تحولت فرحة أكثر من 230 مرشحا للعمرة من مدن طنجة والعرائش والقصر الكبير ومناطق شمالية أخرى، فجأة، إلى صدمة قوية، تسببت فيها وكالة أسفار احترفت عمليات نصب أصغر حجما قبل أن تعد العدة ل«ضربة العمر»، ويعمد أصحابها إلى الفرار تاركين الضحايا حيارى. القصة بدأت قبل أشهر عندما قرر أكثر من 230 شخصا التوجه إلى وكالة الأسفار «كتبية» في طنجة، التي احترفت تنظيم الرحلات السياحية ورحلات العمرة منذ 30 عاما، مستندين إلى ما اعتبروه سمعتها الطيبة التي اكتسبتها على مدى سنين طويلة والتي كانت الأساس الذي بُنيت عليه من قبل مؤسسها ووالد المتهمين الرئيسيين في عملية النصب. لم يكن المرشحون للعمرة يعلمون بأن مسير الوكالة، المدعو «ع.ح»، متورط في عمليات نصب لن تنكشف إلا بعد أن «تقع الفأس في الرأس»، حيث توجهوا لأداء تكاليف الرحلة، التي تبدأ من 20 ألفا و500 درهم لتصل إلى 50 ألف درهم، حسب شروط الرحلة والإقامة التي تعهدت الوكالة بتوفيرها، بل إن أزواجا دفعوا 100 ألف درهم من أجل أن يقضوا شهر رمضان في البقاع المقدسة، قبل أن يصدموا بالحقيقة المرة. كان من المفروض أن تتم الرحلات على دفعتين خلال يومين متتاليين، الأولى يوم الأربعاء 3 يوليوز، والثانية يوم الخميس 4 يوليوز؛ فانتقل عدد من المرشحين إلى الوكالة لتسلم جوازاتهم، لكنهم لم يجدوا المسؤول الأول عن الوكالة، فأخذ مستخدموها يسوقون مبررات من قبيل وجود مشاكل مع شركة الطيران... وطلبوا منهم العودة في اليوم الموالي. وعند رجوع المعنيين إلى الوكالة سيفاجؤون بظهور مشاكل جديدة، حيث إن الجوازات التي سلمت إلى بعضهم تحمل تأشيرات على وشك الانتهاء، لتزيد تبريرات مستخدمي الوكالة ارتجالا، مقترحين على 42 شخصا العودة في اليوم الموالي ليسافروا عبر مطار الدارالبيضاء، قصد تدارك المدة الوجيزة المتبقية من الفترة التي تتيحها التأشيرة، وهي مراوغات كان القصد منها التمكن من إخلاء الوكالة، ومن ثم الفرار. ومساء الأربعاء، قدم المرشحون بلباس العمرة استعدادا للسفر، وانتظروا 5 ساعات دون جدوى، مما أثار احتجاجاتهم. كل ذلك حصل والمسؤول الأول عن الوكالة مختف عن الأنظار وهاتفه مقفل. وستكتمل فصول الصدمة يوم الخميس عندما سيأتي باقي المرشحين ويحاولون الاتصال بمسؤولي الوكالة الذين أقفلوا هواتفهم، فيما صدر الجواب الوحيد من شقيقة المسير الأول للوكالة وشريكته في التسيير، «ع.ح»، التي قالت للضحايا بكل برودة دم «مستعدون لإعطائكم جوازاتكم، لكن الأموال لن تعود.. واللي بغيتو تديروه ديروه». وسارع الضحايا إلى توقيع عريضة ضمت 230 اسما، وأرفقوها بشكاية وجهت إلى وكيل الملك الذي أصدر قرارا بمنع المتورطين من السفر وضبطهم وإحضارهم، كما وضعت شكايات لدى الفرقة الولائية للشرطة القضائية. وقال المتضررون إن مسؤولين أمنيين أكدوا لهم أن اسمي مدبر عملية النصب وشقيقته لم يسجلا في كشوفات المغادرين للتراب الوطني عبر المطارات المغربية، مما يرجح بقوة إمكانية بقائهما في المغرب. واكتشف الضحايا أن المسير الأول للوكالة قضى عقوبة حبسية لشهرين على خلفية منح شيكات بدون رصيد، وأنه متورط في عمليات نصب سابقة على المعتمرين، وقامت إدارة الحج والعمرة في السعودية إثر ذلك بتغريمه بعدما أخلف وعده لمعتمرين، حيث أنزلهم بفنادق بعيدة عن الحرم المكي، عكس ما التزم به، بالإضافة إلى عملية نصب على معتمرين آخرين اتفق معهم على نقلهم إيابا على متن الخط الجوي «المدينة-طنجة»، ليجدوا أنفسهم ملزمين بالعودة عبر خط «جدة-فاس»، وكان قصده من ذلك طبعا هو الظفر بهامش ربح أكبر. ويتساءل المتضررون عن سر عدم سحب وزارة السياحة الترخيص من الوكالة المعنية، رغم معرفة مندوبها في طنجة بعمليات النصب المتكررة لصاحبها، واعترافه بها أمام الضحايا، حسب قولهم، وبدل التدخل لإنصافهم عمد إلى انتقاد اختيارهم ل»وكالة تحترف النصب»!.. وهو ما حدا بهم إلى القول بأن المسؤول المباشر عن ذلك هو وزارة السياحة.