كشفت مصادر موثوقة أن الحكومة تتجه في الأيام القليلة المقبلة إلى الإعلان عن تخفيض في أسعار المحروقات بحوالي 50 سنتيما للتر، في إطار تفعيل نظام المقايسة الذي وعدت بتطبيقه، والذي يمكن من عكس أسعار النفط الدولية على أسعار المحروقات في السوق المحلية. وأكدت المصادر ذاتها ل»المساء»، أن الحكومة تتابع منذ فترة منحى أسعار النفط في السوق الدولية، واختارت التوقيت الحالي الذي يتزامن مع تراجع مهم في الأسعار لكي تفعل نظام المقايسة، مشيرة إلى أن انطلاق العمل بهذا النظام بالإعلان عن تخفيض في أسعار المحروقات سيعطي قرار الحكومة نوعا من المصداقية، بعكس الوضع في حالة الزيادة في الأسعار. وتعقيبا على ذلك، اعتبر الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، أن الحكومة تبيع الوهم للمغاربة من خلال تسويق نظام المقايسة بفكرة إيجابية عبر تخفيض أسعار المحروقات، محذرا من أن فاتورة تطبيق هذا النظام ستكون مكلفة ومؤلمة على المدى المتوسط والبعيد بالنسبة إلى المغاربة، خاصة أن الجميع يعلم أن الانخفاض الحالي لأسعار النفط في السوق الدولية هو طفيف ومرحلي وستتبعه، لا محالة، ارتفاعات يمكن أن تكون قياسية. وأضاف أقصبي أن هذا النظام كان معمولا به منذ بداية التسعينيات، خاصة خلال الفترات التي شهدت فيها أسعار النفط ارتفاعات مهمة، واستطاعت الدولة من خلاله تحقيق مداخيل مهمة، لكن دون أن يستفيد منه المواطن خلال الفترات التي تراجعت فيها الأسعار. مؤكدا أن الحكومة من خلال تأخرها في الإصلاح الشامل لنظام المقاصة وإعادة تفعيل نظام المقايسة تؤكد أنها تدبر حاليا تبعية البلاد للمؤسسات الدولية ولا تقوم بالإصلاح. وذهب الخبير الاقتصادي حماد قسال في الاتجاه نفسه، مؤكدا أن إعادة العمل بنظام المقايسة هو حل سياسي وليس حلا اقتصاديا، متسائلا هل التخفيض المؤقت لأسعار النفط هو الذي سيعيد الدينامية للعجلة الاقتصادية؟. وأشار قسال إلى أن الحكومة، وبعدما فشلت في إصلاح نظام المقاصة، تنهج حاليا أسلوب الهروب إلى الإمام من خلال الإعلان المرتقب عن تخفيضات في أسعار المحروقات، والذي لن يكون سوى إشارة انطلاق لمسلسل من الارتفاعات المتوالية للأسعار، في انتظار تقرير صندوق النقد الدولي الذي من المنتظر أن يصدر شهر غشت المقبل. وأضاف قسال أن تفعيل نظام المقايسة يمكن تصنيفه في خانة القرارات الترقيعية التي تحاول من خلالها الحكومة طمأنة المؤسسات الدولية، رغم أن هذا النظام عبر عن فشله سابقا عندما طبقته حكومتا عبد الرحمان اليوسفي وادريس جطو، مؤكدا أن المغرب سيجد نفسه على بعد خطوتين من التقويم الهيكلي في حالة فشل الحكومة في الترويج لإصلاحاتها لدى المؤسسات الدولية.