أبرز محللو «بي.ام.سي.أو.كابتال» أن تباطؤ القطاع البنكي بالمغرب خلال سنة 2009 وارد جدا، إذا ما تم الإبقاء على نفس نسبة الفائدة في القروض العقارية التي أوصى بها بنك المغرب خلال السنة الماضية، دون الحديث عن توقع انخفاض تحويلات المهاجرين المغاربة بالخارج، والتي سيكون لها الأثر السلبي على ودائع البنوك. أما بالنسبة إلى تداعيات الأزمة على القطاع البنكي، فقد كان المحللون متفائلين، حيث قالوا إن التأثير سيكون محدودا جدا لضعف العروض البنكية المغربية بالأسواق الخارجية. وحسب بنك المغرب فمبلغ الالتزامات بالخارج لا يتعدى 4 في المائة من موجودات القطاع. لكن فيدرالية القطاع البنكي والمالي التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، كان لها رأي آخر في ما يخص تأثير الأزمة المالية على القطاع، حيث أكد حسن البصري، رئيس الفيدرالية، من خلال النشرة الخاصة للاتحاد العام لمقاولات المغرب لشهر يناير الحالي، أن القطاع سيتأثر لا محالة بالأزمة المالية العالمية. وبهذا الخصوص، يجب أن تبقى الفيدرالية حذرة من الأثر المحتمل لهذا الركود على الاقتصاد المغربي، مضيفا أن الحل هو تعزيز صورة القطاع لدى المستثمرين وخصوصا المشاركة في المشاريع الخاصة بالاقتصاد الوطني، ولكن أيضا الموجهة إلى منطقة المغرب العربي والدول الإفريقية، حيث يمكن الاستفادة منها لمزيد من التكامل الإقليمي وتنمية التعاون في ما بين بلدان الجنوب- جنوب. القطاع الآخر الذي سيعرف تراجعا خلال السنة الحالية، حسب محللي «بي.إم.سي.أو.كابتال» في آخر دراسة منشورة لهم، هو القطاع العقاري وخصوصا الفاخر منه الموجه إلى الزبون الأجنبي، حيث من المحتمل إذا ما استمرت الأزمة المالية العالمية أن يعرف تراجعا مهما، كما يتوقع المحللون انخفاض أثمنة العقار المتوسط والممتاز نتيجة اختلال العرض والطلب الذي عرفه المغرب ابتداء من صيف 2008، حيث العرض أصبح في غير المتناول نتيجة الأثمان الخيالية التي سجلها هذا النوع من العقار مؤخرا، أما الشقق الاقتصادية والاجتماعية فستعرف نموا نتيجة توفر الطلب على هذا النوع من العقار، إذ تسجل الإحصاءات أن المغرب يحتاج إلى مليون شقة، وهو ما يعطي لهذا الصنف وفرة في الطلب بالنظر إلى أثمنته التي في المتناول، سواء من طرف أصحاب الدخل المحدود أو المتوسط، دون الحديث عن توفير ما يقارب 3700 هكتار من الدولة والتي ستفتتح من أجل التعمير في 35 مدينة بالمملكة. قطاع الإسمنت والأشغال والبناء سيعرف هو الآخر تباطؤا في نموه، نظرا إلى فتح العديد من المصانع الجديدة للإسمنت وتوسيع المصانع القديمة، مما سينتج عنه عرض زائد لهذه المادة بالأسواق انخفاض في الأثمنة بالمقابل، إلا أن محللي «بي.ام.سي.ام.كابتال» يرون أن انخفاض أثمان الإسمنت بالمغرب لن يتحقق إلا ابتداء من سنة 2011، كما توقع المحللون أن تعرف صناعة الحديد والفولاذ تباطؤا في النمو وانخفاضا في أثمنة مواده نتيجة انخفاض المواد الأولية بالأسواق العالمية منذ السنة الماضية. أما بالنسبة للقطاعات التي لها آفاق جيدة خلال السنة الحالية، فنجد قطاع التغذية، الذي سيستفيد من انخفاض أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية، الشيء الذي سيخول للقطاع نموا مهما، تنضاف إلى ذلك بوادر الموسم الفلاحي الجيد لهذه السنة والذي من شأنه أن يدفع بالقطاع إلى تسجيل نتائج جيدة، فمثلا صناعة الألبان ستعرف خلال 2009 نموا بالنظر إلى تزايد استهلاك الحليب ومشتقاته لدى المغاربة سنة بعد أخرى، وسيعرف قطاع الزيوت كذلك ارتفاعا خلال هذه السنة سواء في الإنتاج أو في الأرباح، وذلك بالنظر إلى تراجع أسعار المواد الأولية بالأسواق العالمية، نفس الأمر بالنسبة إلى صناعة السكر، أما صناعة المشروبات الغازية فمن المتوقع أن تعرف نموا محدودا نظرا إلى تزامن عطلة الصيف لسنة 2009 مع شهر رمضان، الشيء الذي سيعرف معه استهلاك هذه المادة انخفاضا في الطلب، بالنظر إلى أن فصل الصيف يكون دائما أهم فترة لبيع المشروبات الغازية. من جانبها، عبرت فيدرالية الصناعات المعدنية عن تخوفها من السنة المقبلة التي بدأت بوادرها تظهر منذ اندلاع الأزمة المالية في 2008، حيث عرف القطاع على المستوى الدولي تأثرا شديدا بالأزمة الاقتصادية، ولاسيما بعد تراجع مبيعات السيارات وانخفاض الطلب في صناعة البناء والزراعة، ونتيجة لهذا الوضع ارتفع المخزون من المعادن في حين بدأت الأسعار في انخفاض حاد، مما تسبب في إغلاق العديد من المناجم، والمغرب لم يسلم من هذا التأثير، وأضافت الفيدرالية من خلال نشرة الاتحاد العام لمقاولات المغرب أنه من المتوقع أن تعرف سنة 2009 أزمة في تسويق المنتوج نظرا إلى ضعف الطلب، مما سينعكس كذلك على مجال الاستثمار في القطاع مع انحسار اكتشاف مناجم جديدة، وتأسفت الفيدرالية على كون السلطات العمومية لم تعر اهتماما للقطاع ومشاكله رغم أنها دقت ناقوس الخطر منذ سنوات خلت، لكن لم تتلق جميع التدابير المرافقة المرجوة لذلك.