لم تعد القرصنة الإلكترونية جريمة تدخل في عداد الجرائم العادية الممارَسة عبر الحاسوب، بل أضحت، بسبب تحالف القراصنة على الصعيد العالمي، مافيات حقيقية تبتزّ الدول كما يفعل تنظيم القاعدة الإرهابي.. وقد أدّت الهجمات الأخيرة على كل من إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أروبية أخرى إلى ظهور دعوات دولية إلى عقد معاهدة عالمية للحروب الإلكترونية. يأتي هذا مصاحبا لتقارير دولية تؤكد أنّ معظم دول العالم ستصبح مستقبلا أكثر عجزا عن التصدّي للقراصنة، الذين يتكتلون في جماعات إجرامية، تكون في أغلب الأحيان مخترَقة من طرف أجهزة استخبارات بعض الدول لتوجيه الضّربات إلى الأعداء بدون إثارة أي ضجيج يدعو إلى الانتقام.. اعتقلت الشرطة الايطالية، قبل أيام، قرصانا مغربيا يلقب ب»الشّبح»، وينتمي إلى المنظمة الإلكترونية العالمية «أنونيموس»، بعد شهور من ملاحقته في العالم الافتراضيّ من طرف مكتب التحقيقات الفيدرالي «FBI». وجاء هذا الاعتقال في سياق حملة دولية كبيرة تشنّها السلطات الأمريكية وبعض الدول الأوربية على القراصنة، الذين يكبّدون دولَ العالم سنويا ملايير الدولارات. وقد أضحت بعض التنظيمات الإجرامية في العالم الافتراضي مافيات حقيقية تساوم الدول على تنفيذ أوامرها أو قصف منشأتها الإلكترونية بالفيروسات، كما حدث مؤخرا عقب اعتقال حوالي 25 عنصرا ينتمون إلى «أنونيموس» في كل من الولاياتالمتحدة وتركيا وأستراليا وإيطاليا.. فمباشرة بعد اعتقال أعضاء الشبكة مجهولة الهوية، منحوا للولايات المتحدة مهلة سبعة أيام لوقف حملتها أو استهداف مواقع إلكترونية للبيت الأبيض، الكونغرس، ومركز التحقيقات الفدرالي وغيرها من المواقع الأمريكية الوزانة.. وهو ما من شأنه أن يُكبّد الحكومة الأمريكية خسارة مادية فادحة في حالة وقوعه. ويزيد من تعقّد متابعة القراصنة عبر الأسلاك تورّط بعض أجهزة المخابرات العالمية في تجنيد عملائها لقرصنة الأجهزة السّرية للدول المعادية، كما تفعل ايران مع دول الخليج أو مع إسرائيل.. يأتي هذا بعد مرور سنتين على تقرير لمعهد الشرق والغرب في القمة العالمية حول أمن الأنترنت 2010 - 2011، حينما دعا 66 في المائة من خبراء أمن الأنترنت في العالم إلى ضرورة سنّ «معاهدة دولية بشأن حروب الأنترنت». وفي 2013 ظهرت تقارير دولية كثيرة تشكّك في قدرة الدول على حماية نفسها من الهجمات المعقّدة عبر الأنترنت. أكثر من ذلك، فحوالي 80 في المائة خبراء أمن المعلوميات أكدوا، في تقرير أصدره «غوغل» مؤخرا، أنّ السياسات والتشريعات الدولية متأخرة جدا عن التقدم في مجال التكنولوجيا، ممّا يعرقل الجهود العالمية للتصدي للقرصنة. الحروب المعلوماتية يتوقع العديد من خبراء الأمن في العالم تزايُد الحرب المعلوماتية بين الدول العظمى، خاصة بين إسرائيل، الولاياتالمتحدة وإيران، بسبب النشاطات النووية الإيرانية والتسابق نحو امتلاك وسائل الرّدع التكنولوجية. ويخلف هذا الصراع الدولي ضحايا على مستوى دول أخرى في العالم بعيدة عن مناطق النزاع، بل تكون هي الضحية الأولى لتصارع الكبار.. ففي سنة 2012، مثلا، تم إطلاق فيروسات مدمّرة لضرب المفاعلات النووية الإيرانية، خاصة «ستانكست»، «المهدي»، «فليم».. ودفعت دول في إفريقيا والشرق الأوسط ثمن ذلك القصف «الطّائش». ويعتقد الخبراء أنّ سنة 2013 ستتميز أكثر بتزايد الهجمات عبر مفاتيح «USB» وشبكات خبيثة مترابطة وسرقة النقرات والبرمجة بين