استكمالا للمسلسل الذي انطلق بتأسيس جمعية «البصيرة» للدعوة، وإسناد قيادتها لكل من الشيخين حسن الكتاني ومحمد رفيقي، المعروف بأبي حفص، أعلن أول أمس عن التحاق هذا الأخير بالأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة، الذي يقوده محمد خليدي، المنشق عن حزب العدالة والتنمية، بمعية أربعة من وجوه التيار السلفي، من بينهم نعيمة ظاهر، لتكون بذلك أول منقبة في قيادة حزب سياسي مغربي. وكشف مصدر قيادي، من داخل حزب الشمس، أنّ المفاوضات بين الحزب وشيوخ السلفية قد انطلقت منذ الإفراج عنهم منذ حوالي سنتين، «حيث دشّنت مفاوضات ماراطونية كان الشيخ أبو حفص ممثلا فيها عن الجانب السلفي، في حين كان يقود المفاوضات من جانب الحزب الإسلامي كل من أمينه العامّ محمد خليدي، وعضو الأمانة العامة للحزب، خالد مصدق، لتسفر في الأخير عن التحاق خمسة أوجه من هذا التيار بقيادة الحزب، في خطوة أولى، على أن تعقبها بعد ذلك خطوات أخرى». وأكد المصدر الذي تحدثت إليه «المساء» أنّ الشرط الوحيد الذي وضعته قيادة الحزب أمام الملتحقين الجدد هو احترام ثوابت البلاد والعمل وفق القوانين التي تنظم العمل السياسي، وهو ما قبل به الأعضاء الجدد، والذين لم تكن لهم شروط خاصة في المقابل، باستثناء رغبتهم في التوفر على إطار معترَف به قانونيا، يستطيعون من خلاله تبليغ مواقفهم ورؤيتهم السياسية. وفي ما يخصّ علاقة الحزب بجمعية «البصيرة»، أكد المصدر القيادي أنّ الجمعية -وإن كانت تعتبر ضمنيا ذراعا دعويا للحزب، بحكم وجود قيادات مشتركة في كلا التنظيمين السياسي والدعوي- «فإنها رسميا ما زالت جمعية مستقلة عن الحزب، وهذا لا يمنع من أن تكون هناك شراكة مستقبلية بين الجانبين، في انتظار تأسيس ذراع نقابيّ للحزب، مع التحاق مجموعة من المنشقين عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بالأمانة العامة، يتقدّمهم عبد السلام المعطي، القيادي السابق في النقابة التابعة لحزب العدالة والتنمية». وكانت الوجوه السلفية الخمسة الملتحقة حديثا بحزب النهضة والفضيلة، قد أصدرت بيانا تؤكد فيه أنّ هذا الالتحاق جاء إيمانا منهم ب«ضرورة المدافعة وعدم سلك سياسة المقعد الفارغ، ورغبة منا في الدفاع عن قضايانا ومطالبنا العادلة من خلال منبر فعّال ومؤثر، وسعيا منا إلى دعم التجربة الإسلامية وتنويع أشكالها، والتعاون مع كل القوى المُحارِبة للفساد والاستبداد، وبحثا عن مساحات أوسعَ للمشاركة في مسيرة الإصلاح والتغيير». وأكد السلفيون الخمسة الموقعون على البيان، الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، أنّ التحاقهم بحزب النهضة والفضيلة لم يكن بإيعاز من أحد، وأنهم لا يتحمّلون مسؤولية المواقف السابقة للحزب أو تموقعاته السياسية، في إشارة إلى انضمام الحزب قبل الانتخابات التشريعية السابقة إلى تحالف الثمانية «جي 8»، مؤكدين أنّ مسؤوليتهم المعنوية والتاريخية تبدأ من تاريخ التحاقهم الرّسمي بالحزب. وشدّد الموقعون على أنهم لن يقبلوا أنْ يكونوا ورقة في يد أحد ليتمّ استخدامها ضد الفصائل الإسلامية أو غيرها، «بل نحن حريصون على الحفاظ على علاقاتنا مع كافة الفصائل داخل المجتمع، وعلى رأسها الحركة الإسلامية والقوى الوطنية، كما أنّ قبولنا بالمشاركة لن يغير في شيء من مواقفنا ولا اختياراتنا، ولا في مساندتنا كل قضايا الحق والعدل، والدفاع عن المظلومين والمُستضعَفين».