعل المساحة الإجمالية المزروعة تقل عن 50 ألف هكتار.