من المعروف أنّ العديد من الأطفال «يتقاعسون» عن أداء واجباتهم المدرسية، فيؤجّلون كتابة تمارينهم وحفظ دروسهم بمُبرّر إنجازها في ما بعد.. وبالطبع، فإن هذا الأمر يسبب الكثير من المشاكل للأطفال ويجعل مستوى تحصيلهم الدراسي أقلَّ بكثير من نظرائهم في الدراسة. تقول أمينة دومار، أستاذة اللغة الفرنسية والمهتمة بالشأن التربوي، إن الواجبات المنزلية -كما يشير إلى ذلك المختصون- هي وسيلة لتعزيز التعلم، تتضمن عملا أو مجموعة أعمال يختارها المعلم ويكلف تلامذته بتنفيذها خارج ساعات الدوام المدرسي، وهي في مجموعها أنشطة تعليمية اكتسبها التلميذ في المدرسة ويُطَلب منه تنفيذها في البيت، بهدف إنجازها بإتقان. ويمكن التخلص من عادة «التأجيل» عند الأطفال باكتشاف السبب الحقيقي الكامن وراء هذه «العادة»، ثم وضع خطة مناسبة للتغلب عليها. وتعزو دومار ذلك «التّأحيل» إلى أنّ الكثير من الأطفال ينظرون إلى المدرسة بكونها مكانا تقيَّد فيه حريتهم في اللعب والمرح، كما هو الشأن في البيت، خاصة أنّ الواجبات المدرسية لا تنتهي مع قدوم عطلة منتصف السنة الدراسية أو عند نهايتها، حيث يكلف المعلمون والأساتذة الأطفالَ بواجبات مدرسية مكثفة، مما يجعلها تخترق أجواءهم الأسرية وتعكّر صفوها، حيث يعتبر الواحد منهم أنها «تسرق» منهم وقتهم الحر والمخصص للمتعة واللهو، الأمر الذي لا يروق لهم ويعتبرونه امتدادا للنظام المدرسي «الصارم»، الذي يتعارض مع راحتهم وميولهم واحتياجاتهم.. وتضيف أمينة دومار أنه رغم الجهد الذي يبذله الوالدان مع أطفالهما من أجل حلّ الواجبات المدرسية في البيت، فإن الأبناء يحاولون «التهرّب» من هذه الواجبات بشتى الطرق والوسائل، مُعدّدة في الآن نفسه أكثرَ الاسباب ذيوعا، والتي تمنع الأطفال من حلّ واجباتهم أو التقاعس عنها، وفي مقدمتها تعدد دومار: -ضعف الحافز: فالطفل الذي يكون حافزه ضعيفا تجاه الدراسة يمكن التعرف عليه بسهولة، لأنه لا يهتمّ أبدا بإنجاز مهمته، ولا يُقدّر في الواقع الفوائد والنتائج الإيجابية للواجبات المدرسية التي تنجَز بشكل جيد، وكل هذا يكون في النهاية نتيجة للإهمال واللامبالاة وعدم اكتراث الطفل بالتعلم، لأجل نفسه أو حتى ليكون فردا جيدا في نظر الآخرين؛ -التمرد: إذ يؤجّل الطفل المتمرد وظائفه أو يحاول التملص منها، كنوع من «المقاومة» لبعض الضغوط التي يتعرّض لها في منزله وكطريقة ل»معاقبة» والديه؛ -الفوضى والإهمال: الطفل المهمل، غير المنظم لا يجد دائما كل الأدوات التي يحتاجها لإنجاز واجباته، فقد يترك أحد كتبه أو دفتر الملاحظات لديه في المدرسة، ولذلك نجده دائما يبحث عن أشيائه الضائعة، وهذا ما يسهم في تأخير إنجازه لدروسه وتمارينه؛ كره المادة: يؤجّل بعض الأطفال، بل قد يتوقفون حتى عن قراءة كتب أو قصص يجدونها «مُملّة»، وهكذا هو الحال بالنسبة إلى الطفل الذي يكره مادة من المواد الدراسية، فيستمرّ في تأجيلها إلى أن يكتشف أنه لم يعد أمامه متّسَع من الوقت لإنجاز ما يتعلق بها من واجبات.. وتنصح دومار الآباء من أجل أن يحبّ أطفالهم واجباتهم المدرسية وينجزوها في وقتها بدلا من تأجيلها أو إهمالها بما يلي: -المراقبة: في البداية يجب على الوالدَين أن يدركا طبيعة المشكلة التي يتعاملون معها ويراقبا طفلهما، ليلاحظا نوع «التأجيل» عنده، ثم عليهم أن يفكرا بما شاهداه وأي سبب من الأسباب السابقة يمكن أن ينطبق عليه.. فهل يمكن أن تكون خلافات في المنزل مثلا؟.. -العطف والحنان: من المهمّ كثيرا أن يوفر الأهل لطفلهم بعضا من العطف والحنان، فبدلا من توبيخه يمكن محاولة معرفة حاجته وميله إلى تأجيل واجباته، أيْ يجب «التعاطف» مع الأمور التي يعاني منها، حتى لو كان هو من سبّبها لنفسه؛ -التواصل مع المدْرَسة: يجب معرفة وضع الطفل النفسي في مدرسته وطبيعة تصرفاته، لأنّ هذا يساعد الوالدَين على التعامل معه بسهولة أكبر، وعلى الوالدَين أن يدركا أنّ توتر الطفل واكتئابه قد يؤديان إلى التأجيل، كما قد يكون تأجيل الواجبات نتيجة لخلافات عائلية..