محمد البلوطي، 37 سنة، مواطن فرنسي من عندنا. إنسان مسالم، وديع، منخرط في نسيج المجتمع الفرنسي بحيث تنطبق عليه كل مستلزمات ومواصفات “لانتيغراسيون”، الاندماج. وسيم ويتكلم الفرنسية من دون لكنة أمازيغية أو عروبية. في 14 من شهر أبريل من عام 2005، تحديدا على الساعة الرابعة والنصف، وهو على متن سيارة من نوع بي- إم( “إلى زادت البي-إم كحزوا لبهايم” كما تقول الشيخة الرويدة)، في ساحة لاكونكورد، دخل فيه سائق يقود دراجة نارية من نوع سكوتير، قبل أن يلوذ بالفرار ويقلز ليه! تمكن محمد البلوطي من تسجيل رقم اللوحة المعدنية للدراجة النارية وليبلغ بعد ذلك الشرطة بالحادث ويسلمها رقم اللوحة. بعد الكونستا وما تلاها من إجراءات رفع دعوى ضد الهارب الذي تنطبق عليه قانونيا جنحة الهروب. بعد فحص رقم اللوحة، أثبتت التحريات أن الدراجة النارية في ملكية.. جان ساركوزي، الابن الأصغر للرئيس الفرنسي، وهو طالب في السنة الثانية من ليسانس الحقوق بجامعة السوربون، ويشغل، بالرغم من أن حليب مو بين ضراسو (لا يزال ابن 23 ربيعا)، منصب مستشار عام لجهة ليهوت-سين، ورئيس التجمع من أجل حركة شعبية-الوسط الجديد. ليست المرة الأولى التي تنهض فيها قربالة بسبب سكوتير ولد ساركوزي. لما كان والده وزيرا للداخلية، سرق منه السكوتير لتستنفر أجهزة البوليس، مستعملة إمكانيات جديرة بتحريات ال”إف-بي-آي”، مثل تحليل الحامض المنوي لبعض الأشخاص. في البداية، ولإسدال الستار على وقائع هذا الحادث، طالب محمد البلوطي جان ساركوزي بتعويض الخسارة، التي قومتها شركة التأمين بمبلغ 260 أورو. لكن جان ساركوزي “اعتلى” هذه المرة “عود حارن”، ليصرح بأن لا علاقة له بالحادث وأنه لن يؤدي ولو سنتيما للمدعي. بعد أن رفعت القضية إلى المحكمة، كما يحدث في المسرحيات العبثية المفاجئة، تمت تبرئة ساحة جان ساركوزي ليحكم على محمد البلوطي بغرامة مبلغها 2000 أورو، بحجة “تصرفه العنيد والمغالى فيه”، فيما القانون الفرنسي لا يعرف ولا يعترف بمثل هذه الأحكام . منذ إعلان هذا الحكم، دخلت الأطراف في مسلسل شد لي نقطع ليك، تمترس جان ساركوزي في رفضه وغطرسته، حكمت المحكمة بتبييضه، فيما ندد محمد البلوطي بالمسلسل العنكبوتي الذي حاكته من حوله العديد من الأطراف القضائية والجنائية، رغبة في “تأديبه”. وجد نفسه أمام عدالة الكيل بمكيالين التي نجدها سارية المفعول في بعض البلدان المحكومة بأمر الطاغية. وجد نفسه أمام مواطن استثنائي تقف من ورائه في الخفاء بحسب ما صرح به للموقع الإلكتروني leposte.fr، التابع لجريدة لوموند، رشيدة داتي ونيكولا ساركوزي. “لو كان محمد البلوطي صدم سكوتير جان ساركوزي لانطبق عليه القانون بحذافيره وحرفياته” يشير محامي المدعي. من حسن طالع البلوطي أنه وجد الدعم لدى بعض المنظمات الحقوقية والإعلامية التي هبت لمساندته ماديا ومعنويا. أنشأت لجنة للدفاع عنه موقعا إلكترونيا بعنوان: www.bellouti-soutien.com، فيما دشنت حملة تبرعات لصالحه. وهو طالب، تابع جان ساركوزي دروسا في المسرح والسينما. ولولا تعاطيه للسياسة وارتمائه في الحملة الانتخابية التي أصبح بموجبها أحد الشخصيات السياسية النافذة في منطقة نوييه، أغنى منطقة في باريس، لكان قد أدى أحد الأدوار الساخرة التي عرضت عليه لاستنساخ بهلوانيات الهزلي الفرنسي لوي دو فيناس. أما محمد البلوطي، فيعيش في انتظار قرار الحكم الاستئنافي الذي ستنطق به المحكمة يوم 5 مارس، وعلى المباشر منذ عام 2005، فصولا من مسلسل هزلي-عبثي في عنوان “ما تقيش ولد الرئيس”.