الذين سعدوا بانتخاب باراك حسين أوباما رئيسا جديدا للولايات المتحدةالأمريكية يمكنهم أن ينتظروا قليلا حتى لا يغدر بهم تفاؤلهم، لأن أمريكا لا يحكمها الرؤساء الذين يجلسون في البيت الأبيض، بل الجنرالات الذين يقررون الحرب والسلم في البنتاغون، والذين يعرفون جيدا أن مرور عام فقط من دون حرب يعني أن بلادهم ستختنق. قبل أن يأتي أوباما تفاءل الناس بمجيء بيل كلينتون، ذلك الشاب الذي قال الكثيرون إنه يشبه الرئيس الراحل كينيدي، وسماه كاتب أمريكي بأنه «أول رئيس أسود في تاريخ أمريكا»، رغم أنه أصفر فاقع لونه. لكن كلينتون ذبح الكثير من العراقيين في رمضان وسلخهم أيام العيد، وذلك كله لكي يغطي على فضيحته الجنسية مع حكاية ذلك «السيغار» الشهير وفتاة لعوب اسمها مونيكا. والذين تفاءلوا بأن أوباما يمكن أن يدفع قضية فلسطين نحو الحل، أكيد أنهم سمعوا تصريحه الذي يقول فيه إنه كان سيفعل مثلما فعلت إسرائيل مع غزة لو أن أحدا قصف بالصواريخ بيتا تنام فيه بناته، وكثيرين أيضا شاهدوا صورته وهو يقف جنبا إلى جنب مع أكثر المستوطنين الإسرائيليين تطرفا، وخلفه بقايا صواريخ يجمعها الإسرائيليون لكي يثبتوا للعالم أنهم ضحايا، مع أن الفلسطينيين لو حاولوا جمع بقايا الصواريخ التي أطلقتها عليهم إسرائيل لاحتاجوا إلى مائة سنة. الكثير من الناس رأوا في أوباما وجها مألوفا وكأنه فرد من عائلتهم لأنه يبدو بسيطا ومحبوبا وكأنه يقف كل مساء مع أبناء الحي في راس الدرب. والكثيرون وجدوا أيضا أن هذا الرجل له أفكار ثورية مختلفة، لكن أفكاره الثورية يمكن أن تتحول قريبا إلى أفكار بقرية، وسيتخذ بالتأكيد مواقف لن تختلف كثيرا عن مواقف أكثر الرؤساء الأمريكيين تطرفا. أوباما يعرف أن مقتل كينيدي كان بسبب تحفظه على الحرب في فيتنام، بينما جنرالات أمريكا كانوا يريدون حربا جديدة. من الذي كان يحكم إذن سنة 1963، هل هو الرئيس كينيدي أم جنرالات الحرب؟ هناك من يتفاءل باسم الرئيس الأمريكي الجديد لأنه يحمل اسما عربيا هو حسين، اسم والده الكيني المسلم. لكن أليس هؤلاء الحكام العرب الذين يمسكون برقاب شعوبهم يحملون أسماء عربية بدورهم، بل يصلّون التراويح أيضا.. في التلفزيون طبعا. وفي كل الأحوال فإن انتخاب أوباما فيه درس واحد فقط لكل الشعوب والبلدان المتخلفة لأن ابن مهاجر كيني تحول إلى رئيس دولة عظمى. لو كان أوباما مغربيا فإن أقصى ما يمكن أن يصل إليه هو منصب قايد، أو في أحسن الأحوال وزيرا في حكومة عباس، مع أن حكومة عباس لا تضم أي وزير أسمر اللون من بين حوالي 40 وزيرا، رغم أن المغرب لا توجد فيه عصابات «الكوكلوكس كلان» المتطرفة. إن حكومة الفاسي اسم على مسمى في اللون أيضا. إننا نفخر بوصول أوباما الأسمر إلى قمة السلطة في أقوى بلد في العالم، وننسى أننا في المغرب شعب مختلط الأعراق والألوان، ومع ذلك لا يوجد في الحكومة وزراء بلون مختلف، ولا يوجد في التلفزيون مذيعون بلون مختلف. البياض الفاقع هو الغالب في واقع حالك. شيء غريب حقا.