أسالت قضية مدافع فريق الجيش الملكي، عبد الرحيم شاكير، الكثير من المداد وخلفت العديد من ردود الأفعال. «المساء» تعيد صياغة ما وقع منذ مباراة تانزانيا حتى تقديم الاستئناف من خلال كرونولوجيا معززة بوثائق موقعة من طرف الاتحاد الدولي ومعطيات تحدد المسؤوليات وتواريخ تبرز الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها الجهاز الوصي على اللعبة. لم يكن عبد الرحيم شاكير، مدافع المنتخب الوطني والجيش الملكي يعتقد أن مباراة تانزانيا التي أعقبت ظهوره بمستوى جيد خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا 2013 بجنوب إفريقيا ستكون المواجهة التي ستقلب حياته رأسا على عقب وستضع مساره الكروي على المحك، بل لم يكن أكثر المتشائمين يعتقد أنها ستتسبب له في التوقيف لمدة سنة كاملة بعدما دقت دقائقها التسعون مسمارا آخر في نعش كرة القدم الوطنية جراء توالي النتائج السلبية وتكالبها. أنهى شاكير المباراة قبل وقتها الأصلي بعدما حصل على بطاقة حمراء لم تبعده فقط من المواجهة وإنما ستحكم عليه بعدها بالتوقيف لمدة سنة بعدما رافقتها حركة لا أخلاقية ساهمت في تأزيم الوضع وزادت الطين بلة. الحركة رصدها الحكم ولم يدعها مراقب المباراة تمر مرور الكرام، بعدما دوناها في تقريريهما قبل تقديمه إلى « فيفا» التي ستحيله في فترة ثانية على المجلس التأديبي للبت فيه واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان احترام الحكام وتكريس قيم الروح الرياضية والتنافس الشريف. قرار المجلس التأديبي الوثائق التي حصلت عليها «المساء» من الاتحاد الدولي للعبة بخصوص قضية الشاكير تقول إن اللجنة التأديبية التابعة له اجتمعت يوم 7 ماي بزيوريخ السويسرية وأصدرت حكما في حقه يحمل رقم ( 130278 mar zh)، مبرزة أن المجلس ترأسه السويسري مارسيل ماتييغ وضم في عضويته كل من كونستان عماري سليمان من الكونغو الديموقراطية ورايموند هاك من جنوب افريقيا وأورست لومبير من النمسا وكيا تونغ ليم من سنغافورة وجيم شاو الايرلندي. القرار التأديبي الذي اتخذته اللجنة التأديبية ارتكز على تقرير حكم المباراة ومراقبها، تقول «فيفا» في سردها للأحداث «بناء على تقرير حكم مباراة المغرب وتانزانيا يوم 24 مارس 2013 في إطار التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2014 بالبرازيل، اللاعب رقم 2، عبد الرحيم شاكير، الذي تعرض للطرد في الدقيقة 80 قام بسلوك تعسفي في حق الحكم بعد تسجيل اللاعب سماطا هدفا لمنتخب بلاده في الدقيقة 79». وشدد الحكم في تقريره، الذي توصلت به «فيفا» يوم فاتح أبريل 2013، على كونه تعرض للتعنيف من طرف اللاعب شاكير، وزاد قائلا:»بعد الهدف ركض اللاعب في اتجاهي وحاول الاعتداء علي بالرأس وشدني من القميص في مناسبات عديدة، كما عمد إلى ضربي برجله». منعرج القضية شكل يوم 4 أبريل 2013 منعرجا حاسما في القضية بعدما فتحت كتابة لجنة الانضباط التابعة ل «فيفا» ملف اللاعب شاكير، وطلبت منه ومن الجامعة تقديم الدفوعات القانونية وتوضيح ما وقع سواء بالصور أو الفيديو وغيرهما بخصوص الطرد الذي تعرض له في المباراة وذلك داخل أجل أقصاه 18 أبريل 2013 حتى يتسنى لها الأخذ بعين الاعتبار وجهة النظر المغربية بعد توصلها بتقرير الحكم ومراقب المباراة، وذلك حتى يكون الملف متكاملا ويدافع كل طرف عن موقفه. مراسلة الاتحاد الدولي لكرة القدم يوم 4 أبريل لم تقف عند هذا الحد بل تعدته إلى التأكيد، فيما يشبه بالإنذار، على أن عدم بعث الجامعة واللاعب بالدفوعات وتبرير أسباب الطرد سيجعلها تكتفي بالمعطيات والرواية التي قدمها كل من الحكم ومراقب المباراة. موقف الجامعة في المراسلة ذاتها، التي تتوفر «المساء» على نسخ منها، شددت كتابة «فيفا» على أنها منذ 4 أبريل وإلى غاية يوم اجتماعها (7 ماي) لم تتوصل لا من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ولا