سيلفيو بيرلسكوني، نجم إيطالي بكل المقاييس، واسمه ارتبط بالسياسة والمال والإعلام وكرة القدم. لكن اسم بيرلسكوني اقترن كذلك بفضائح شتى تنوعت بين فضائح مالية وسياسية، و أخرى جنسية.. اتهامات بيرلسكوني تجاوزت حدود الفرجة على غنج النساء الراقصات إلى الانتقال إلى الفعل وممارسة الجنس مع فتيات قاصرات، كانت أشهرهن المغربية كريمة المحروق الملقبة ب«روبي». سيلفيو بيرلسكوني، نجم إيطالي بكل المقاييس، واسمه ارتبط بالسياسة والمال والإعلام وكرة القدم. في السياسة هو زعيم مثير للجدل دائما، أسس حزب «فورسا إيطاليا»، الذي أوصله إلى ترؤس الحكومة الإيطالية خلال ثلاث ولايات، ثم شكل سنة 2007 حزب الشعب للحرية، الذي قاده إلى ولايته الرابعة وينتظر منه، ربما، أن يعيده لرئاسة الحكومة الإيطالية للمرة الخامسة. وفي المال، هو رجل أعمال ناجح، لكن أيضا مثير للجدل، يمتلك شركات متعددة تهتم بقطاعات مختلفة منها البناء والإعلانات والتأمين وتعتبر ثروته الأضخم في إيطاليا. أما في الإعلام، فهو إمبراطور إعلامي بامتياز، وتشتغل تحت إمرته عديد من القنوات الإيطالية التلفزية والإذاعية ضمن ثلاث شبكات إعلامية هي الأقوى في إيطاليا، بالإضافة إلى امتلاكه لعدد مهم من أسهم صحف إيطالية، مما يجعله مؤثرا على خط تحريرها. كما يمتلك دورا للنشر خاصة في ميلانووروما. وفي كرة القدم، يعتبر بيرلسكوني الأب الروحي لفريق أ.س. ميلان الشهير. فمنذ ترؤسه للفريق أواسط الثمانينيات رفعه إلى مصاف أقوى الفرق العالمية، بعد أن ساد محليا وأوروبيا بفوزه بستة ألقاب لعصبة الأبطال الأوروبية في ظرف عشرين سنة فقط. لكن اسم بيرلسكوني اقترن كذلك بفضائح شتى تنوعت بين فضائح مالية وسياسية، وأخرى جنسية، والتي أثرت بشكل كبير على صورته عند الشعب الإيطالي. وكانت الفضائح الجنسية هي الأشد وقعا على سمعته، حيث اتهم أكثر من مرة بإقامة حفلات ماجنة عرفت عالميا باسم «البونغا البونغا» يستدعي لها عشرات الفتيات الحسناوات، جلهن قاصرات، من أجل الرقص والغناء والتعري. اتهامات بيرلسكوني تجاوزت حدود الفرجة على غنج النساء الراقصات إلى الانتقال إلى الفعل وممارسة الجنس مع فتيات قاصرات، كانت أشهرهن المغربية كريمة المحروق الملقبة ب«روبي». متيم بحب النساء كل العالم يعرف أن بيرلسكوني مهووس بالنساء ومدمن على مرافقة الفتيات الجميلات، حتى لو كن قاصرات. بل سبق له أن اعترف بذلك حين قال لوسائل الإعلام، سنة 2011، بعد خروجه من المحكمة في جلسة استدعي فيها للجواب على استفسارات القضاة في قضية اتهم فيها بممارسة الجنس مع قاصر، إنه يهوى النظر إلى الفتيات الجميلات، «أليس ذلك أفضل من أن أكون مثليا؟» هذا الاعتراف جلب له الكثير من المتاعب. ردا على كلامه هذا، نظمت جمعيات الشواذ الجنسيين مظاهرات ضده منددة بالإهانة التي تعرضوا لها والضرر المعنوي الذي لحقهم جراء سخريته منهم، كما جرت عليه نقمة منظمات حقوقية وتنظيمات نسائية مختلفة انتقدت اختصار بيرلسكوني للمرأة في جسد جميل ونظرات فاتنة. لكن تصريحه هذا، رغم كونه يبدو عفويا ومتسرعا، أو ربما متهورا، بسبب نتائجه السلبية التي تجلت في جلب عداء الشواذ، فإن خبراء سياسيين إيطاليين أشاروا إلى أن تصريحات «دون جوان» إيطاليا لم تكن أبدا عفوية، بل كانت مدروسة ومبرمجة مسبقا وبحكمة سياسية بالغة، ذلك أنه فعلا سيفقد دعم المثليين الإيطاليين، لكنه سيحظى بدعم المحافظين الإيطاليين الذين يحاربون جمعيات الشواذ بشتى الطرق، مسنودين بدعم الفاتيكان، وستلقى تصريحاته أيضا، في رأي خبراء الإعلام والسياسة، إعجاب المواطنين الإيطاليين الرجال المشهورين عالميا بوسامتهم وأناقتهم وولعهم الكبير بالنساء وقلة وفائهم لزوجاتهم، حيث