المواقع، والهجمات المُستهدَفة للأجهزة المحمولة وشبكات اللاسلكي. وفي أحدث تقرير لها، أكدت شركة الحماية العالمية «نورتون» أنّ السنة الحالية ستطرح تحدّيات، منها سرقة الهوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي واختراق الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية، والتحذير من نتائج محرّكات البحث على الأنترنت، لأنّ مجرمي الأنترنت يتابعون الاهتمامات العامّة أولاً بأول، مثل الاهتمام ببعض البرامج التلفزيونية الشّهيرة، والتي يتابعهما ملايين المشاهدين حول العالم. لذا، يدسّ مجرمو الأنترنت الكثير من الوصلات الزائفة والمضللة بين نتائج محرّكات البحث على الأنترنت، وما أن ينقر المستخدم المُستهدَف فوق وصلة زائفة -حسب التقرير- حتى يجد حاسوبَه مصاباً ببرمجيات تجسسٍ أو اختراق.. إضافة إلى ذلك، حذرت شركة «نورتون» من عناوين مواقع الويب المختصَرة، حيث يتعيّن على المتصفّحين أخذ الحيطة اللازمة من عناوين مواقع الويب المختصَرة التي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و»تويتر» وغيرهما. وتقود الوصلات المجهولة المستخدِمين إلى مواقع موبوءة الهدف منها تثبيت برمجيات خبيثة أو تجسسية على أجهزة الحاسوب أو المحمول المتصلة بالأنترنت.. وحذرت كذلك من الخداع والاستدراج، وهي وسيلة تُعدّ من أخطر المحاولات الإجرامية المُصمَّمة بعناية فائقة، بل إنها أكثر احترافية، لأنها لا تعتمد على قبول الضحية المستهدَفة رسالة «الطُّعم»، بل تعتمد هذه الحيلة الإجرامية، وعلى «خداع واستدراج» الضّحية إلى موقع زائف حتى إن أدخل العنوان الصّحيح للخدمة المصرفية أو غيرها من خدمات الأنترنت في متصفح الأنترنت وقع في «الفخّ».. القرصنة أمّ المصائب! التعريف المتفق عليه حول القرصنة هو كلّ عمل يهدف إلى إتلاف أو تشويه البيانات والتلاعب في المعلومات المُخزَّنة داخل أجهزة الكمبيوتر، أو التلاعب بالبيانات الشّخصية التي لها علاقة بالحياة الشخصية للأفراد، وكذلك كل ما يتعلق بجرائم ترتبط بحقوق الملكية الفكرية وانتحال شخصية أخرى بطريقة غير شرعية على الأنترنت والمضايقة والملاحَقة أو الاستدراج وإغراء مرتادي الأنترنت.. وهذا التعريف «جامع» تقريبا لكل الجرائم التي تمارَس اليوم في الانترنيت.. إلا أنّ الجزء المهمّ الذي يشكل كابوسا لكل المؤسسات والشركات الرائدة عالميا، وحتى للدول، هو الاختراق بهدف التلاعب وإتلاف البيانات، فمثلا في سنة 2006 ظهر في الإعلام شابّ في الثامنة عشرة من عمره، عرّفته عناوين الصحف ب«فريد الهاكرْ» (فريد الصبار) وهو مغربيّ ازداد في موسكو وقدِم إلى أحد الأحياء الشعبية للعاصمة الرباط، وتورّط في تصميم فيروس «زوتوب» المعلوماتيّ، الذي تسبّب في تعطيل شبكات الكومبيوتر ل100 شركة أمريكية.. قبل أن تشيّ به مصالح مكتب التحقيقات الفدرالي «F.B.I» لرجال حميدو العنيكري آنذاك. قبل ذلك، كان فريد مشاركا في سرقة نقود من الوكالة البنكية «ويسترن يونين»، ووصل المبلغ الأول المتحصَّل عليه، 8 آلاف درهم، والمبلغ الثاني، 5 آلاف درهم، وهما العمليتان الوحيدتان اللتان نفذهما في المغرب، إضافة إلى عملية أخرى نفذها لمّا كان في العاصمة الرّوسية موسكو. لم يكن فريد يعلم أنّ هذه العمليات ستجلب عليه المشاكل حينما سيظهر الفيروس «Zotob»، الذي الذي هاجم مجموعة من مواقع وأنظمة القنوات الأمريكية، ظهرت نسخته الأولى عند أحد «الهاكرز» البريطانيين تحت اسم «مايدومْ».. بعد