تعتقد الكثير من الأسَر أنّ العطلة الصيفية هي فسحة للابتعاد عن الدّراسة والتخلص من أعباء المراجعة والدروس الخصوصية.. وأيضا فرصة ليتخلى الشاب أو الفتاة عن كل ما له علاقة بالمدرسة.. حيث يلاحَظ «هجران» العديد من التلاميذ والطلبة، وحتى الأطفال، القراءة بمجرّد انتهاء الامتحانات، ولكنْ سرعان ما تتبدّد أمنياتهم في الشعور بالرّاحة، بسبب كثرة أوقات الفراغ، التي غالبا ما تكون بين اللعب واللهو، والتي قد توقع الأطفال في المشاكل، بسبب سوء استغلال الكثير من الأسَر فترة العطلة الصيفية.. ولأجل ذلك تؤكد أمينة دومار(أستاذة اللغة الفرنسية ومهتمّة بالشأن التربوي) أنّ العزوف عن القراءة في فصل الصيف يعود إلى أنه يطلب من الطفل، ومنذ نعومة أظافره، فقط أن يحفظ دروسه، فليس في حياته قراءة خارج المدرسة.. فلم يتعود أن يُهدَى إليه كتاب أو أن يشترى كتاب.. حتى إنه لم يتعود أن يرى والديه وفي أيديهما كتاب يقرآنه أو مجلة علمية يطالعانها.. وتوضح «دومار» بقولها إن المدرسة ليست المصدرَ الوحيد للحصول على العلم والتثقيف الذاتي، وتتساءل عن الفرْق بين المتعلم والأمّي، إن كان كلاهما يشتركان في عدم اهتمامهما بالقراءة، لذلك ترى أنه من المُستحَبّ أن تلتزم الأسرة في الصيف بالقراءة ومناقشة ما تقرأ ومن الوسائل المعينة على القراءة: -وجود مكتبة في البيت ولو صغيرة؛ -التقليل من ساعات مشاهدة الفضائيات التي تستهلك الوقت الكبير؛ -السماح للطفل بطرح ما فهمه مما قرأه أمام والديه، مما يشجعه على متابعة القراءة؛ -تخصيص نصف ساعة في اليوم لقراءة كتاب، مما يعني قراءة خمسة عشر ساعة أسبوعيا ومائة وثمانون ساعة سنويا.. حيث أن الكتاب متوسط الحجم لا يحتاج إلا إلى عشر ساعات لقراءته، وبالتالي إنْ واظب الطفل على ذلك ففي مقدروه أن يقرأ في العام الواحد ثمانية عشر كتابا! وفي ما يتعلق بالواجبات المدرسية خلال العطلة الصيفية، أكدت المهتمة بالشأن التربوي على أهميتها، شرط ألا تكون فروضُ عطلة الصيف كثيرة جدّا، لأن القصد منها هو مراجعة بسيطة لبرنامج السنة الدراسية الماضية لمساعدة التلميذ حتى لا ينسى ما تَعَلّمه وأن يكون مُستعدّا للسنة الدراسية المقبلة، كما لها أهمية في تعلم الطفل طريقة صحيحة لتنظيم وقته وإنجاز الأمور التي لا يحبها كثيرا» من دون أي تذمّر.. لذلك، ترى «دومار» أنّ على الأم، خاصة، تشجيع الطفل على إنجاز فروضه بإتباع النصائح التالية: -نظمي مع طفلك برنامجا لإنجاز الفروض، ولا تقومي بذلك من دون استشارة طفلك بل اجلسا معا ونظّما الفروض على أن يستطيع أن يُنهيها في الوقت المطلوب؛ -لا تدَعي طفلك يترك فروضه إلى آخر أسبوع من العطلة الصيفية، دعيه يبدأ بعد انتهاء السنة الدراسية، فالمعلومات تكون ما تزال «واضحة» في ذهنه.. -شجّعي طفلك على قراءة الكتب حتى إنْ لم يكن ذلك ضمن البرنامج المدرسيّ للعطلة الصيفية؛ -اشتري لطفلك الكتب التي