سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
باحثون مغاربة وعرب في ندوة بالرباط لقراءة مسارات «الربيع العربي» المحتملة هل تتجه هذه المجتمعات نحو إقامة حكم ديمقراطي و إشاعة ثقافة ديمقراطية وعقلانية؟
اختار المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية في إطار اختتام أنشطته العلمية لهذا الموسم طرح سؤال حول مستقبل العالم العربي، مفاده «إلى أين يتجه العالم العربي؟» وذلك في إطار ندوته التي سينظمها يوم السبت 29 يونيو الجاري في قاعة المحاضرات بالمكتبة الوطنية بالرباط ابتداء من الساعة العاشرة صباحا. وستعرف هذه الندوة مشاركة مجموعة من الباحثين والمفكرين العرب والمغاربة، ويأتي تنظيم هذه الندوة، حسب بلاغ صادر عن المؤسسة العلمية، في سياق اختتام سلسلة الأنشطة والندوات والمحاضرات التي نظمها المركز على مدار السنة. وحول بواعث اختيار موضوع الندوة، يوضح البلاغ ذاته، أن طرح هذا الموضوع يأتي في سياق التحولات التي يشهدها العالم العربي منذ 2011. وفي السياق نفسه يضيف: «أن المتتبع للتطورات الأخيرة والمسار الذي انخرط فيه العالم العربي يكتشف بروزا وتناميا لنوع من القلق الفكري الناتج عن عدم وضوح الرؤية وضبابية المسار المنتهج، ليس فقط بسبب تعدد الرؤى والمقاربات، بل أساسا بسبب عنف وشراسة الأحداث والتباس دلالاتها ومؤشراتها وتوجيهاتها». ويأمل المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية من خلال تنظيمه لهذه الندوة أن يتناول بالدرس والتحليل فرضية مفهوم الحراك نفسه، هل هو حراك أم مجرد ضجة وصخب تاريخي؟ هل هذا الحراك مراوحة في المكان أم هو حراك كيفي ونوعي واعد؟ هل هو مؤشرات على وجود انتقالات وتحولات في نمط ممارسة وتوزيع السلطة، وفي نمط إنتاج وتوزيع الخيرات والثروات المادية والثقافية؟ ومدى صلة الانتقال المفترض لا فقط بالسطح السياسي بل بالديناميات والبنى التحتية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟ وستعرف الندوة مشاركة كل من الأكاديمي التونسي محمد الحداد، أستاذ كرسي اليونسكو للأديان المقارنة،ورئيس المرصد العربي للأديان والحريات بمداخلة بعنوان «مستقبل الربيع العربي: النقلات النوعية والمخاطر المتعاظمة» والباحث الموريتاني السيد ولد باه، المختص في الفلسفة الحديثة والمعاصرة الذي سوف يتناول «المسألة الدينية في عصر الربيع العربي»، بالإضافة إلى الدكتور بوحنية قوي، عميد كلية الحقوق، ورغلة قاصدي مرباح بالجزائر، الذي سوف يثير «عوامل تجدير البناء الديمقراطي كمدخل للهندسة السياسية والدستورية: قراءة متقاطعة في ظل تداعيات الربيع العربي»، والخبير المصري في اقتصاد التنمية البروفسور علي مسعود. ومن المغرب يشارك كل من الباحث الأنثروبولوجي الدكتور محمد الصغير جنجار بمداخلة إشكالية «العالم العربي وتحدي التحديث السياسي» وأستاذ الفلسفة المعاصرة بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس الدكتور محمد الأندلسي «واقع المجتمع العربي ما بعد الثورة بين «مكر التاريخ» و»مكر العولمة» والرئيس المؤسس لشبكة الليبراليين العرب محمد تملدو الذي سوف تنصب مداخلته