ذلك تحول اسم هذا الفيروس إلى «مايتوبْ»، لما استبدله البريطاني مع «Diablo2» المغربي (وهو الاسم المستعار لفريد) مقابل الأرقام السرية لبعض بطائق الائتمان، فأدخل عليه بعض التحسينات والتغييرات.. وحينما أرسل فريد هذا الفيروس إلى صديقه الافتراضيّ في تركيا بالمقابل نفسه لكي يدخل عليه هو أيضا بعض التغييرات فيسميه «زوتوب»، سيقرأ فريد على أحد المواقع، حسب ما جاء على لسان والده، أنّ «زوتوب» يهاجم مؤسسات أمريكية فيقوم بالاتصال بالتركي ليستفسر عن الأمر.. سيخبره هذا الأخير أن الشرطة الدولية (الأنتربول) تبحث عنهما. بعد ذلك، سيقوم فريد بتغيير اسمه المستعار من «ديابلو2» إلى «كا09».. لكنّ مكتب التحقيقات الفدرالي ضبط الاثنين معا حينما حدّد مصدر الفيروس عن طريق اسم الحاسوب الذي يكون عبارة عن أرقام تسلسلية.. تمت مراقبة فريد داخل المغرب إلى أن جرت مداهمة بيته. هاجم الفيروس الذي صممه فريد نظام التشغيل «ويندوز 2000 « في قناة «سي إن إن» الأمريكية، وطال كذلك قناة «إي بي إس»، إضافة إلى صحيفة «نيويورك تايمز»، وكذلك شركتي بوينغ للطيران «وكاتربلار» للصناعات الثقيلة، وغيرها من كبريات الشركات الأمريكية.. وقد أحدث تدخل مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي ضجّة في الصحافة المغربية والدولية، خاصة أن الحرب الافتراضية الدائرة على شبكة الأنترنت بين «هاكرز» الولاياتالمتحدة والكثير من الدول العربية ودول الشرق الأقصى، ازدادت بعد أحداث 11 شتنبر 2001، وصارت الولاياتالمتحدةالأمريكية تتخوف من هجمات افتراضية من طرف الجماعات «المُتطرّفة» والمنظمات «الإرهابية» على أنظمتها المعلوماتية. وأمام خطورة الأعمال التي قام بها الشاب المغربي، فقد توبع أمام القضاء بتُهم تكوين عصابة إجرامية، والسرقة الموصوفة باستعمال بطاقات ائتمانية مزورة، والولوج إلى أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال، وتزوير وثائق معلوماتية من شأنها إلحاق الضرّر بالغير، وحُكم عليه بسنين سجنا نافذا. «الهاكرزْ والكراكرْزْ» «الهاكرزْ» هي التسمية الانجليزية لكلمة القراصنة، وهناك من يستعملون كلمة «الكراكرز»، وتعتبر هذه الفئة أكثرَ احترافية من «الهاكرز»، ويعملون كجماعات ويندرجون ضمن أكثر المجرمين فتكا بالمنظومة المعلوماتية ويمارسون أعمال تصنف ضمن الجريمة المنظمة، مثل السرقة، صناعة ونشر الإباحية، جرائم البنوك وغسيل الأموال، والإرهاب... وهذا لا يعني أنّ «الكراكر»، أو المخترق المحترف، هو أشدّ خطرا من المخترق الهاوي، بل قد يكون العكس هو الصحيح، لأنّ الصنف الأول يعرف ماذا يفعل وماذا يريد وله هدف خاص ومحدد يحققه وينسلّ ببراعة. أما الثاني فيكون، في الغالب، خطيرا جدا لأنه قد يتسبب في حذف أنظمة كاملة دون أن يعلم، كما أنه يترك أثرا محسوسا على النظام الذي اخترقه. ويعتمد «الهاكرز» على وسائلَ كثيرة للدخول إلى بيانات مستقلة لمؤسسات أو لأشخاص آخرين. ومن وسائل وطرُق التخريب: صناعة الفيروسات.. فمثلا يستعمل القراصنة «الدودات الإلكترونية» التي لها القدرة على التخفي وعلى نسخ الملفات إلى ما لا نهاية مما يؤدي إلى إتلاف القرص الصّلب للكمبيوتر، وقدرتها التدميرية هائلة. كما يتم استعمال الرسائل المغلفة أو ما يسمى «أحصنة طروادة»، وهي في حقيقة الأمر برامج تجسسية تقوم بعمل معين يحدّده الشخص الذي صمّمها أو زرعها في جهاز الضحية. ويستعمل «الهاكرز» كذلك القنابل الإلكترونية والرسائل