اضطرت السلطات بالقنيطرة إلى الاستنجاد بمهنيي الصيد التقليدي بميناء «المهدية»، لإجلاء العشرات من المنكوبين الذين مازالوا محاصرين بدواويرهم بجماعة «المكرن» بإقليم القنيطرة، بعد أن غمرتها مياه واديي «بهت» و«سبو» على حد سواء. وشوهدت شاحنات عديدة محملة بالقوارب التقليدية، رفقة بحارة مهدية، وهي تخترق المسالك الطرقية المتردية بمنطقة المناصرة، في اتجاه منطقة قريبة من سد المنع. ووفق معطيات توصلت بها «المساء»، فإن أزيد من 16 قاربا تقليديا حطت رحالها بالجماعة لتغطية العجز الحاصل في وسائل الإنقاذ، وشرعت، منذ يومين، في القيام بحملات تمشيطية بالعديد من الدواوير مثل دوار «البغيلية» و«أولاد شكر» و«أولاد بلخير» و«المحاجبة» و«أولاد عامر» و«الكرش» و«التعاونية الصحراوية»، لإنقاذ المواطنين الذين غمرت منازلهم مياه الفيضانات. وفي الوقت الذي تنفي فيه البلاغات الرسمية وجود وفيات جراء الفيضانات، كشف مصدر موثوق أن مواطنين شاركوا في عملية إنقاذ، عاينوا جثة شخص يلبس جلابة تحملها السيول الجارفة بجماعة «المكرن» إلى وجهة مجهولة، دون أن يتمكنوا من انتشالها. من جهة أخرى، أصدرت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة أمرا باحتجاز مجموعة من أبقار مواطنين منكوبين، كانت قد اقتحمت إحدى الضيعات الفلاحية الخاصة بحثا عن كلأ يخمد نار الجوع الذي أضحى يهددها بالهلاك، بعد أن رفع مالك الضيعة شكاية إلى وكيل الملك، حيث ظلت بالمحجز البلدي، لمدة ثلاثة أيام، توفي خلالها عجل كان قد ولد للتو، قبل أن يتدخل بعض ذوي النوايا الحسنة لإطلاق سراحها، خصوصا وأن الوضع الكارثي بالمنطقة لا يسمح إطلاقا بإصدار مثل هذه القرارات. وقال متحدثون يقطنون بنفس الجماعة في تصريحات متطابقة ل«المساء»، إن منطقتهم تعاني «الحكرة» والحرمان من المساعدات الغذائية وضعف وسائل الإنقاذ وغياب مراكز الإيواء، وعدم تفقد المسؤولين لمناطقهم المنكوبة جراء الفيضانات التي ألحقت خسائر كبيرة بممتلكاتهم وأراضيهم وماشيتهم، وأجبرت العديد منهم على النزوح إلى غابات مجاورة وجماعات قريبة دون تقديم أي دعم لهم، حيث طالبوا والي الجهة بالكف عن تمرير خطاب «كلشي زوين، وعلى ما يرام»، كلما سنحت له الفرصة لتقديم تصريح للقنوات التلفزية، واتخاذ تدابير استعجالية على أرض الواقع، لاسيما وأن الوضع بات يهدد بكارثة اجتماعية وصحية وبيئية خطيرة. وعلمت «المساء» أن العديد من الفاعلين قرروا مراسلة الوالي، بعد تفقدهم لأوضاع العديد من المناطق التي نزح إليها المنكوبون، كمنطقة «كدية سيدي امحمد امعيزة» قرب دوار الحدادة بجماعة أولاد سلامة بإقليم القنيطرة، التي سجلوا بها مبيت الضحايا بالعراء، وفي أحسن الأحوال في خيام بلاستيكية رغم قساوة الأحوال الجوية وغياب المواد الغذائية، التي وزعت كميات قليلة منها ليلا في بعض المناطق، وتدهور الوضع الصحي، مع غياب أية عناية طبية، واللجوء إلى بركة مائية للشرب والنظافة، وانقطاع العديد من التلاميذ عن الدراسة.