من طرف اللاعب شاكير بأية دفوعات توضح موقف اللاعب، مبرزة في السياق ذاته أن جامعة الكرة مطالبة بإشعار اللاعب، وبشكل فوري، بالموضوع، ومشيرة إلى أنها بعثت بمراسلتين، واحدة إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وأخرى إلى الجهاز الوصي على اللعبة. مطالبة «فيفا» للجامعة بتقديم الدفوعات قبل 18 أبريل وتحذيرها بالاكتفاء بالمعطيات التي تتوفر عليها( تقرير الحكم ومراقب المباراة) لإصدار القرار لم يكن كافيا لتحريكها وهو ما يؤكد، وبكل جلاء، تحملها لكامل المسؤولية لاعتبارين أساسيين أولهما كونها يتوجب أن تكون أول المدافعين عن اللاعبين المغاربة والفرق الوطنية وثانيهما هو إشارة « فيفا» إلى كونها يتعين عليها إخبار اللاعب بشكل فوري بالموضوع، وهو ما لم يحدث إلى غاية يوم 14 ماي، أي بعد 40 يوما من مطالبة الجامعة بتقديم دفوعاتها. التهم الموجهة إلى شاكير تشير الوثائق والمراسلات الرسمية للاتحاد الدولي لكرة القدم « فيفا» إلى كون اللاعب شاكير توبع من طرف لجنة الانضباط بتهمة محاولة ضرب الحكم بالرأس ومسكه من القميص في مناسبات كثيرة وضربه بالرجل مع إبداء سلوك عدواني رغم كون احترام مسيري المباراة يعتبر مبدأ أساسيا في لعبة كرة القدم، وهو المبدأ الذي قالت اللجنة إنه قد تم خرقه في هذه الحالة، خصوصا، تضيف اللجنة، أن «فيفا» طالبت اللاعبين، في إطار التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم المزمع تنظيمها بالبرازيل سنة 2014، بأن يكونوا نموذجا جيدا ويعطوا انطباعا ايجابيا للجماهير التي تتابعهم سيما الشباب منهم. اللجنة شددت، أيضا، على كون اللاعبين مطالبين بالتحلي بالروح الرياضية والتشبع بالأخلاق بغض النظر عن ظروف وحيثيات المباراة، وهو ما قالت إن شاكير لم يقم به بناء على تقرير الحكم ومراقب المباراة وغياب وجهة نظر اللاعب والجامعة. عقوبة قاسية حجم التهم الموجهة إلى اللاعب من طرف حكم مباراة تانزانيا ومراقبها، وغياب موقف اللاعب والجامعة، عوامل دفعت لجنة الانضباط التابعة ل «فيفا» إلى إصدار عقوبة قاسية في حق اللاعب تتمثل في توقيفه لمدة 12 شهرا ابتداء من تاريخ صدور القرار، علما أن التوقيف يطال المباريات الدولية والوطنية سواء الرسمية منها أو الودية. وارتباطا بالعقوبة التأديبية، قضت اللجنة بتغريم اللاعب شاكير مبلغا ماليا قدره 10 آلاف فرنك سويسري، وهو ما يعادل 88 ألف و900 درهم، فضلا عن 17 ألف و700 درهم التي يتوجب على اللاعب دفعها، والتي تمثل قيمة مصاريف المسطرة. وتم إصدار القرار واعتبار اللاعب شاكير مخطئا على خلفية السلوكات الصادرة عنه في حق الحكم بناء على الفصل 49 للجنة الانضباط ب « فيفا». وبخصوص الغرامة المالية يشير قرار «فيفا» إلى أن شاكير مطالب بتسديد الغرامة المالية في تاريخ أقصاه 30 يوما ابتداء من تاريخ صدور القرار ( 7 ماي 2013) وذلك إما بالفرنك السويسري أو الدولار الأمريكي. مساعي لتدارك الخطأ بعدما شدد « فيفا» على كون الجامعة تتحمل مسؤولية القرار الصادر في حق اللاعب نتيجة عدم إبدائها لأي رأي ولا إجابتها عن المراسلة التي توصلت بها، ولا تقديم الدفوعات في الآجال القانونية، عمدت الأخيرة، في خطوة متأخرة، إلى إخبار الفريق العسكري بالمراسلة التي توصلت بها يوم 14 ماي والتي تضمنت قرار لجنة الانضباط المجتمعة يوم 7 ماي. مسؤولو الفريق العسكري، وفور علمهم بالخبر بشكل جد متأخر عمدوا إلى تسريع وتيرة الإجراءات القانونية من أجل استئناف الحكم رغم أن كون قيام الجامعة بواجبها خلال الوهلة الأولى كان سيخفف من العقوبة الابتدائية، ما سيجعل الاستئناف في المحطة الثانية فرصة سانحة للتخفيف من حدة القرار. ومنحت لجنة الانضباط التابعة ل «فيفا» المسؤولين المغاربة إمكانية استئناف القرار بناء على الفصل 118 والذي يمر عن طريق إخبارها كتابيا بالخطوة داخل آجال أقصاه 3 أيام من تاريخ التوصل بالمراسلة، وأن يكون معززا كتابيا داخل آجل إضافي مدته 7 أيام انطلاقا من تاريخ انقضاء المدة الأولى (ثلاثة أيام) وفق ما ينص عليه الفصل 120 للجنة الانضباط التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم. ويتوجب على الجامعة دفع مبلغ مالي قدره 3 آلاف فرنك سويسري (ما يعادل 26 الف و700 درهم) حسب الفصل 123 حتى يتسنى لها استئناف القرار، ودائما إما بالفرنك السويسري أو الدولار الأمريكي.