يختارها وحوّلي قراءتها إلى «متعة»، اقرآ معاً ومثلا أدوار شخصيات القصّة... وأخيرا، تقول دومار، ساعدي طفلك في فروضه واجعلي منها جزءا من يومياته في أيام الصيف. الأنشطة العائلية حول دور الأم في استغلال العطلة الصيفية وتحمّلها هذه المسؤولية تقول أمينة دومار إن دور الأم ليس سهلاً ويحتاج كثيرا من التضحيات، بوصفها مسؤولة، إلى جانب الأب طبعا وبشكل كامل، عن الأبناء طيلة اليوم ليلا ونهارا، وهذا من وجهة نظرها يحرمها من أمور تراها جزءاً من حياتها الخاصة، وهنا تسعى إلى وجود من يشاركها في هذه المسؤولية، لذلك نجد معظم الأمهات يبحثن عن مخيّمات صيفية وأنشطة كثيرة لشغل أوقات فراغ الأبناء. وقالت محدّثتنا إن هناك العديد من الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف، وهو المشاركة في الأنشطة العائلية، التي يشترك فيها كل أفراد الأسرة، وهي من الممكن أن تحصل على عطلتها السنوية في توقيت عطلة الأبناء، وعلى كل أمّ أن تعيَّ جيدا أن أكثر إنسان يحتاج إليها هو هذا الابن.. التخطيط للعطلة بخصوص التخطيط للعطلة وتقديم أفكار مقترَحة لاستغلال هذه الفترة تقول المهتمة بالشأن التربوي إنّ الاستفادة من أوقات الفراغ التي يعيشها الطفل خلال الإجازة الصيفية أمرٌ ضروريّ، ولتحقيق أفضلها لا بد من التخطيط الجيّد والمُسبَق لهذه الإجازة وشغل وقت الطفل بكل ما هو مفيد له ولمستقبله. فحياة الطفل، وفق دومار دائما، يجب أن تكون فيها أمور مهمة ومفيدة، فهناك سنوات تعلُّمٍ، يكتسب فيها الطفل الخبرات الأكاديمية والاجتماعية، وهذه الخبرات تكون إمّا عن طريق سنوات الدراسة أو من خلال اللعب والتعاطي مع الآخرين، وكلما كانت البيئة التي ينشأ فيها الطفل صالحة كانت هذه المكتسبات مفيدة وتعمل على ترسيخ القيم وتساهم في بناء الشّخصية لتنتج شخصا واعيا، صالحا لأهله ولمجتمعه.. وقالت دومار إنه في العطلة الصيفية يتوقف الطفل عن التعلم الأكاديمي وعن ملء وقته في إنجاز الواجبات المدرسية، الأمر الذي يجعل عنده وقت فراغ كبير، لذا لا بدّ من التفكير في كيفية الاستعاضة عن هذه الأمور بنشاط يكون له القدْرُ نفسُه من الفائدة، وهنا يتجلى دور الأهل، الذين تقع عليهم مسؤولية التخطيط المسبق والبناء، فهناك آباء يعتبرون أنّ وقت الإجازة يجب أن يكون استمرارية لوقت المدرسة، وعلى الطفل أن يقضيّ وقته في التعلم، وآخرون يعتبرون أنّ اللعب العشوائي هو الحلّ الأمثل لقضاء إجازة مُسلية، ومنهم من يظنون أنّ التفكير في قضاء العطلة لا يحتاج إلى تخطيط، ويتركون الأمور تسير كيفما اتفق، بحجّة أنهم عندما كانوا صغارا لم يكن هناك من يخطط لهم عطلهم.. وهنا تكمن المشكلة، فما «يُضيع» فيه الأطفال وقتهم اليوم لم يكن موجودا أصلا في أيام طفولة الآباء.. كما أنّ كل الظروف الحياتية والاجتماعية هي في تغيّر مستمرّ، لذا يجب التنبّه إلى هذا الأمر والتعاطي معه بحِكمة.