بالرغم من أن مدونة السير المثيرة للجدل أبقت على عقوبات مشددة بالنسبة إلى السائقين الذين يتم ضبطهم في حالة السكر، فإن هذه العقوبة التي تصل إلى حد السجن سنة واحدة وغرامة مالية 10.000 درهم، تبدو غير قادرة على إيقاف زحف الجعة التي تحولت إلى مادة استهلاكية أساسية بالنسبة إلى عدد كبير من السائقين. المغاربة يفرغون في بطونهم حوالي 40 مليون لتر من الخمر بجميع أنواعه سنويا، ونسبة مهمة من هؤلاء يحولون سياراتهم إلى حانات خاصة، كما أن عددا كبيرا من المغاربة يلقون حتفهم يوميا، أو يصابون بعاهات مستديمة نتيجة الحانات المتنقلة والتي تجوب طرق المملكة، بحثا عن مكان هادئ أو منظر طبيعي. مدونة السير الجديدة ستدخل غمار مواجهة غير متكافئة مع البيرة، حسب مسؤول أمني أكد أن تشديد العقوبة أمر غير كاف لمواجهة الظاهرة، وان تطبيقها سيخضع لمنطق «لي حصل يودي». فمدونة غلاب ورغم إبقائها على عقوبات مشددة في حالة السياقة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، وذلك بحبس الشخص المعني بهذه المخالفة لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة واحدة وأداء غرامة مالية قدرها ما بين 5000 و10.000 درهم، وتوقيف رخصة السياقة لفترة تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة واحدة، فإنها لم توضح الكيفية التي سيتم بها ضبط السائقين في حالة سكر، هل سيكون ذلك بالترصد أمام الأسواق الممتازة التي تبيع الخمر من أجل إيقاف السائق متلبسا بتهمة الشروع في السكر؟ أو سيتم وضع حواجز تفتيش في الطرق، كما يتم في كل رأس سنة ميلادية، أم إن وزارة النقل ستقوم بتوزيع دورية تطلب من مصالح الأمن توظيف عناصر تتمتع بحاسة شم قوية، في غياب الوسائل التي تمكن من ضبط نسبة الكحول في دم السائقين. ظاهرة «البيران» المتنقلة زادت وتيرتها في السنوات الأخيرة، وأصحابها غالبا ما يرغبون في تفادي ضجيج الحانات الثابتة، والتمتع بمراوغة الحفر والبشر على الطرقات. كما أن يوم السبت يكون خاصا بأصحاب الحانات ذات العجلات، حيث أصبح عدد كبير من المواطنين يمتنعون عن السياقة مع بداية الليل، خوفا من أن يتحولوا إلى ضحايا لسائق ترك المقود لفتح قنينة، أو البحث عن جعة مخبأة تحت كرسيه. الجعة التي تأتي على رأس القائمة بالنسبة إلى المشروبات الكحولية التي يستهلكها المغاربة تبقى وفية لمبدأ تقريب الخدمات من المواطنين، حيث تتوفر على أزيد من 60 ألف نقطة بيع موزعة على أنحاء المغرب، وهو ما يعادل 4 نقط بيع لكل 1000 مواطن، رقم لم تستطع أن تحققه المراكز الصحية أو مراكز الشرطة، ولا حتى الصيدليات. المغرب الذي ينزعج كثيرا من وضعه في مراتب متأخرة في التقارير التي تنجزها المنظمات والمعاهد الدولية تفوق في هذا المجال على فرنسا، التي توفر نقطة بيع واحدة فقط لكل 10 آلاف نسمة حسب دراسة أنجزها المهندس نور الدين بلفلاح. كما أن بعض نقط البيع وحرصا على النظام تستعين أحيانا بعناصر من الأمن من أجل فرض الانضباط في الطابور الطويل الذي ينتظر دوره للحصول على حصته اليومية من الجعة. العقوبة المغربية تبقى متسامحة مقارنة مع دول أخرى مثل أمريكا وكندا التي تسحب فيها رخصة أي سائق ضبط في حالة سكر لمدة تفوق سنتين، مع غرامة تقدر ب10 ملايين سنتيم.