موقف الفريق العسكري شدد محمد مفيد، نائب الرئيس الثاني لفريق الجيش الملكي، كما أشارت إليه «المساء» في عدد سابق على كون الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» قام بالواجب بخصوص قضية اللاعب شاكير بعدما عقدت اللجنة التأديبية التابعة له اجتماعا لتدارس الملف على خلفية التقرير الذي قدمه كل من الحكم ومندوب المباراة . وأوضح مفيد في اتصال هاتفي مع «المساء» أن «فيفا» أشعرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم قبل عقد الاجتماع يوم 4 أبريل حسب ما تناهى إلى علمه بهدف تقديم الدفواعات القانونية حتى يكون الملف متكاملا قبل عقد اجتماع اللجنة للبث في قضية اللاعب شاكير، وزاد قائلا» الفيفا» كانت تنتظر أن يدلي الجانب المغربي بموقفه حتى يكون الملف متكاملا وتكون المسطرة عادية». وأكد مفيد أن «فيفا» اعتمد فقط على تقرير الحكم ومراقب المباراة وزاد قائلا:» بما أن الجامعة لم ترد اكتفت اللجنة التأديبية بالأخذ بعين الاعتبار تقريري الحكم والمراقب، عناصر الدفاع لدينا كانت غائبة والقوانين صارمة، وبما أننا لم نقدم جوابا فهذا يعني أن « اللي متكلمش راه موافق». وشدد مفيد على أن فريقه علم يوم 14 ماي بقرار التوقيف والغرامة المالية، وهو ما حرك المسؤولين للقيام بالإجراءات الواجبة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وزاد قائلا» عقدنا اجتماعا وحرر اللاعب رسالة استعطاف، القضية « صعيب ندبروها فهاد الوضعية الله يوقف معانا وصافي». وأبرز مفيد في الاتصال ذاته أن الحكم في المرحلة الابتدائية كان من الممكن أن يكون مخففا لو تم تقديم وجهة النظر والدفاع عن اللاعب، قبل أن يختم قائلا» الأمور الآن تعقدت نوعا ما، تصرف «الفيفا» منطقي لأن الجامعة لم ترد». يشار إلى أن الاتحاد الدولي لكرة القدم قد أوقف مدافع المنتخب الوطني ولاعب الجيش الملكي عبد الرحيم شاكير لمدة سنة كاملة وغرامة مالية قيمتها 10 آلاف فرنك سويسري على خلفية ما بدر منه خلال مباراة المغرب وتانزانيا لحساب الإقصائيات الإفريقية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2014 المزمع تنظيمها بالبرازيل. خيري وغياب شاكير تأسف عبد الرزاق خيري، مدرب الجيش الملكي، لغياب اللاعب شاكير عن مباريات فريقه نتيجة توقيفه لمدة سنة كاملة قال إن الفريق سيفتقد خلالها إلى خدماته، مبرزا في الوقت ذاته تأسفه الشديد للخطأ الذي ارتكبته الجامعة نتيجة عدم إرسالها الدفعات، ومشددا في السياق ذاته على أن الفريق العسكري عمل على تدارك الموقف ومسابقة الزمن بغية استئناف قرار التوقيف حتى يتم التخفيف من العقوبة التي ستغيب اللاعب عن المنتخب الوطني وفريقه العسكري، خصوصا في ظل كونه لاعبا رئيسا بمميزات عديدة، إذ يستطيع شغل أكثر من مركز سواء في متوسط الدفاع أو كظهير أيمن أو كلاعب خط وسط بنزعة دفاعية. شاكير والعدالة الإلهية نزل خبر التوقيف على المدافع عبد الرحيم شاكير كالصاعقة، ومرت بعدها عقارب الساعة متثاقلة نتيجة وقع الحكم الذي سيمنع اللاعب من المشاركة في المباريات الرسمية والودية سواء رفقة الجيش أو المنتخب الوطني، توقيف وصف بكونه أشبه ب» السكتة القلبية»، خصوصا أن اللاعب كان يسعى للحفاظ على مكانته بالمنتخب والاستمرار في قيادة الجيش نحو تحقيق نتائج ايجابية دون معزل عن التفكير في الاحتراف لتأمين المستقبل وتطوير مستواه الكروي.