هل يمكن الحديث عن ظهور أدب التواصل الاجتماعي أو أدب الفيسبوك؟ الإجابة تتدرج من يقين نسبي بأن الخريطة العالمية لن تعود مثاباتها إلى ماقبل2010/12/17 تاريخ اتقاد شرارة البوعزيزي، ومن ثم انتشار ثورات شباب الفيسبوك نارا في هشيم الدكتاتوريات المتهالكة، وإن أي رؤى مغايرة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفكر والثقافة ينبغي أن تنعطف إلى هذه الثورات الجديدة. وليس جديدا القول إن المثقف في عالم ما قبل هذه الثورات أدرك منذ زمن ليس بالقريب أفول زمن الإيديولوجيات والعقائد والأحزاب اليسارية والقومية، وحتى أحزاب الإسلام السياسي. ومن المنطقي انحسار الأدب الإيديولوجي والشمولي والقومي، فالحلقة الفراغية التي تلت هذه الانحسارات، لا بد أن المبدع تحديدا غذاها إبداعيا برؤاه الفردية للعالم بالإفادة من ثقافة الصورة والواقع الافتراضي. كلنا يعلم كيف استفاد الكاتب من النشر الالكتروني من حيث سرعة الانتشار في كل مكان، فضلا عن اجتياز الموانع الرقابية السائدة في النشر الورقي اتساقا مع حرية بلد دون آخر. وكما في العالم الواقعي تتضاد ثقافتان، ثقافة النخبة والثقافة الشعبية، فإن عالم النت تتوزعه هاتان الثقافتان، لكن ثقافة الفيسبوك هي التأسيس الأحدث للثقافة الشعبية، والانتشار الأخطبوطي لها بين بشر من مختلف الأجناس والأطياف والثقافات، دلائله المذهلة سقوط أدوار الأحزاب بمختلف اتجاهاتها شعبيا، بعد أن كان سقوطها في صناعة التغيير الآن رسخ في أذهان مثقفي العالم. أحسب أن دور الفيسبوك في انتصار ثورات تونس ومصر وليبيا، ودول عربية وإقليمية تتفاوت فيها فاعلية مظاهرات نشطاء الفيسبوك، ما كان يخطر على بال مؤسسة مارك زوكربيرج الذي رشح أن يكون شخصية العقد الأول من هذه الألفية. وإذا كانت للأحداث التاريخية في العالم آدابها وفنونها، نعود إلى سؤالنا: هل هناك أدب وفن وثقافة نظرية تؤسس لثورات الفيسبوك، بمعنى نشوء جيل أدبي وفني يستلهم هذه الثورات، أساليب ومضامين طاردة للأدب والفن التقليديين، ويستثمر التزايد المطرد لمستخدمي الفيسبوك الذين يربون على 500 مليون في أنحاء العالم لغاية الآن، وحسب علمي هناك مشاريع فنية بدأت توثق قصص من أطلقوا الشرارات الأولى، قصة البوعزيزي التي تحولت إلى فيلم سينمائي يوزع عالميا، أو ما أقدم عليه فنانون وأدباء مصريون أثناء الاعتصام المستمر في ميدان التحرير، في إبداع لوحات تشكيلية وميدانية وإلقاء قصائد، تواكب يوميات الثورة. يقال دائما إن أي إبداع متفرد يكتب بعد أن يضع الحدث السياسي والاجتماعي والثقافي أوزاره انتصارا أو هزيمة، وأن تغييرا عالميا يحدث الآن لابد أن يصنع أدبه الكبير.