سجل حضور مغربي لافت في تنفيذ أضخم مشروع معجمي في تاريخ اللغة العربية برعاية وتمويل من قطر. فقد أعلن يوم السبت الماضي، بالعاصمة القطرية الدوحة، عن إطلاق مشروع «معجم الدوحة التاريخي للغة العربية». ورغم تكليف المفكر الفلسطيني عزمي بشارة بقيادة هذا المشروع، فقد سجل حضور لافت للمغرب على مستوى اللجنة التي ستتولى إعداد هذا المشروع غير المسبوق في تاريخ اللغة العربية. إذ يحضر المغرب عبر ثلاثة أعلام كبار في مجال الأبحاث اللسانية والعلوم اللغوية. ويتعلق الأمر بكل من العالم اللساني عبد القادر الفاسي الفهري، الشهير بنظرياته في مجال لسنيات اللغة العربية، إضافة إلى عبد العلي الودغيري، الأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس سابقا، والشاهد البوشيخي، مدير مؤسسة مبدع بمدينة فاس. وقد استغرق التحضير لانطلاق هذا المشروع زهاء السنتين عقدت خلالها اجتماعات ولقاءات علمية شارك فيها خبراء في اللغة العربية واللسانيات والمعاجم. وقد أطلق يوم السبت الماضي أيضا موقع رسمي للمشروع الذي يتم احتضانه من قبل المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وقال عز الدين البوشيخي، الاستاذ بجامعة قطر، المدير التنفيذي للمشروع، في كلمة ألقاها في حفل الإعلان عن انطلاق أعمال إنجاز «المعجم التاريخي للغة العربية» إن «بناء معجم تاريخي للغة العربية هو بناء ذاكرة الأمة اللغوية، وإن بناء الذاكرة اللغوية هو - في الوقت ذاته - بناء الذاكرة الفكرية»؟ وشدد على أن «توثيق الذاكرة تاريخيًا، ييسر رصدُ التطورات اللغوية والفكرية التي مرت بها الأمة العربية على مدى عشرين قرنًا»، كما يتيح في الآن ذاته «فهمَ تراثنا الفكري والعلمي بدلالات ألفاظه ومفاهيم مصطلحاته التي استُعملت بها في سياقاتها التاريخية والثقافية» على حد قول البوشيخي. وقال المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية، الذي يحتضن هذا المشروع، في وثائق نشرها على موقعه على شبكة الانترنت، اطلعت عليها «المساء»، إن هذا المشروع الحضاري الكبير أتى ليسد فراغا كبيرا في تاريخ اللغة العربية». وأوضح أن هذا المعجم «سيمكن الأمة العربية وأجيالها المتعاقبة من فهم لغتها وتراثها الفكري والعلمي والحضاري، وربط حاضرها بماضيها إسهاما في إخراجها من وهدة التردي والتبعية وإيذانا بمستقبل واعد». ويستغرق إعداد المعجم التاريخي، الذي يؤرخ لألفاظ اللغة العربية على مدى عشرين قرنًا، قرابة 15 سنة. وسيتم إنجازه، وفق المركز سالف الذكر، على مراحل يجري عرض إنجازاتها كل ثلاث سنوات. وتم تحديد أهداف هذا المعجم، عند اكتماله، في «تمكين الباحثين من إعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بتقييم تراثنا الفكري والعلمي في ضوء ما يقدمه المعجم من معطيات جديدة»، إضافة إلى «استثمار مدونته الإلكترونية الشاملة في بناء عدد من البرامج الحاسوبية الخاصة بالمعالجة الآلية للغة العربية مثل: الترجمة الآلية، والإملاء الآلي، والمدققات النحوية، والمحللات الصرفية والنحوية والدلالية». كما أن هذا المشروع، سيوفر وفق القائمين عليه، عددا من المعاجم الفرعية التي تفتقر إليها المكتبة العربية من قبيل معجم ألفاظ الحضارة، ومعاجم مصطلحات العلوم، والمعجم الشامل للغة العربية المعاصرة، والمعاجم اللغوية التعليمية.