لم تتمكن محكمة جرائم الأموال في استئنافية الرباط من مواصلة الاستماع إلى المستثمر التونسي، الذي اتهم نجيب البقاش، قاضي طنجة، بالارتشاء، بعد انهيار مفاجئ لهذا الأخير، إثر وعكة صحية جعلته يغيب جزئيا عن الوعي.. واضطرّ رئيس الهيئة إلى رفع جلسة أول أمس بشكل مؤقت، دقائقَ قليلة بعد الشروع في الاستماع إلى المشتكي، بعد أن كاد القاضي المتهم يسقط على وجهه أثناء مثوله أمام الهيئة، قبل أن يتدخل دفاعه لإنقاذ الوضع، حيث تم جلب كرسي ورشّه بكمية من الماء لإنعاشه.. فيما تم رفع الجلسة إلى حين التأكد من وضعه الصّحي. ولم تنفع الدقائق التي مُنحت كراحة للمتهم، الذي يتابَع في حالة سراح، في استرداده عافيته، حيث حرص رئيس الهيئة مباشرة بعد انعقاد الجلسة، على التأكد من أن وضعه الصحي يسمح له باستيعاب وقائع المحاكمة للدفاع عن نفسه وتتبع أقوال المشتكي، قبل أن يطلب من كاتب الضبط أن يسجّل أن الحالة الصحية للمتهم لا تسمح بالاسترسال في المحاكمة. كما أشار رئيس الهيئة إلى وجود التزامات عائلية لدى المشتكي ستدفعه للسفر إلى بريطانيا، ليقرر تأخير المحاكمة إلى غاية 16 شتنبر المقبل. وعلمت «المساء» أن قاضي طنجة أصيب بحالة إغماء أخرى فور مغادرته المحكمة، ليتم نقله إلى مصحة خاصة في الرباط، حيث شُخّصت حالته على أنها انخفاض كبير في نسبة السّكر في الدم، ما كان سيتسبب له في حالة غيبوبة.. وكان رجل الأعمال التونسي الذي فجّر هذه القضية، بكل ما رافقها من جدل، قد مَثُل أول أمس، أمام المحكمة، للاستماع إلى أقواله، وأكد انه كان على نزاع مع شركائه، وأنه جرّب حلّ هذه المشاكل من خلال أحد الأشخاص، قبل أن يلجأ إلى القاضي المتهم، بحكم الصّداقة التي كانت تربطه به، وبعد أن عرض عليه المشاكل التي يعاني منها طلب تدخله، ليقوم هذا الأخير -حسب تصريحات المواطن التونسي- بإخطاره في ما بعد، بأن الأشخاص الذين ينازعونه يطلبون 20 مليون سنتيم، وقال إن هذا الاقتراح لم يرُقه. وبدا لافتا أنّ المشتكي كان يسرد وقائع حدثت في أزمنة مختلفة، إضافة إلى تفاصيل لا رابط بينها، ما جعل القاضي يتدخل في أكثر من مناسبة، لإعادة سرد ما يقوله عليه، من أجل تأكيد تصريحاته، خاصة بعد أن قدّم أرقاما متضاربة حول قيمة المَبالغ التي طُلِبت منه.. ولم يتطرّق المشتكي لتفاصيل لجوئه إلى وزير العدل ولا للوقائع التي حدثت بعد ذلك، إثر الوعكة الصحة التي ألمّت بالمتهم، ما جعل المحكمة تقرّر تأجيل المحاكمة. وعرفت الجلسة احتجاج دفاع نجيب البقاش على ما وصفه ب»الزلزال» الذي عرفته القضية، بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران حول هذا الملف، والتي اعتبر الدفاع أنها تشكل جريمة، لذا قرّر اللجوء إلى مقاضاة رئيس الحكومة، حيث سيتم تقديم شكاية ضده إلى الوكيل العامّ لدى محكمة النقض، حسب ما أكد المحامي الحبيب حجي. وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد اعتقلت، يوم 19 يناير 2012، القاضي البقاش بتهمة حيازة مَبلغ مالي حدّدته في 20 مليون سنتيم مشتبَه في تحصيلها من رشوة.