وُلدت الشهيدة ثريا الشاوي -وفق ما ورد في كتاب عبد الحق المريني- في 14 دجنبر 1937 في حومة القلقليين القديمة في مدينة فاس. تربّت في حضن أبوين قاما برعايتها و احتضان ذكائها، وأيضا مواكبة شغفها الطفولي بالطيران بالحنان والتشجيع والتقدير.. حيث تميزت سنوات عمرها الأولى بنباهة وذكاء قلّ نظيرهما بين أقرانها في تلك الفترة، وخاصة ما تعلق بعزوفها عن اللعب واللهو والتسلية رفقة ممن كانوا في سنها، مقابل الولع الشديد بالألعاب الميكانيكية الصّغيرة، كالطائرات وغيرها. حلم الطيران كان حلم الطيران حلمَ طفولة بعيدة بالنسبة إلى ثريا الشاوي، إذ إنه في وقتها لم يكن الأمر يعدو حلما لا يتعدّى أن يكون خيالا، لكنّ الأمر كان بالنسبة إليها حلما يمكن تحقيقه وتحدي كلّ الصعاب لأجل كسب الرّهان وإثبات الذات بركوب الطائرة وقيادتها في فترة لم تكن المرأة الأوربية نفسُها قد قامت بذلك.. ولأجل ذلك، واصلت ثريا مشوارها الدراسي بتفوق، إلى أن حصلت على شهادة الطيران سنة 1951، لتصبح بذلك أولَ طيارة في العالم العربي الإسلامي. فقد ثريا استطاعت -بفضل إصرارها على النجاح- أن تسبق الرجال وتكون «طيارا» جديرا بالاحترام والتقدير، بأن تغلبت على كل المعيقات لتثبت أنها قادرة على تحمّل مسئولية طائرة وركابها في سنوات الخمسينيات!..
نضال وكفاح كافحت ثريا وناضلت ودافعت عن حقوق وطنها المغصوبة، وفتحت في وجه الفتاة المغربية باباً من أبواب تطورها وتقدّمها. وقد أرادت بذلك أن ترسم لها أروع الأمثلة في التضحية والبسالة والإقدام، ف»طارت» محلقة في سماء المغرب.. إلى جانب اهتماماتها الأخرى، فقد مثلت على خشبات المسرح المغربي، وكتبت وخطبت في حفلات عيد العرش، وواصلت الخطى، حتى صوبت نحوها يد آثمة رصاصة في يوم من الأيام، التي عملت من أجلها، وناضلت لأجل استعادة الحرية والعزة والكرامة، فجعلت منها تلك الرّصاصة شهيدة من شهداء الوطن. فداءا للوطن كان لثريا الشاوي شرف الاستشهاد إبان فترة الاستعمار، وكانت بذلك أولَ امرأة عربية تعمل كربّان طائرة تستشهد فداء لوطنها وأمّتها العربية المسلمة.