لم يكن حراس الأمن الخاص التابعين لشركة LBS، التي تعود ملكيتها ل»ليلى بن الصديق»، ابنة الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، يعتقدون أن تنظيمهم لوقفة احتجاجبة، زوال جمعة الأسبوع المنصرم، للتنديد بظروف عملهم والمطالبة بحقوقهم، سيكون ثمنه غاليا، وسيؤدي بهم، في نهاية المطاف، إلى المركز الاستشفائي «الإدريسي» بالقنيطرة، حينما قامت مشغلتهم ليلى بدهسهم، مجتمعين، بسيارتها «الجاكوار»، وكادت تودي بحياة العديد منهم، لولا الألطاف الإلهية التي أنقذتهم من موت محقق. ووفق شهادات العمال الضحايا، فإن قرار الوقفة الاحتجاجية تم تنفيذه، بعد أن ضاقت بهم السبل، ولم يجدوا محاورا يتفهم أوضاعهم الصعبة، التي تفاقمت مع التأخر في صرف أجورهم، رغم أن العديد منهم يعيل أسرة بأكملها. ويروي أحدهم أنه استبشر خيرا، هو وزملاؤه في العمل، حينما لمحوا، من بعيد، سيارة مشغلتهم، وهي ترابض بالقرب من محطة القنيطرة الرئيسية، ظن الجميع أن مشكلتهم ستحل عما قريب، وساد نوع من الارتياح بينهم، مشيرا إلى أن جميع العمال المضربين كانوا مصرين على أن يكون اللقاء «حميميا»، ويفضي إلى حلول تضع حدا لمأساتهم، وزاد موضحا: «لقد كنا مدركين تمام الإدراك أنه لا سبيل لنيل مطالبنا المشروعة إلا بالحوار الجاد والمسؤول»، مضيفا، أنه لم يكن يتوقع، على الإطلاق، أن مطالبتهم لها بصرف أجورهم، حاليا، وبدون مزيد من التأخير، ستجعلها تفقد جادة صوابها، وتكيل لهم سيلا من الشتائم والألفاظ النابية. وقال المصدر ذاته، الحاصل على شهادة الباكالوريا منذ سنتين، إن قبوله الاشتغال في هذه الشركة، كحارس أمن خاص، جاء لعدة اعتبارات واقعية، ضمنها أن المسؤولة الأولى عن الشركة هي ابنة زعيم نقابي، وبالتالي «كانت القناعة بأن حقوق العمال بهذه الشركة لن تكون عرضة للمساس، طالما أنها تربت في بيت كان يصدح صاحبه بالشعارات والمواقف المؤيدة للطبقة العاملة»، لكن ما رآه خلال أول يوم من احتجاجهم جعله يضع الجميع في سلة واحدة. لم يتمالك المحتجون أنفسهم، يضيف المتحدث نفسه، وهم يعاينون ليلى بن الصديق تستهزئ بهم، وتقلل من المجهودات التي يقومون بها في عمل، فقرروا رفع شعارات مدينة لسولكها، وشجبوا موقفها، الذي وصفوه بالسلبي، وعزموا على الاستمرار في تنفيذ الإضراب إلى غاية تنفيذ مطالبهم، ما دفع صاحبة LBS إلى إشهار سكين في وجههم، وتحذيرهم من كونها فوق القانون، ولا أحد يملك القدرة على إجبارها على تنفيذ مطالبهم، وأنها لا محالة ستطردهم من شركتها، فور مغادرتها المكان. وأوضح عامل آخر، وهو رب أسرة تتكون من خمسة أفراد، أن ليلى بن الصديق انسحبت من الحوار الدائر، وهي في هستيريا غير طبيعية، وقادت سيارتها في اتجاههم، بعد أن نحت سائقها جانبا، متعمدة إلحاق الأذى بالعمال المحتجين، الذين باشروا، منذ مساء الخميس ما قبل الماضي، الإضراب عن العمل، الأمر الذي أدى إلى سقوط تسعة جرحى، تفاوتت خطورة إصابتهم، وتخريب العديد من السيارات. وأضاف المتحدث، بنبرة كلها حزن وأسى، «أهذا هو جزاء مطالبتنا بأجرنا الهزيل، ألم يكفيهم اقتطاع مائة درهم شهريا دون أدنى مبرر، والظروف السيئة التي نشتغل فيها، في غياب أبسط وسائل العمل»، مشيرا إلى أن هذه المعاناة تظل قائمة، صيفا وشتاء، حيث يكونون مجبرين، تحت شدة الحاجة، على تحمل قساوة الطبيعة، وزاد، والدموع تكاد تملأ عينيه: «أغلبيتنا تحتاج إلى أكثر من وسيلة نقل للوصول إلى مقر الحراسة، وقد يفرض على أحد منا ضرورة جلب كلب شرس للاستعانة به في حراسة بعض المواقع، ما يستنزف جيوبنا، ويذهب بنصف أجرتنا تقريبا».