سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السلفيون.. بين تأسيس حزب سياسي والانخراط في الأحزاب الإسلامية ضريف: الدولة لا زالت مصرة على موقفها بعدم التصريح لتأسيس حزب سلفي تماشيا مع قانون الأحزاب
بالموازاة مع الانفراج الجزئي الذي عرفه ملف ما يعرف ب«السلفية الجهادية»، وذلك عبر الإفراج عن شيوخ و بعض معتقلي هذا التيار، انطلق الحديث عن إمكانية سماح الدولة لهؤلاء المعتقلين بالدخول إلى معترك العمل السياسي، إما عبر تأسيس أحزاب خاصة بهم تكون خاصة بالحساسية السلفية، على غرار ما هو معمول به في بعض الدول العربية، أو بالاندماج في الأحزاب القائمة ذات التوجه الإسلامي، وهو ما خلق صراعا خفيا، خاصة بين حزبي العدالة والتنمية، الذي حاول بعض من قادته أن ينسبوا للحزب الفضل في إطلاق سراح الشيوخ ومن معهم، وبين حزب النهضة والفضيلة، الذي سبق لأمينه العام أن انشق عن حزب المصباح، وحاول على مدى الشهور الأخيرة الدخول على خط المعتقلين الإسلاميين، بل واستدعى خلال المؤتمر الثاني للحزب كلا من الشيخين حسن الكتاني وأبو حفص رفيقي، وسط حديث عن قرب دخول أحدهما إلى الأمانة العامة للحزب، وهو ما جعل المتتبعين يتنبؤون بإمكانية إعادة تجربة الراحل الخطيب مع إسلاميي حزب العدالة والتنمية. أول من نادى من الشيوخ المفرج عنهم بتأسيس حزب سياسي هو الشيخ محمد الفيزازي، الذي اتهم سابقا بكونه من المنظرين الرئيسيين لأحداث 16 ماي الإرهابية، حيث صرح شهورا بعد خروجه من السجن، بأنه لا يعقل أن لا يضم المغرب، الذي يعتبر بلدا إسلاميا، حزبا سلفيا، مؤكدا عزمه على تأسيس حزب سياسي بمجرد توفر الشروط اللازمة والكفاءات المطلوبة، لكن يبدو أن من يمسكون بالملف في الدولة لم يقرروا بعد الترخيص لمثل هذا الحزب، وهو نفس الاتجاه الذي ذهب إليه محمد ضريف، الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، والذي أكد ل«المساء» في تصريح سابق، أن الدولة لا زالت مصرة على موقفها بعدم التصريح لتأسيس حزب سلفي، تماشيا مع قانون الأحزاب المغربي، والذي يمنع تأسيس أحزاب سياسية على أساس ديني. وفي ظل استمرار السلطات في تشبثها بموقفها من تأسيس حزب يجمع شتات السلفيين، لم يبق أمام هؤلاء غير الاندماج في الأحزاب الإسلامية القائمة، لينطلق بعد ذلك الصراع محموما بين كل من حزبي العدالة والتنمية والنهضة والفضيلة، من أجل استقطاب رموز هذا التيار، مع ما سيضمنه لهم ذلك من أصوات لأتباعهم، وهو ما جعل الشيخ محمد رفيقي الملقب بأبي حفص، ينتفض في وجه من اعتبر السلفيين بمثابة صيد يتنافس عليه الحزبان الإسلاميان، مؤكدا أن «السلفيين لم يقضوا سنوات من أعمارهم في السجون لكي يتحولوا فريسة يتنافس عليها الآخرون، أو ورقة في يد أي جهة لمهاجمة جهات أخرى»، وذلك ردا على الادعاءات التي تقول بأن الدولة تريد الاستفادة من السلفيين المفرج عنهم من أجل مواجهة الاكتساح الانتخابي لحزب العدالة والتنمية، خلال المحطات الانتخابية المقبلة. لكن وفي الوقت الذي كان فيه جميع المراقبين ينتظرون ما ستؤول إليه المفاوضات بين الدولة والأحزاب السياسية والدولة من جهة، وشيوخ التيار السلفي من جهة أخرى، فاجأ كل من الشيخين حسن الكتاني وأبو حفص رفيقي بالإعلان عن تأسيس «جمعية البصيرة» للدعوة، وهي الجمعية التي ضمت في قيادتها أسماء تنتمي إلى حزب النهضة والفضيلة، وهو ما قرأ فيه المتتبعون سعيا إلى تكرار تجربة حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، على أن يلي المرحلة الحالية دخول بعض الوجوه البارزة إلى الأمانة العامة للحزب المرتقب الإعلان عنها، خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما جعل البعض يذهب بالتحليل بعيدا، ويؤكد بأن الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة يسعى إلى تكرار تجربة الراحل عبد الكريم الخطيب مع إسلاميي حركة التوحيد والإصلاح، وبذلك يصبح للسلفيين إطارهم الحزبي، دون أن يضطروا إلى الدخول في صراعات مع مراكز القوى داخل الدولة. الصراع على كسب ود السلفيين بين الأحزاب الإسلامية اتخذ من جهة أخرى طابعا حقوقيا، حيث عمل كل طرف على تبني ملف من لا يزال معتقلا من المتهمين على ذمة قضايا الإرهاب، إذ بعد الجولات التي قام بها محمد خليدي داخل السجون، وإعداده لما قال إنه تقرير سيرفع إلى الديوان الملكي بغرض التوسط للمعتقلين لدى أعلى سلطة بالبلاد، اختار منتدى الكرامة الحقوقي، والذي يرأسه عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية وعضو الأمانة العامة للحزب، تنظيم لقاء تشاوري بشراكة مع جمعيات حقوقية أخرى، وذلك بحضور شيوخ من التيار السلفي، وممثلين عن اللجنة المشتركة للمعتقلين الإسلاميين، وهو اللقاء الذي تم بدون حضور للصحفيين، وما تسرب منه يدل على وجود خلافات عميقة في التصور لحل الملف بين مكونات الحقل السلفي أنفسهم، مما جعل العديد من المتتبعين يعتبرون أن اللقاء قد فشل في مبتغاه الأساسي، في انتظار باقي جلساته ولقاءاته التي لم يحدد لها موعد محدد بعد.