مَثُل عبد السلام بودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرّشوة، أول أمس الخميس، أمام المحكمة الابتدائية في الناظور، التي تنظر في ملفّ جنحي عادي رقم 4416/09، متعلق باتهامات ب«النصب والاحتيال». ويأتي أول مثول لبودرار أمام ابتدائية الناظور بعد غيابه المتكرر عن جلسات المحاكمة، التي انطلقت في سنة 2009، رغم توجيه الاستدعاء إليه في أكثرَ من مناسبة، وهو ما اضطرّ المحكمة -في جلسة 10 ماي الجاري- إلى تكليف هيئة الدفاع بإحضاره رفقة المشتكى به الثاني. وحسب مصادر متابعة للملف، فقد نفى بودرار، الذي كان مؤازَراً بمحاميين اثنين من هيئة الدارالبيضاء وطنجة، تهَمَ النصب والاحتيال التي وُجّهت له بناء على شكاية مباشرة تقدَّمَ بها في سنة 2009 محمد الهرواشي، رئيس المكتب الوطني لجمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسّفي من الجزائر، ضده بصفته الكاتبَ العامَّ السابق لصندوق الإيداع والتدبير والكاتب العام للنظام الجماعي لإعانة التقاعد، وضد عبد الغني بن كروم، تاجر، بعد أن اكتشف أن المحل التجاري الذي سبق لزوجته المتوفاة أن اشترت حق الدخول إليه سنة 1991 قد بيع لشقيقها بعد وفاتها سنة 2003، وأنّ عقد البيع يتضمّن معطيات كاذبة، منها أن المحل المباع غير خاضع لأيّ التزام أو كراء. وأوضح بودرار أمام هيئة المحكمة أنه «لا ناقة ولا جمل له في الملف»، مؤكدا أنه لم يسبق له أن جاء إلى مدينة الناظور منذ 1985.. وأنه لم يسبق له أن تعرَّف على المشتكي به الأول عبد الغني بن كروم، وأن العقد المُبرَم وقعه في مدينة الرباط، وهو العقد الذي ينصّ على أنّ المحل التجاري المباع غير خاضع لأي كراء أو التزام، كيفما كان نوعه، في حين تثبت الوثائق التي أدلى بها المشتكي عكس ما هو مدون في عقد البيع، الذي أبرمه بودرار بوصفه كاتبا عاما لصندوق الإيداع والتدبير وكاتبا عامّا للنظام الجماعي لإعانة التقاعد، مع بن كروم. وكان لافتا، خلال جلسة أول أمس، تصريح الموثقة «ج. ش.» أنّ بودرار لم يَمثُل أمامها في تاريخ إنجاز عقد البيع، وإنما هي التي انتقلت إلى مدينة الرباط فسلّمت له العقد ووقعه. فيما كانت قد دبّجت عقد البيع الذي حررته بكلمة «حضر أمامي السيد عبد الغاني بن كروم والسيد عبد السلام أبو درار»، وهو ما يطرح أكثرَ من سؤال حول من وقّع عقد البيع المؤرَّخَ في 20 نونبر 2004 ومحل توقيعه. من جهته، صرّح المشتكي أمام المحكمة بأنه «يمكن لبودرار أن يرتكب حادثة سير مميتة أو أن يرتكب جريمة وبحضور الشّهود دون أن تطاله أيدي العدالة لأنّ موثقة محلفة تمارس مهنة نظمها القانون تشهد أنّ السيد بودرار مَثل أمامها». إلى ذلك، قرّرت المحكمة الابتدائية في الناظور، بعد الاستماع إلى بودرار والموثقة والمشتكي، حجز الملف للتأمل إلى غاية جلسة 6 يونيو القادم. وتعود فصول القضية إلى 17 مارس 2009، حين تقدّم محمد الهرواشي بشكاية مباشرة إلى رئيس المحكمة الابتدائية في الناظور، ملتمسا فتح متابعة ضد بن كروم وبودرار بجنحة النصب والاحتيال، والحكم عليهما تضامنا بأداء تعويض مدنيّ، حُدد في 100 ألف درهم، عن الأضرار المادية والمعنوية اللاحقة به من جرّاء «التحايل الذي مورس ضده من طرف المشتكى بهما». ووفق نص الشّكاية المباشرة، فإنّ طلب متابعة بودرار بجنحة النصب والاحتيال جاء بعد أن فوجئ المشتكي بأنّ المحل التجاري الكائن في الطابق الأرضي من العمارة «H» رقم 22، الحي المحمدي في الناظور، الذي كانت زوجته قد اشترت في 7 مارس 1991، «خلو رِجْل» (الساروت) وحقوق الدخول إليه بمبلغ 70 ألف درهم من الشركة العقارية للأملاك والعقارات، مقابل سومة كرائية قدْرها 700 درهم شهريا، قد بيع بعد وفاة الزّوجة من طرف بودرار، باعتباره الممثلَ القانونيَّ لمالكه الجديد -النظام الجماعي لإعانة التقاعد- للمشتكى به الثاني (بن كروم، شقيق الزوجة) بمقتضى عقد بيع مؤرخ في 20 نونبر 2004. وحسب الشكاية، التي تتوفر الجريدة على نسخة منها، فإن «المشتكى بهما تعمّدا إخفاء حالة المحلّ موضوع العقد بينهما، من حيث إثقاله بحق الغير، بعد أن علما العلم اليقيني أنّ مالكة الأصل التجاري المتعلقة به قد انتقلت إلى جوار ربها»، مشيرة إلى أن عقد بيع المحل التجاري الذي تم بين المشتكى بهما تضَمّنَ تأكيدات على أنّ المحل المباع غير مثقَل بأيّ دَين أو رهن عقاريّ أو حجز أو أي من التحملات، كيفما كان نوعها، وليس موضوعا لأي إجراء تحفظي أو تنفيذي، وهو ما يخالف الواقع، إذ إنّ المحل التجاري مثقل بحق الكراء للغير وبكون أصله التجاري قد بيع بمقتضى العقد المؤرخ في 7 مارس 1991 للراحلة حسنية بن كروم، زوجة المشتكي.