عقد قرار إحداث عمالة بمنطقة الريف، إلى جانب 12 عمالة أخرى جديدة بالمملكة، الوضع في ضواحي الناظور. فقد أدى الإعلان عن «منح» العمالة لبلدة الدريوش إلى غضب لا يزال متواصلا في بلدة ميضار المجاورة. الاحتجاجات بدأت بتجمعات جماهيرية ووصلت إلى تنظيم اعتصامات ومسيرات وإضراب عام من قبل ساكنة هذه البلدة. وفي الوقت الذي يقول فيه منتخبون في بلدية الدريوش إنهم توصلوا إلى حل وسط بين الطرفين تحت إشراف السلطات، يقضي ببناء مقر العمالة في منطقة تتوسط البلدتين، تشير تنسيقية للجمعيات المحلية إلى أن بلدة ميضار أحق بهذا «المكسب». التسيقية تطالب بالاشتراك في عمالة الدريوش وجعل مقرها بميضار. ويرى الغاضبون من القرار أنها تتوفر على مؤهلات اقتصادية واجتماعية لا تتوفر عليها الدريوش. بينما يرى أحد الفاعلين الجمعويين بمدينة الناظور أن «الصراع» بين البلدتين يكتسي أبعادا تاريخية وأخرى قبلية، ويطفو كلما «سنحت» له الظروف. ويتهم المحتجون من يسمونهم ب«سماسرة الانتخابات» بالضغط في اتجاه «حرمان» هذه البلدة من عمالة، مسجلين أن هذا المشروع اقترح ضمن خطة للتنمية وإعداد المجال بالجهة الشرقية المنجزة سنة 2003 من طرف وزارة إعداد التراب الوطني بناء على «المؤشرات الإيجابية» التي تتوفر عليها دائرة الريف. ودعت «تنسيقية الريف الأوسط للفعاليات السياسية والحقوقية والجمعوية»، في بلاغ لها، «أبناء دائرة الريف إلى الوقوف بثبات في وجه سياسة القمع والتهميش والإقصاء والحكرة». ولم يبق هذا الصراع منحصرا في المنطقة، بل وصلت «شظاياه» إلى دول أوربية تعرف وجود جالية شمال المغرب بها. ووجهت رابطة الريف بأوربا رسائل لكل من وزارة الداخلية والديوان الملكي، تدعو من خلالها الجهات المسؤولة إلى مراجعة قرار منح العمالة لبلدية الدريوش على حساب بلدية ميضار باعتبارها، حسب بلاغ الرابطة، ثاني قطب مالي بإقليم الناظور من حيث المدخرات، ونظرا إلى كونها تشكل نقطة جذب لإستثمارات أبناء الريف المقيمين بالخارج الذين يحولون أموالاً مهمة من العملة الصعبة. وفي السياق ذاته، دخل نشطاء «الحكم الذاتي في الريف» على خط هذا الصراع، مطالبين «الجميع في جماعتي ميضار والدريوش إلى العمل الموحد من أجل نظام للحكم الذاتي للريف، يخول للريفيين وضع سياساتهم الحرة في إدارة التراب الريفي». وقالت التنسيقية العامة لما يعرف ب«الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف» إن التقسيم الترابي والإداري الأخير أدى إلى استمرار ما سمته ب«تدمير» البنية الاجتماعية الريفية». واستغلت هذه الحركة هذا الصراع لتجدد مطلب «الحكم الذاتي لبلاد الريف» كحل يمكن من تجاوز «سياسة الإقصاء والتهميش التي استمرت لأزيد من نصف قرن».