على مناقشة «أدوار الدين في السياسة والمجتمع في العالم العربي لما بعدة الثورة». وتجدر الإشارة إلى أن المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية مؤسسة بحثية علمية عربية تأسست بالرباط من طرف مجموعة من الباحثين بدايات هذا السنة، بغية المساهمة في إغناء الحركية البحثية في العالم العربي. ويذكر أن المركز نظم العديد من المحاضرات والندوات المحلية والدولية حول العديد من الموضوعات الراهنة بالعالم العربي، كان أبرزها سلسلة آفاق الدولة المدنية بالعالم العربي في أربع نسخ والتي تأتي هذه الندوة ختاما لها. ويأمل المركز من خلال الندوة، حسب ما تؤكد عليه الأرضية ،أن يتناول بالدرس والتحليل فرضية مفهوم الحراك نفسه، هل هو حراك أم مجرد ضجة وصخب تاريخي؟ وهل تتوجه هذه المجتمعات التي عرفت الحراك نحو تحقيق مزيد من التحرر الوطني والقومي؟ هل تتجه نحو تخليص الفرد من قهر سلطة الدولة وسطوتها اللامحدودة؟ وهل تتجه نحو تحرير الفرد العربي من القيود التقليدية التي تكبل طاقات الفعل أو لإبداع لديه؟ وهل تتجه نحو تحرير الوعي والعقل من مكبلاته المختلفة الثقافية والذهنية والاجتماعية والسياسية المختلفة؟ هل تتجه هذه المجتمعات نحو إرساء مشروعية سياسية جديدة ونحو إقامة حكم ديمقراطي وإشاعة ثقافة ديمقراطية وعقلانية؟ هل المخاض العربي سيختلف عن المسار الذي قاد «الثورة» الإيرانية نحو إقامة دولة دينية، كما ادعى ذلك الكثير من الفاعلين والمراقبين العرب؟ أم أنه سيخضع لنفس القانون التاريخي وسيسير في نفس الاتجاه نحو إقامة دولة دينية عصرية؟ إلى جانب ذلك، تطرح الأرضية أسئلة من قبيل: هل استخلص الحكام العرب العبر من فشل السياسات الاقتصادية المتبعة منذ عقود وما ارتبط بها من بيروقراطيو تحكمية، وحكومات متضخمة متصلبة، و رأسمالية قرابية مداهنة، وأسواق غير تنافسية، وبرجوازية ربحية مضارباتية، غير مجددة وقادرة على المبادرة وعاجزة عن قيادة المجتمعات العربية نحو تحقيق التقدم المأمول؟ الى جانب ذلك، تطرح الندوة سؤال هل سيكرر العالم العربي نفس الأخطاء أم سيعمل على وضع سياسات اقتصادية مرنة تحفز على العمل والابتكار والمنافسة والتضامن التلقائي وغير المتمركز وعلى تجنب السقوط في متاهات ومطبات السياسات التدخلية التوزيعية المكلفة والمستنزفة لميزانيات الدول؟ ثم هناك أسئلة أخرى من قبيل هل نحن بصدد إرهاصات تحولات تاريخية نوعية نحو الأمام أم أننا أمام إرهاصات تنذر بالنكوص التاريخي وهدر الزمن والدماء؟ أم أن هناك نوعا من التحديث البطيء واللاواعي، والذي يتمثل في القبول الطوعي بالمبدأ الديمقراطي وبالديمقراطية الأداتية كآلية للتدبير السياسي فقط، وليس بثقافته التي تقوم على مبادئ إرساء السلطة على أساس مشروعية عصرية تمثيلية، وفصل السلط، واستقلالية القضاء والإعلام، وأولوية القانون، ومرجعية الدستور، ومشروعية التعدد وحرية الفكر والمعتقد وضمان حقوق وحريات الأفراد الطبيعية ... إلى غير ذلك من مقومات الحداثة السياسية التي يدعي الجميع اليوم، بما في ذلك الاتجاهات التي ترتكز أساس على الثقافة السياسية التقليدية، الاستناد إليها، تضيف الأرضية.