المفخخة، وكلها تهدف إلى إتلاف المعلومات والبيانات وتشويه وتعطيل منظومة الحواسيب. فالمواقع الالكترونية هي الصيد الثمين لكل القراصنة، سواء منهم المحترفين أو الهواة، لكنّ هذه المواقع صعبة الاختراق، لأنها جد مؤمَّنة، بخلاف الحسابات الشخصية، التي يعتبر الدخول إليها سهلا. فاختراق موقع إلكتروني يتطلب من القرصان مجهودا مضنيا، قد يصل أحيانا إلى قضاء ساعات طوال أمام شاشة الكمبيوتر قبل الوصول، في الأخير، إلى مكامن الخلل والضّعف في الموقع. في السنوات القليلة الأخيرة، ازداد الاجرام الإلكتروني بشكل ملفت للانتباه تحت مسميات شتى. ولم تعد هجمات «الهاكرز» المغاربة، خلافا لما مضى، مقتصرة على مواقع مسيئة إلى الدين الإسلامي أو إلى الوحدة الترابية للمغرب، أو للدفاع عن بعض القضايا العربية، مثل تدمير مواقع إسرائيلية، خصوصا خلال حرب غزة، بل شملت لائحة المواقع المتضرّرة من هجمات «الهاكرز» مواقع لوزارات ونقابات ومؤسسات خاصّة.. وهي كلها تُهم يعاقب عليه القانون المغربيّ، لأن مهاجمة المواقع الاسرائيلية أو المعادية للمغرب لا تدخل في باب المسموح به للأفراد. وباستطاعة القراصنة -عبر ثغرات معينة يتم البحث عنها طويلا- الدخول إلى المواقع الإلكترونية أو إلى أرقام الحسابات المصرفية في بنك ما، ويستطيعون عبر عدة إجراءات تحويل مَبالغَ مالية إلى أرصدتهم الشخصية أو إلى أرصدة معارفهم. العقوبات الدولية تنبّهت كثير من الدول إلى خطورة الجرائم المرتكبة في الأنترنت منذ مدة، حيث يعود أول مؤتمر بشأن جرائم الأنترنت إلى سنة 1998 في أستراليا، لكنّ معظم الدول تغافلت عن التنصيص القانوني على الجرائم الإلكترونية، وأصبحت الآن أمام تحدي مواءمة تشريعاتها مع الزّحف والتطور الكبير الذي يعرفه ميدان المعلوميات كل سنة، في عصر زالت فيه الحدود واختلطت فيه الجنسيات وأصبح العالم كله يلتقي في فضاء افتراضيّ معقد أصغر من تلك «القرية الصغيرة»، التي بشّر بها مارشال ماكلوهان.. وإذا كانت هناك دولة تستحق الإشادة في مجال التشريع للقانون المكافح للجرائم الإلكترونية فهي السويد، التي يعود قانونها إلى سنة 1973، حيث عالج هذا القانون آنذاك قضايا الاحتيال عن طريق الكمبيوتر، وشملت فصوله جرائم الدخول غير المشروع إلى البيانات الحاسوبية أو تزويرها أو تحويلها أو الحصول غير المشروع عليها. واتبعت الولاياتالمتحدةالأمريكية الخطوات نفسَها، حيث شرَّعت -في سنة 1976- قانونا لحماية الكمبيوتر، وفي سنة 1985 تم تحديد خمسة جرائم رئيسية في المعلوميات، وهي جرائم الكمبيوتر، جرائم الاستخدام غير المشروع عن بُعد، جرائم التلاعب بالكمبيوتر، دعم التعاملات الإجرامية، وسرقة البرامج الجاهزة والمكونات المادية للكمبيوتر. في حدود السنوات نفسها تقريبا، أقرّت بريطانيا قانون مكافحة التزوير والتزييف عام (1981). أما فرنسا فتعتبر من أوائل الدول التي اهتمّت بتطوير قوانينها الجنائية وملاءمتها مع المُستجَدّات الإجرامية في الشبكة العنكبوتية، حيث أصدرت عام 1988 قانون العقوبات الجنائية الخاصَّ بالجرائم الإلكترونية، ولأن ميدان المعلوميات في تطور مطرد فقد تم تعديله سنة 1994، ليشمل قواعد قانونية جديدة. أمّا التشريع العربي فلم يواكب بعد الاهتمام الدوليَّ الكبير بمساهمة استخدام وسائل الاتصال الحديثة، بيد أن تونس قد تكون النموذجَ الواضح لإقرار قواعد قانونية تهمّ الأنترنت، حيث بادرت إلى سنّ قوانين لحماية الحريات الفردية والحياة