التقى وفد من مسلمي بريطانيا بأحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في إطار زيارة يقوم بها الوفد، الذي ينحدر أعضاؤه من أصول مسلمة، إلى المغرب. واستعرض الوفد على الوزير المغربي بعضا من أوجه برنامج “التعريف بإسلام بريطانيا»، الذي أطلقته الحكومة البريطانية، لتحسين صورة المسلمين البريطانيين والبحث عن تجارب جديدة لمكافحة التطرف والإرهاب. التوفيق، من جانبه، بيّن ملامح التجربة المغربية في مجال محاربة التطرف ومقاربة المملكة فيما يخص وقف انتشار أفكار التطرف خصوصا في أوساط الشباب. الوزير المغربي ركز على دور العلماء في تكوين أئمة المساجد، مبينا ذلك بالدورات التكوينية المتكررة التي تنظمها الوزارة لفائدة أئمة المساجد المغربية تحت إشراف علماء المملكة. صاين مليك، عضوة في الوفد البريطاني من أصول باكستانية، مستشارة لدى وزارة الداخلية مكلفة بملف محاربة الفكر المتطرف والإرهاب، أكدت أن تفجيرات محطات مترو الأنفاق التي شهدتها العاصمة البريطانية لندن سنة 2005، خلفت صدمة كبيرة وغضبا شعبيا سواء من لدن المسلمين أو غيرهم، لأنهم اعتادوا فقط على حدوث الاعتداءات خارج بريطانيا. مليك، قالت ل«المساء»، “إن صدمة البريطانيين كانت نابعة من كون أن منفذي الهجمات كانوا مسلحين ولدوا وترعرعوا في المملكة المتحدة، واستغربوا كيف يمكن لهؤلاء أن يتربى في أعماقهم كل هذا الحقد اتجاه المجتمع البريطاني، ومما زاد من تعقيد الأمور الدور السلبي الذي لعبه الإعلام، والذي كان موجها ضد الإسلام والمسلمين». وأوضحت المستشارة أن الحكومة البريطانية قامت بتمويل برنامج بما يناهز 75 مليون جنيه إسترليني لإعداد مقاربات لمحاربة التطرف والتعريف ب«إسلام بريطانيا»، مشيرة إلى أن زيارة الوفد البريطاني المنحدر من أصول مسلمة تندرج في إطار التعريف بإسلامها في بلدانهم الأصلية، خصوصا في دول كالمغرب وباكستان والهند... صاين قالت إن برنامج التعريف ب«إسلام بريطانيا» يحاور الشباب المسلم والمنحدر من أصول مسلمة، ويتركز العمل معهم في تربيتهم على ثقافة المواطنة والديمقراطية واحترام الآخر والفهم الصحيح للشريعة الإسلامية»، مضيفة أن «الأمر يتعلق بأن المسلمين يشكلون أقلية في بريطانيا، لذلك لا يجب تصوير المواطن البريطاني غير المسلم بكونه عدو أو العكس». وأوضحت أن التجربة البريطانية في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، خصوصا وسط الجالية المنحدرة من أصول مسلمة بنيت على أساس إشراك هذه الجالية في تدبير الملف باعتماد مقاربة تشاركية، مشيرة إلى أنه من بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البريطانية تشكيلها للجنة الوطنية الاستشارية لشؤون المرأة، والتي تتكون من 11 امرأة جميعهن من أصول مسلمة، يقدمن الاستشارة لحكومة المملكة المتحدة حول القضايا المرتبطة بمحاربة التطرف والإرهاب، وإجراء لقاءات بالدول الإسلامية للاستفادة من تجاربها في هذا المجال. وذكرت أن الوفد، المكون من ستة أعضاء جلهم من أصول مسلمة، استفاد من التجربة المغربية في مجال مكافحة التطرف والإرهاب ووقف على التأويل الوسطي للإسلام بالنسبة للمغاربة، و«هذا أمر مهم بالنسبة لمسلمي العالم»، تقول صاين مليك، قبل أن تضيف «المغرب استثمر في الوقت والإمكانيات سواء عن طريق العلماء أو المؤسسات الدينية لتكوين أئمة بما يلائم تطورات العصر الذي نعيش فيه». وأكدت أن الوفد تفاجأ بالمقاربة المغربية التي تختلف بكثير عن مقاربات بعض الدول التي زارها الوفد، خصوصا على مستوى حقوق المرأة والحريات العامة... يذكر أن بريطانيا تضم ما يناهز المليوني مسلم، توفر لهم سلطات المملكة المتحدة حوالي 1500 مسجد، غير أن السنين الأخيرة شهدت تنامي عدد «منظري» الفكر المتطرف الذين اختاروا الاستقرار بالعاصمة البريطانية لندن، التي صارت تعرف في الأدبيات السياسية بلقب “لندنستان».