دخلت قضية المعتقلين في أحداث «الخميس الأسود» منعرجا جديدا، بعد أن دخل الملك محمد السادس على الخط،إذ كشف بلاغ لوزارة العدل أن الملك أعطى تعليماته لوزير العدل والحريات، مصطفى الرميد بصفته رئيسا للنيابة العامة، بتقديم ملتمس إلى الهيئات القضائية المعنية من أجل إطلاق سراح القاصرين المعنيين وتسليمهم إلى أسرهم، إلى حين بث المحكمة في التهم المنسوبة إليهم. وأشار البلاغ نفسه إلى أن هذا القرار جاء بعد وقوف الملك على معاناة الأسر واقتناعا بأن عددا كبيرا من الشباب الذين تم إيقافهم انساقوا بشكل لا إرادي وراء أعمال العنف في مباراة الرجاء والجيش الملكي. لقد وضع قرار الملك حدا لمعاناة الكثير من الأسر، خصوصا أن العديد من أبنائها مازالوا يتابعون دراستهم، ومقبلون على خوض الامتحانات، وعاشت أسرهم معاناة كبيرة، وفي حالة القاصرين فقد كان من المفروض أن تبادر النيابة العامة منذ البداية إلى متابعتهم في حالة سراح. إن وقائع «الخميس الأسود» مازالت عالقة في الأذهان، وقد أثارت الكثير من ردود الفعل، خصوصا أن التخريب الذي طال الممتلكات العامة، وجعل وسط الدارالبيضاء لفترة من الزمن في قبضة منحرفين، لكن التعامل الأمني لم يكن في مستوى الحدث، وكان له دور كبير في ما وقع، فإذا كان القانون يمنع دخول القاصرين إلى ملاعب الكرة، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو كيف وصل عدد كبير منهم إلى الملعب، بل وكيف تم السماح لبعضهم بالسفر من الرباط إلى الدارالبيضاء في رحلات منظمة للجمهور، كان من السهل مراقبتها وضبطها، بدل أن يكون التقصير الأمني الذي بدأ في الرباط وانتهى في البيضاء سببا في مأساة للكثير من الأطفال والكثير من الأسر، بل وأدى إلى وفاة والدة أحد المعتقلين في قلب المحكمة، بعد أن تقرر تأجيل القضية مرة أخرى. إن الشغب كما الإجرام، الذي ارتفعت نسبته، وأصبح يهدد سلامة المواطنين، يحتاج إلى مقاربة شاملة، علما أن على مثيري الشغب أن لا يقرؤوا التفاتة الملك بمتابعة القاصرين في حالة سراح بالمقلوب ويعتبروها تساهلا، بل بالعكس ففيها رسالة قوية مفادها أنه لا يجب التساهل مع هؤلاء اللذين يتسببون في مآسي للأسر المغربية، بدليل عدم إطلاق سراح الراشدين، وربط إطلاق سراح القاصرين ببت المحكمة في التهم المنسوبة إليهم.