الخاصة عبر الأنترنت، خاصة في قانون عدد 65 لسنة 2004، وقانون 3026 لسنة 2008 من أجل ضبط الشروط العامّة لاستغلال الشبكات العمومية للاتصالات، وأفردت فيه فصلا خاصا لسرية المراسَلات وحيادها ومعالجة المعطيات ذات الصّبغة الشخصية، وهو القانون الذي من المنتظر أن تعيد فيه الحكومة الجديدة النظر بسبب فصوله التي كانت أهدافه أمنية تحكمية لخدمة النظام السّابق لبنعلي.. وقد بدأت الدول العربية، في السنوات القليلة الماضية، تتنبه إلى خطورة جرائم الأنترنت، ففي سنة 2008 دخل حيّز التطبيق في السعودية قانون لمكافحة الجرائم المعلوماتية، يُعرّف لأول مرة بالجرائم المُرتكَبة في الأنترنت وعقوباتها، ودول عربية أخرى سارت في المنحى نفسه، خصوصا البحرين، الأردن، ولبنان... وتعتبر دولة الإمارات من الدول التي تفرض رقابة دقيقة على الأنترنت، حيث إنها طلبت من أصحاب مقاهي الأنترنت تسجيل أسماء الرّواد والزمن الذي استخدموا فيه الأنترنت بغرض متابعة الجرائم الإلكترونية. القانون المغربي بالنسبة إلى المغرب، يعتبر الباب العاشر من القانون الجنائي، الذي جاء تحت مسمى «المس بنظام المعالجة الآلية للمعطيات»، القانونَ المطبَّقَ حاليا ضد «القراصنة ومجرمي العالم الافتراضي»، وكل من ثبت إخلاله بالمواد التي نصّ عليها القانون.. وينص الفصل 607، مفصلا في الجرائم الالكترونية التي يعاقب عليها كما يلي: يعاقَب بالحبس من شهر إلى ثلاثة اشهر وبالغرامة من 2000 إلى 10 آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كلُّ من دخل إلى مجموع أو بعض نظام للمعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال. ويعاقب بالعقوبة نفسها من بقي في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو في جزء منه، كان قد دخله عن طريق الخطأ وهو غير مخوّل له حق دخوله. وتضاعَف العقوبة إذا نتج عن ذلك حذف أو تغيير المعطيات المُدرَجة في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات او اضطراب في سيره. وينصّ الفصل نفسُه على أنه: يعاقَب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من 10 آلاف إلى 200 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كلُّ من عرقل عمدا سير نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو أحدث فيه خللا. ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبالغرامة من 50 ألفاً إلى مليونَي درهم كل من صنع تجهيزات أو أدوات أو أعدّ برامج للمعلوماتيات أو أي معطيات أعِدّت أو اعتمِدَت خصيصا لأجل ارتكاب الجرائم المعاقَب عليها في هذا الباب، أو تملَّكها أو حازها أو تخلى عنها للغير أو عرَضها أو وضعها رهن إشارة الغير. وفي سنة 2003، أصدر المُشرّع المغربي القانون رقم 03 - 03، المتعلق بالإرهاب، وقانون 07 - 03، المتمّم لمجموعة القانون الجنائي، ويتعلق بالإخلال بسير نظام المعالجة الآلية للمعطيات. وتتويجا لمسار الاهتمام بالجرائم في العالم الافتراضي، أصدر المغرب -سنة 2009 القانون رقم 08 - 09، المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشّخصي. ويؤكد هذا القانون عدم جواز المساس بالهوية والحقوق والحريات الجماعية والفردية للإنسان. كما يُشدّد على ضرورة عدم اختراق الحياة الخاصة للمواطنين، ويحدّد المعطيات ذات الطابع الشخصي، أيا كان نوعها، بغضّ النظر عن دعامتها بما في ذلك الصوت والصّورة، والمتعلقة بشخص ذاتيّ معروف أو قابل للتعرُّف عليه.