هل من قانون ينظم التخفيضات في الأسواق التجارية المغربية؟ هل التخفيضات تعكس روح العملية أم إنها مجرد حيلة تجارية لتصريف البضائع القديمة؟ سؤالان من بين كثير أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة شافية حتىيكون المستهلك المغربي على بينة مما يشتري، ومحميا ضد الأشكال الخداعية التي يلجأ إليها أرباب المحلات التجارية وأصحاب العلامات التجارية الأجنبية الموجودة في المغرب. وإذا كان مشروع قانون حماية المستهلك ينص، في بعض مواده، على تنظيم هذا النشاط التجاري، فإنه لا يضبط بدقة بعض الجوانب ولاسيما تلك المتعلقة بتحديد الجهة المسؤولة عن إعلان بداية ونهاية فترة التخفيضات والعقوبات في حال خرق القانون. فقد اكتفى مشروع القانون، في بابه الرابع، المواد 48 و49 و50، بالتعريف بالبيع بالتخفيض والمراد منه باعتباره «يهدف إلى التصريف السريع للمنتوجات والسلع المخزونة عن طريق تخفيض السعر»، وببعض شروطه من قبيل إلزام المورد بالإشارة إلى «المنتوجات أو السلع التي يشملها التخفيض، والسعر الجديد المطبق والسعر القديم الواجب التشطيب عليه، ومدة التخفيض». كما أنه ضبط حدود السعر الأدنى المعلن عنه وضرورة الإعلان عن نسبة التخفيض. وعلاوة على ذلك، لم ينص مشروع القانون على عقوبات زجرية لمعاقبة الأشخاص، سواء كانوا معنويين أو ذاتيين، الذين ثبت خرقهم للقانون، فضلا عن كونه لا يذهب إلى ضمان مصلحة المستهلك على مستوى جودة المنتوج وإجراءات التعويض. ونظرا إلى كون عادة التخفيضات حديثة العهد في المغرب، فإن المشرع مازال لم يهتم بتنظيمها وتقنينهابالشكل المتعارف عليه، مثلا، في الخارج. في هذا السياق، يؤكد البرلماني الاستقلالي عمر احجيرة، في اتصال مع «المساء»،أنه «حان الوقت للنظر في الموضوع، وإحداث قانون ينظم ويراقب سلوكات التجار والعلامات الأجنبية، ويحمي المستهلك». وعبر احجيرة عن أسفه على وجود ممارسات تقترب الخداع، حيث إن بعض العلامات التجارية تلجأ إلى عرض سلعها بالتخفيض على أساس أنها سلع تساير الموضة، بينما هي سلع قديمة لا تستحق الأثمان المعروضة، والهدف من تخفيض أثمانها هو تصريفها بسرعة تحضيرا لعروض أخرى. وقال احجيرة إن القانون ينبغي أن تسهم فيه أطراف متعددة، ولاسيما فعاليات المجتمع المدني، داعيا إلى ضرورة الإسراع في ملء هذا الفراغ القانوني. هذا الفراغ القانوني يفسح المجال لممارسات كثيرة لا تعكس جوهر العملية من حيث شفافية وحقيقة الأسعار المعروضة وعلاقتها بالسعر الحقيقي للمعروضات المخفضة، ومن حيث شفافية إشهار الأسعار وخضوعها للقانون. وتبقى الممارسات التجارية بين البائع والمستهلك في المغرب في إطار عملية البيع بالتخفيض هاته متأخرة بكثير إذا ما قورنت بما يجري في بلدان أجنبية مثل فرنسا،إذ التخفيضات هناك خاضعة لقانون يحدد فترة انطلاقها وتوقفها ومدة استمرارها في كل فترة. فلا يُسمح بإطلاق التخفيضات إلا في فترتين خلال السنة الواحدة، وهما الفترتان، الصيفية والشتوية، على ألا تستغرق كل فترة أكثر من 6 أسابيع كأقصى حد، و12 أسبوعا في السنة. ويعود إلى الوالي المسؤول عن كل جهة تحديد تواريخ هذه الفترات بعد التنسيق مع المنظمات المهنية وغرف التجارة والصناعة ولجن الاستهلاك، كما يمكن أن تتوافق هذه التواريخ على المستوى الوطني. وينص القانون على إشهار الأسعار بوضوح وتبيان الفارق بينها وبين الأسعار المرجعية، وعلى أن تكون فترة التخفيضات هي الفترة الوحيدة المسموح خلالها بالبيع بالخسارة دون أن تعفي هذه التخفيضات أصحاب المحلات من الحفاظ على نفس ضمانات الجودة. وفي حال ثبوت عيب أخفاه البائع عمدا، يُلزم الأخير باستبدال المنتوج أو بتعويض المشتري عن ثمنه. أما إذا ثبت خرق هذه الشروط، فيمكن أن يتعرض الأشخاص الذاتيون أو المعنويون المسؤولون عن الخرق لدفع غرامة مالية والسجن. وينبغي التفريق هنا بين التخفيضات الموسمية والتخفيضات العابرة التي تلجأ إليها، بين الحين والآخر، المحلات والأسواق التجارية الكبرى.