عادت بلدة «تالسينت» بالجهة الشرقية للظهور مجددا على واجهة الأحداث، إذ إن سكان هذه البلدة النائية في إقليم فكيك، الذين كانوا يحلمون في وقت سابق بالرفول في ثروة بعد الإعلان عن اكتشاف آبار البترول بها، يعانون منذ مطلع الأسبوع الماضي من الصقيع جراء الثلوج التي تحاصر ستة مداشر متسببة في عزل سكانها عن العالم الخارجي. وأكدت مصادر من بلدة تالسينت، التابعة إداريا لإقليم فكيك، أن قوات من الجيش والدرك الملكي تدخلت لإنقاذ سكان الدواوير التي تحاصرها الثلوج المتساقطة على المنطقة بشكل غير مسبوق منذ بداية الأسبوع الجاري، مشيرة إلى أن ندف الثلج المستمرة في التساقط تسببت في إغلاق الطرقات المعبدة وغير المعبدة التي تربط تالسينت بالمداشر التابعة لها. وأشارت مصادرنا إلى أن وحدات للجيش والدرك الملكي شوهدت تعبر مسالك وعرة لإيصال الأغذية والأغطية إلى السكان الذين تحاصرهم الثلوج في جماعة تالسينت، مضيفة أن معاناة مدشر»دوار بلبول» تعتبر الأشد وطأة بعد انقطاع سكانها عن العالم الخارجي منذ الاثنين الماضي. وحسب مصدر من القيادة الجهوية للدرك الملكي لمدينة بوعرفة، فإن أفرادا من الدرك الملكي مافتئوا يتدخلون منذ الثلاثاء الماضي لإيصال المساعدات إلى السكان المتضررين،مضيفا أن فرق الإنقاذ استعانت بحوامة تابعة لجهاز الدرك لإلقاء المواد الغذائية والأغطية بالقرب من المجمعات السكنية التي تحاصرها الثلوج بجماعة تالسينت أملا في التخفيف من معاناة السكان المحاصرين. ورفض المصدر ذاته الإفصاح عن عدد رجال الدرك الذين يشاركون في عملية الإنقاذ، مضيفا أن من ذلك اختصاص القيادة العليا للدرك الملكي بالرباط. وقال حسن أومنشار، رئيس مصلحة التجهيزات الأساسية بمندوبية وزارة التجهيز في مدينة بوعرفة، في اتصال هاتفي مع«المساء» صباح أمس، إن فرق إزاحة الثلوج ماتزال تعمل جاهدة على كسح الثلوج التي تعزل مدشر»غمات» الذي يبعد ب30 كيلومترا عن تالسينت في اتجاه ميسور، مشيرا إلى أن مصلحة التجهيزات الأساسية التي يرأسها جندت12 عاملا وشاحنتين من النوع الكبير وشاحنتين مزودتين بآلتين لكسح الثلوج. وقال مصدر من عمالة فكيك، إن السلطات المحلية سارعت بعد إخطارها بوضعية السكان المحاصرين إلى تعبئة الوسائل الضرورية بتنسيق مع مديرية التجهيز بالمنطقة الشرقية، كما استعانت بعناصر من القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي لفك العزلة عن المناطق المحاصرة بثلوج تساقطت بشكل استثنائي، وقد اضطرت لجنة تفقدية، كان يرأسها عامل الإقليم، إلى قضاء ليلة الثلاثاء الأربعاء الماضي بجوار مسلك طرقي يربط بين جماعة «تالسينت» و»دوار بلبول». إلى ذلك، تؤكد مصادر من بلدة «تالسينت»، التي برز اسمها على واجهة الأحداث في المغرب كقرية بترولية قبل أن تعود إلى دائرة النسيان بعد تبخر حلم وجود البترول بها، أن الثلوج تغطي بالكامل جبل «المونتمغارين» الذي يصل ارتفاعه إلى 2437 مترا، وجبل «تافرداست» الذي يرتفع 2500 مترا عن سطح البحر، وكذلك جبلي «اش اوعلام «وجبل «فالشو» المطل على قصر البور الموجود غرب المنطقة والذي يعتبر أحد منابع وادي أيت عيسى. وحسب مصادرنا، فإن التجمعات السكنية المحيطة بجبلي «السكنديس» و«بوقشبة» ما تزال، إلى حدود صباح أمس الخميس، معزولة عن العالم الخارجي، مشيرة إلى أن المنطقة ماتزال تعرف خصاصا في التزود بالمواد الأساسية، ضمنها غاز البوتان والمواد الغذائية، فيما توقعت المصادر ذاتها أن تكون بعض رؤوس الماشية قد نفقت جراء ما وصفته المصادر ذاتها ب«البيات الشتوي الاضطراري الذي لم تشهده المنطقة منذ أزيد من ربع قرن». وأوضحت مصادرنا إلى أن الثلوج غطت بالكامل مجموعة من الفجاج التي تربط بين الجبال المحيطة ب»تالسينت» خصوصا فج «تيزيزاوين» الذي تمر منه الطريق الرابطة بين تالسينت وميسور، كما كست ندف الثلج ممر» أجلموس» و»توشنت» فيما تجمدت مياه وادي تالسينت ووادي تملسمت بسبب الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة بالمنطقة