أكد حفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن ملاءمة التشريع المغربي مع مقتضيات منع وتجريم التعذيب لا تحقق بالضرورة تحصينا للمؤسسة السجنية وأماكن الاعتقال من حدوث خروقات. وأضاف بنهاشم في كلمته، خلال الجلسة الافتتاحية للندوة التي نظمها المجلس الاستشاري أمس بالرباط، حول «إعمال البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب»، أن تحصين المؤسسات السجنية من الممارسات المخلة بالقانون، منها التعذيب ومختلف ضروب المعاملة القاسية والمهينة، يقتضي اعتماد مقاربة شمولية وتوافقية بين كل الفعاليات المعنية، لإرساء نظام عقابي يعزز شرعية العقوبة في انسجام مع التشريعات والمواثيق الدولية. وقال بنهاشم إن المندوبية العامة للسجون تقوم بإصدار دوريات توجيهية لمدراء السجون، بناء على ما يفرزه الواقع اليومي، وما يصدر من شكايات وملاحظات، كما أنها لا تتوانى في التصدي لكل إخلال تأكد حدوثه من خلال وقائع ملموسة ،وذلك باتخاذ الإجراءات الواجبة في حق المخالفين، وإحالة الأمر على القضاء عند الضرورة. عبد الواحد الراضي، وزير العدل الذي غاب عن الندوة لأسباب وصفت ب«القاهرة»، أكد في كلمته، التي تلاها نيابة عنه مدير ديوانه، أن «المغرب حقق تقدما كبير في المجال الحقوقي من خلال الانضمام إلى مواثيق أو اتفاقيات جديدة، أو رفع تحفظات سابقة أصبحت متجاوزة، مثل رفع التحفظ عن المادة 22 من الاتفاقية الدولية الخاصة بتلقي لجنة مناهضة التعذيب للشكايات الفردية». واعتبر الراضي أن المراجعة التي عرفها قانون المسطرة الجنائية سنة 2003 مكنت من تدعيم «الإطار العام للمحاكمة العادلة»، من خلال الإقرار الصريح بقرينة البراءة وتعزيز المراقبة القضائية في جميع أطوار البحث التمهيدي والتحقيق الإعدادي وتنفيذ العقوبة. وأكد وزير العدل أن القضاء المغربي قام بالتصدي للعديد من حالات التعذيب التي تم ضبطها وفق القوانين الجاري بها العمل، وذلك تنفيذا لسياسة عدم الإفلات من العقاب وأضاف أن وزارة العدل تحرص على مراقبة وتتبع عمل النيابة العامة من أجل التصدي للجرائم المصنفة في مجال الانتهاكات، إضافة إلى تنظيم عدة دورات بتعاون مع جمعية الوقاية من التعذيب والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب لفائدة قضاة وضباط الشرطة ورجال الدرك الملكي ومسؤولي المؤسسات السجنية. من جانبه، أكد أحمد حرزني، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان،أن الهدف الأساسي للندوة يتمثل في تحضير الأرضية الملائمة لإعمال مقتضيات البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب في أفق انضمام المغرب إليه. وقال حرزني إن البرتوكول الاختياري يمكن من إقرار زيارات منتظمة لأماكن الاحتجاز من قبل خبراء مستقلين، وطنيين ودوليين. المنظمات الحقوقية المغربية التي حضرت أشغال الجلسة الافتتاحية انتقدت بشدة ما وصفته ب»لغة الخشب» التي طبعت الخطاب الرسمي، وأكدت أن الدولة مازالت تفتقد «إلى الجرأة الكافية لمعالجة ملف التعذيب بالمغرب». وقال الناشط الحقوقي عبد الإله بنعبد السلام إن الدولة تحاول «تسويق صورة غير حقيقية للوضع الحقوقي بالمغرب» وهو ما تؤكده تقارير المنظمات الدولية التي تحدثت عن «وجود معتقل سري بتمارة تابع لجهة لا يخول لها القانون أن تستنطق أو تنجز محاضر». واعتبر بنعبد السلام أن صورة السجين الذي ظهر عاريا ومكبلا في زنزانة قبل أن يلفظ أنفاسه بعد ذلك، تؤكد بأن الجهات الرسمية بالمغرب مازالت غير قادرة على معالجة الوضع الحقوقي ب»الجرأة اللازمة، أمام تواضع الإنجازات واستمرار الانتهاكات».