في سياق النقاش الذي تعرفه الساحة الوطنية حول التيار السلفي بالمغرب، ناقش خبراء في علوم السياسة والدين و شخصيات تاريخية موضوع «السلفية المستنيرة... الشيخ محمد بلعربي العلوي»، إذ تم الوقوف على مسار هذا العالم الذي قُدم كشيخ «سمح لابنته الصغرى بارتداء الزي العصري ونبذ اللثام ودعا إلى تعليم المرأة وتحريرها من قيود الجمود والتحجر الموروثة عن عصور الانحطاط». وشكلت الندوة الوطنية، التي نظمها مركز بنسعيد آيت إيدر للأبحاث والدراسات، صباح أمس في الرباط، مناسبة للإشارة إلى مواقف الشيخ بلعربي العلوي، حيث «استقال من منصبه كوزير سنة 1960 بسبب ميوله لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المنفصل عن حزب الاستقلال، وقناعاته الرافضة لبناء نظام تسلطي مرتبط بشخص الحاكم وبعيد عن الشورى والديمقراطية». وعرفت الندوة حضور عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، وعلال سي ناصر، مستشار الملك الراحل الحسن الثاني، ومحمد اليازغي، الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والمناضل محمد بنسعيد آيت يدر، عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد ونبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب وعدد من الفعاليات السياسية والحقوقية وأساتذة جامعيين. وأكد محمد اليازغي، في تصريح ل«المساء»، أن «تسليط الضوء على شخصية الشيخ محمد بلعربي وأمثاله يعطي الصورة الحقيقية للسلفية كما نهضت في القرن التاسع عشر بالشرق العربي وامتدت إلى المغرب كسلفية تدعو إلى العقل والتجديد والخروج من التقليد والضبابية والانحطاط الذي كان يعيشه العالم والإسلامي». وأبرز اليازغي أنه «ما أحوج الرأي العام أن يعرف أن السلفية ليست هي السلفية كما هي معروفة اليوم في شكلها المتشدد والتكفيري والرجعي بل هذا الرجل أعطى صورة حقيقية للسلفية المستنيرة بل المتنورة». ومن جهتها، دعت لطيفة اجبابدي، عضو هيئة الإنصاف والمصالحة، إلى «فتح نقاش عمومي حول سؤال الدين، وليس العمل على الالتفاف عليه وترك الأطروحات المغرقة في العتمة تستحوذ، إذ أشارت إلى أن المغرب لم يقم بأي إصلاح ديني بل وصلنا إلى مرحلة الرجوع إلى الوراء في الفكر والخطاب الديني». وشهدت الندوة مناقشة عدد من المواضيع من قبيل «السلفية المستنيرة والسلفية المتشددة»، و»السلفية في ممارساتها التطبيقية للدين الإسلامي»، و»السلفية الإصلاحية بالمغرب العربي»، و»السلفية في المغرب بين محمد بلعربي العلوي وعلال الفاسي». وأشارت الورقة التقديمية للندوة إلى أن الشيخ كان مشهورا بالاستقامة والنزاهة، والثورة على الظلم والجمود والتقاليد البالية، حيث تحدى العادة التي كانت تقتضي ألا يتزوح الشريف إلا من شريفة، وتزوج امرأة من العامة، ورفض تلقيبه بمولاي، كما رفض التقليد الذي يقتضي لبس الكساء والسلهام من طرف الأعيان وخدم البيوت.