اضطرت القوات المسلحة الملكية، منذ أول أمس، إلى تغيير مركز قيادتها بجماعة المكرن، بعدما واصلت سيول الفيضانات زحفها على المنطقة، وغمرت ما تبقى منها، في مشهد أعاد رسم صور مأساة العام المنصرم. وحول الجيش نقطة انطلاق عمليات إجلاء المنكوبين المحاصرين بدواوير البغيلية والمحاجبة وأولاد موسى وتعاونيات السلام واليوسفية والخير وقرية أولاد عامر بهت حيث استقرت عناصره بجماعة أولاد سلامة، التي أضحت المياه الجارفة على مرمى حجر منها هي الأخرى. واستعانت القوات المسلحة، لتغطية النقص الحاصل في آليات النقل المائي، بقواربها الحديدية، التي ظلت مرابطة بمحيط القرى والمداشر المطوقة بالمياه، التي رفض سكانها مغادرتها، لضمان وصول الإمدادات والمساعدات الغذائية إليهم، والتدخل، إلى جانب عناصر الوقاية المدنية، في حال تعرض المحاصرين لخطر حقيقي يهدد حياتهم. وشوهدت عشرات الشاحنات العسكرية وهي تعبر الطريق المؤدية إلى جماعتي المكرن والصفصاف، قبل أن تعود مجددا إلى مخيمات اللاجئين، محملة بعشرات الفارين من الفيضانات، بينهم نساء وأطفال وشيوخ. في الوقت الذي تأهبت فيه سيارات الإسعاف، التابعة للقيادة الجهوية للوقاية المدنية لنقل المرضى والحوامل إلى المركز الاستشفائي الجهوي بالقنيطرة، وكشف مصدر مسؤول أن حوالي أربعنساء من ضحايا الفيضانات نقلن إلى قسم الولادة بالمركز نفسه، ولقين عناية خاصة، بعدما اشتد بهن المخاض، ووضعن مواليدهن في ظروف صحية جيدة. وأوضح مصدر طبي أن العديد من الأطقم الطبيية متعددة الاختصاصات شرعت في مباشرة مهامها، في إطار نظام المداومة، بجميع المخيمات التي خصصت لإيواء المنكوبين، واستنفرت عناصرها لمواجهة احتمال انتشار الأمراض المتنقلة والأوبئة، مشيرا إلى أن أزيد من 160 لاجئا يتم إخضاعهم يوميا للكشف الطبي. وقال المصدر ذاته إن المندوبية الجهوية اتخذت عدة تدابير احترازية، وقامت بتوفير كل الأدوية التي يحتاجها ذوو الأمراض المزمنة، كالسكري والربو، فيما تم خلق خلية عهد إليها بتتبع الحالة الصحية للحوامل عن كثب. في حين كشفت مصادر أخرى أن اللاجئين امتنعوا عن تلقي التلقيح المضاد لأنفلوانزا الخنازير، وذكرت أنه بالرغم من الحملات الدعائية التي أعلنتها المصالح الطبية داخل هذه المخيمات، فلحد الآن لم يعرب أي من قاطني الملاجئ عن رغبته في هذا التلقيح. وعلى صعيد ذي صلة، استدعت السلطات «القايدات»، المتدربات بمدرسة استكمال تكوين أطر وزارة الداخلية بالقاعدة الجوية العسكرية، إلى مخيمات المنزه بغابة المعمورة، وأوكلت إليهن مهمة إحصاء الأطفال المتمدرسين، الذين أجبرتهم الفيضانات على الانقطاع عن الدراسة، حيث من المنتظر، وفق ما كشفت عنه نيابة التعليم بالقنيطرة،أن يتم تشييد خيم كبيرة، في شكل أقسام وحجرات دراسية، لضمان مواصلة التلاميذ لدراستهم ومحاربة الهدر المدرسي. وعلمت «المساء» أن المصالح المختصة أشعرت رجال التعليم المعنيين بهذه الإجراءات، التي يرجح البدء في تنفيذها الأسبوع القادم، بضرورة الالتحاق بالمخيمات المذكورة، والاستعداد للشروع في إلقاء دروسهم لتدارك ما فات.