سيرون في بيرلسكوني الرجل الفحل العاشق للنساء دائما، رغم تقدمه في السن وبلوغه سن السادسة والسبعين. توالت التهم الجنسية الموجهة لبيرلسكوني وتعددت فضائح علاقاته الجنسية مع فتيات من عالم الموضة والإعلانات، منها ما لزم صفحات الجرائد والمجلات، ومنها ما جره إلى المحاكم في دعاوى متعددة، حضر القليل منها، وتكفل جيش من المحامين بالتصدي لغالبيتها. ومن أبرز الفضائح التي أثرت بشدة على حياته العائلية كانت علاقته الجنسية مع حسناء إيطالية شقراء اسمها «نومي ليتيسيا»، والتي تنحدر من مدينة نابولي بالجنوب الإيطالي وتعمل عارضة أزياء مغمورة. وسائل الإعلام الإيطالية تحدثت عن استقبال بيرلسكوني لها عشرات المرات في ربيع 2009، سواء في منزله في روما أو في إقامته الفاخرة ضواحي ميلانو. لقاء بيرلسكوني مع هذه الفتاة جاء بعد إلحاح كبير ومستمر منها، حيث كانت تبعث بصورها الأكثر إثارة إلى العنوان الإلكتروني لبيرلسكوني، بل تجرأت على وضع صور لها وهي شبه عارية مبرزة مفاتنها على الصفحة الخاصة برئيس الوزراء في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، في محاولة جريئة لاستغلال نقطة ضعفه المتمثلة في ولعه الشديد بالفتيات الحسناوات، خصوصا اليافعات، وبالفعل تمكنت الحسناء الشقراء من اصطياده لتصبح عشيقته المفضلة، لكن سرعان ما افتضح الأمر بعدما تصرف بيرلسكوني بصبيانية غير مفهومة وحضر حفل عيد ميلادها، بعد أن أتمت الثامنة عشرة، لينتقل الخبر كبقعة زيت في جميع وسائل الإعلام الإيطالية، لكن من دون صور، ذلك لأن فريق الحرس الخاص لبيرلسكوني عمل على نزع هواتف وكاميرات كل المدعوين في الحفل في إجراء احترازي. أولى تبعات المغامرات الجنسية لبيرلسكوني كانت طلب زوجته، فيرونيكا لاريو، الطلاق في مايو من سنة 2009، حيث كلفت محاميها بمباشرة الإجراءات القانونية، وفي تعليلها لقرارها، أكدت في حوار لها مع المجلة الإيطالية «سطامبا» أنها لم تعد تتحمل نزوات زوجها العجوز، الذي يحضر حفل عيد ميلاد فتاة في الثامنة عشرة، بينما لم يحضر أيا من حفلات أعياد ميلاد أبنائه. كان هذا الحدث بمثابة القطرة التي أفاضت كأس صبر فيرونيكا، إذ سبق أن هددت زوجها أكثر من مرة بطلب الطلاق، كانت آخرها قبل شهر من ذلك، حين كشف الإعلام الإيطالي عن كون بيرلسكوني استخرج بطاقات انخراط جديدة في حزبه الجديد «شعب الحرية»، لفائدة فتيات صديقات له لم يناضلن قط في صفوف الحزب، لأجل ترشيحهن ضمن قائمة الحزب في الانتخابات الأوروبية التي يشارك فيها، لكنهن بالتأكيد «ناضلن» في أماكن أخرى أكثر أهمية بالنسبة لبيرلسكوني. من تكون روبي؟ اسمها الحقيقي كريمة المحروق، ولدت يوم 11 نونبر 1992 في حي «القواسم» بمدينة الفقيه بن صالح، من أب ينحدر من قبائل «بني عمير» وأم نشأت في جماعة «بني عياط» بإقليم أزيلال، فترعرعت هناك بين أحياء الفقيه بن صالح في بيئة مغربية «عروبية» قحة، إلى أن هاجرت رفقة أسرتها الصغيرة إلى الديار الإيطالية، في تقليد راسخ لدى أهالي المنطقة، التي تعتبر المصدر الأول للمهاجرين المغاربة إلى إيطاليا، حتى إن بعض صبيان المدينة يعرفون كثيرا من الكلمات الإيطالية بسبب احتكاكهم المتكرر كل صيف بأبناء أقاربهم وجيرانهم من المهاجرين إلى إيطاليا. وللطرافة، أطلق المغاربة على مدينة الفقيه بن صالح لقب «السفارة الإيطالية في المغرب»، نظرا للعدد الهائل لأفراد الجالية المغربية في إيطاليا المنحدرين من هناك. عند قدومه إلى إيطاليا أول مرة، لم يفلح والد كريمة في العثور على عمل قار بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة وارتفاع نسبة البطالة، خصوصا بين المهاجرين، فعمل بائعا متجولا بسيطا، مما جعل