يعزو بعض الكتاب والمفكرين أسباب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى صواريخ المقاومة، وينسجمون مع المواقف الأمريكية والغربية في تبرير العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كان القضاء على القدرة الصاروخية لفصائل المقاومة الفلسطينية أحد الأهداف الرئيسة لعدوان إسرائيل على قطاع غزة، فقد أعلن قادة الكيان الصهيوني بداية العدوان عن عزمهم على تدمير القدرة الصاروخية لحركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية، وأنهم سيدمرون مخازن الصواريخ في غزة، وسيدمرون منصات الصواريخ، وسيصنعون شريطاً حدودياً يجعل من قدرة الفلسطينيين على إطلاق الصواريخ محدودة، ولكن إسرائيل عجزت طوال 22 يوماً من العدوان عن تحقيق هدفها، واستمر إطلاق الصواريخ الفلسطينية على البلدات الإسرائيلية، وأجبر المستوطنون الإسرائيليون على الإقامة في الملاجئ، والتخلي عن مظاهر الحياة الطبيعية، خوفاً من سقوط الصواريخ عليهم، واستمرت صافرات الإنذار الإسرائيلية تشق صمت المدن والبلدات، وتجعل شوارعها مقفرة وخالية من ساكنيها، واستمرت الدعوات الإسرائيلية اليمينية وغيرها تطالب بتفكيك قدرات فصائل المقاومة، وبضرورة توجيه المزيد من الضربات العسكرية إليها، ولكن العدوان الإسرائيلي انتهى، وانسحبت قواته من قطاع غزة، ومازالت صواريخ المقاومة الفلسطينية تطلق وتصل إلى مدىً أبعد، فهل استطاعت صواريخ المقاومة الفلسطينية فعلاً أن تحمي قطاع غزة، وأن تحول دون الاجتياح الإسرائيلي الكامل لها؟ وهل تمكنت الصواريخ الفلسطينية محلية الصنع وغيرها من إكراه إسرائيل على تغيير خطتها، والتنازل عن أهدافها، والخضوع لنتائج صمود المقاومة؟ وهل هذه الصواريخ محلية الصنع، ذات الأثر البسيط وذات التوجيه التقليدي، كان لها أثر على سير المعركة في غزة، أم إنها، كما يصفها بذلك محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، صواريخ عبثية، أو أنها ألعاب أطفالٍ لا أكثر، لا تحدث أثراً أكثر من فرقعات نارية في الهواء، أو حفرةً صغيرة في مناطق مفتوحة وغير مأهولة، وأن دورها في المعركة كان تهيئة لأسباب ومبررات العدوان؟ ولكن تباين الرؤى بين الفلسطينيين حول جدوى صواريخ المقاومة يحسمه الإسرائيليون أنفسهم، الذين يعبرون بجلاءٍ واضح عن أثر وفعالية هذه الصواريخ على أمنهم وتماسك شعبهم، فالحقيقة الإسرائيلية خلاف الرؤية الرسمية الفلسطينية تماماً، فلولا الأثر الكبير لصواريخ المقاومة لما أقدمت إسرائيل على الاعتداء على قطاع غزة، ولولا قدرة الغزيين على الصمود والمواصلة لما انسحب الإسرائيليون من غزة دون تحقيق أهدافهم. يعزو بعض الكتاب والمفكرين أسباب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى صواريخ المقاومة، وينسجمون مع المواقف الأمريكية والغربية في تبرير العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي مؤداها أنه لولا استفزاز حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية لإسرائيل وقيامها بإطلاق الصواريخ «الألعاب النارية»، لما أقدمت إسرائيل على مهاجمة قطاع غزة، وهذا لعمري يحمل أكبر تأكيد على أثر وفعل صواريخ المقاومة، التي قضت مضاجع قادة إسرائيل، وأخرجتهم عن طورهم، وأربكت سكان المستوطنات وعقدت حياتهم، وعرضت أمنهم للخطر، فقد لعبت دوراً هاماً في يوميات المعركة، وهو ما يفسر اهتمام قادة العالم بها، والمطالبة المتكررة بضرورة وقفها ومنع إطلاقها، وتجريد المقاومة من قدرتها على امتلاك المزيد من الصواريخ، وهنا نستذكر الحروب الإسرائيلية المتكررة على بلادنا وسكاننا وأرضنا، هل كانت بسبب صواريخ المقاومة، أم كانت بسبب الضعف العربي، والعجز العربي عن مواجهة إسرائيل. فقد طالت صواريخ المقاومة الفلسطينية المستوطنات الإسرائيلية في الجنوب وجنوب الوسط، وقصفت المقاومة بالصواريخ وبقذائف الهاون العديد من المستوطنات مثل كريات جاد وأوفاكيم ونتيفوت ونحال عوز ونير إسحاق وشاعر هنيغيف وعسقلان وأسديروت وسدود هنيغت وأشكول، ومناطق مختلفة من بئر السبع، وتمكنت من قصف قاعدة بالماخيم الجوية الصهيونية بصواريخ غراد، وهي التي تبعد بمسافة خمسين كيلو متراً عن قطاع غزة، وتستخدم لتخزين صواريخ الباتريوت وحيتس المضادة للصواريخ، كما قصفت قاعدة حتسريم العسكرية، وتمكنت صواريخ المقاومة من طراز غراد من إصابة مستعمرة غديرا والمنطقة التي تقع إلى الشمال من مستعمرة كريات ملاخي، وعطلت الحياة العامة في أغلب المدن والمستوطنات الإسرائيلية في جنوبفلسطين، وأدت إلى إغلاق المدارس، وهروب المستوطنين إلى الملاجئ، وفرار القادة الإسرائيليين للاحتماء منها تحت السيارات وخلف الجدران. وأخذت فصائل المقاومة الفلسطينية تتنافس في ما بينها في إطلاق الصواريخ وتصنيعها، وقد أصبح لبعضها مدىً كبير يصل إلى مدينة أسدود وعمق مدينة بئر السبع، وهناك هاجس وخشية لدى المسؤولين العسكريين الإسرائيليين من إمكانية وصول الصواريخ الفلسطينية إلى وسط إسرائيل. وتتفاوت صواريخ المقاومة الفلسطينية بين الصواريخ محلية الصنع كصواريخ القسام، وصواريخ الصمود، وصواريخ القدس والبنا والياسين وناصر والأقصى، والصواريخ المطورة من طراز غراد.