أسرته تعاني من ضنك العيش وضيق الحال. هذا الوضع دفع بالصغيرة كريمة، ذات الأربعة عشر ربيعا وقتها، إلى مغادرة كنف الأسرة بعد أن قدمت شكوى إلى المصالح الأمنية ضد والدها تتهمه بسوء معاملتها، فنأت بنفسها عن الأسرة، لعلها تجد آفاقا جديدة تساعدها على تحسين ظروف عيشها وتأمين مستقبلها، فانتقلت بين دور الإيواء من مدينة إلى أخرى، فخبرت حياة الشارع الإيطالي واحتكت بأصناف كثيرة من الناس، الأمر الذي زاد من نضج شخصيتها وجعلها تبدو أكبر من عمرها بكثير. لم تكن كريمة تمتلك أي مؤهلات علمية أو خبرة عملية تجعلها تلج عالم الشغل لتكسب مدخولا تعيش منه، فارتأت أن تستثمر رأسمالها الأكبر والأوحد الذي يتجلى في جمالها الأخاذ وقوامها الممشوق، فتعلمت الرقص واشتغلت في الحانات والملاهي الإيطالية، فارتفع عدد معجبيها ولمع اسمها بقوة في ليالي صقلية حتى لقبت ب«روبي روبا كوري»، أي «روبي سارقة القلوب». روبي مع بيرلسكوني تعمل لدى سيلفيو بيرلسكوني مافيا من «القوادين»، همهم الوحيد هو التنقيب على الفتيات الجميلات لجلبهن له. وغالبا ما يكون ردهن بالإيجاب من دون تردد، فكل فتاة من اللائي يعملن في العلب الليلية أو في الحانات تحلم أن يقع الاختيار عليها للقاء بيرلسكوني لأنه سيفتح لها «أبواب الرزق» على مصراعيها. لم يختلف الأمر مع روبي، إذ التقت بسيلفيو بنفس الطريقة فأعجب بها كثيرا، حيث تروي بعض الفتيات المدعوات لليالي بيرلسكوني الإعجاب الكبير لهذا الأخير بالفتاة المغربية، سيما حين ترقص، فاستمرت كريمة في لقاء عشيقها العجوز لمرات ومرات، إذ حافظت على صفة «المفضلة» لديه مدة طويلة إلى أن تسرب خبر علاقتهما إلى الصحف الإيطالية، بعد أن قبضت عليها شرطة ميلانو في شهر مايو من سنة 2010 بتهمة سرقة قطعة مجوهرات باهظة الثمن من محل مجوهرات وسط المدينة، فالتجأت إلى عشيقها رئيس الوزراء، الذي اتصل بدوره بمفوضية الشرطة لإطلاق سراحها. كان هذا الحادث بمثابة كرة الجليد الصغيرة التي تكبر وتكبر كلما تدحرجت أكثر، إذ شكل الخبر الموضوع الرئيسي للمنابر الإعلامية الإيطالية ولأبرز وكالات الأنباء العالمية التي تداولت بإسهاب علاقة رئيس الوزراء الإيطالي براقصة مغربية قاصر. ومن هنا، بدأت فضيحة «روبي غيت»، أشهر فضيحة في تاريخ بيرلسكوني الحافل بالفضائح، واجتهد الصحفيون الإيطاليون، خصوصا المنتمون لصحف المعارضة، في البحث عن خيوط، حتى وإن كانت واهية، تقودهم لتفاصيل علاقته بروبي، فكثرت الأخبار وتنوعت حتى صعب على المتتبعين العاديين التفريق بين الخبر الحقيقي والإشاعة، فاضطر رئيس الوزراء، تحت ضغط الإعلام، إلى الاستجابة لإلحاح الصحفيين، فأدلى بتصريح نفى فيه كل ما روج له الإعلام من ممارسته الجنس بمقابل مع فتاة قاصر، حيث قال إن كريمة المحروق هي صديقة عادية، وعن تدخله لإطلاق سراحها من قبضة شرطة ميلانو قال إنه كان يظن أنها قريبة للرئيس المصري، وقتها، حسني مبارك، لذلك أسرع بالاتصال بمسؤولي الأمن لإطلاق سراحها تجنبا لأي أزمة دبلوماسية مع مصر. من جهتها، نظمت روبي ندوة صحفية حضرها جيش من الصحافيين، واعترفت أنها فعلا انتقلت ثلاث مرات إلى فيلا بيرلسكوني لحضور الحفلات الليلية بصفتها راقصة ليس إلا، مؤكدة أنه لم يلمسها أبدا، لكن الإعلام المدفوع من الأحزاب اليسارية واصل شن حملته الهوجاء ضد رئيس الوزراء، فاستجاب الادعاء الإيطالي لضغط الشارع وقرر استدعاء بيرلسكوني للمثول أمام القضاء بتهمتين، أولهما دفع مقابل مالي من أجل ممارسة الجنس مع قاصر، وعقوبتها تتراوح بين سنة وثلاث سنوات سجنا نافذا. وثانيهما استغلال نفوذه كرئيس للوزراء حين تدخل لإطلاق سراحها، وعقوبة هذه التهمة قد تصل إلى اثنتي عشرة سنة سجنا.