بتواضع شديد أقرر: لن يأمر بإطلاق صاروخ نووي – لا على كوريا الجنوبية، لا على اليابان ولا على الولاياتالمتحدة. ما نجح هذا الساحر في عمله هو استغباء العالم. كل من له عينان في رأسه يفهم أن كوريا الشمالية لن تطلق صاروخا نوويا. وذلك لسببين أساسيين: أولا، احتمال أن يكون لدى كوريا الشمالية صاروخ نووي جاهز للإطلاق يقترب من الصفر. وحتى لو كان، فعدد الصواريخ قليل للغاية. ثانيا، زعماء كوريا الشمالية يعرفون أن خطوة من هذا النوع ستؤدي إلى تصفية دولتهم، سواء بخطوات عسكرية أم بعقوبات اقتصادية. الخطاب الحربي للمهرج من بيونغ يانغ يأتي لتثبيت مكانته الجديدة داخل الدولة. كل الأنظمة الشمولية وبالتأكيد تلك الشيوعية، استخدمت دوما دعاية من هذا النوع على أمل أن تساعد في مواصلة حكمهم الدكتاتوري الوحشي. إذن فان يواصل تقاليد جده وأبيه، والعالم الغربي ينجر إلى هذا المعمعان. نمط السلوك يشبه نمط سلوك زعماء العالم الشيوعي رحمه الله؛ الدعاية في التلفزيون، المسيرات التي لا تتوقف، الدقة المجنونة لكل حركة، صفوف مستقيمة كالمسطرة، خطابات «شمس الشعب» الذي سترته الخالدة أكبر من عقله. يروى أنه في إحدى الدول الشيوعية تجمع عشرات آلاف الجنود للاستماع إلى استعراض هام للغاية عنوانه «كيف ندافع عن أنفسنا في وجه هجوم عسكري أمريكي علينا». الجنرال الخبير وعظيم المجد الذي حاضر أمام الجنود كان متأكدا من أن جنوده سيهزمون الأمريكيين بسرعة ونجاعة. فسأل عدد من الجنود الجنرال في ختام المحاضرة كيف بالضبط سيتمكنون من الانتصار على الجيش الهائل للولايات المتحدة بينما لا يحملون سوى بضع بنادق قديمة، مجنزرات قديمة وطائرات بصعوبة تنجح في الإقلاع. فامتلأ الجنرال بالعناد، ولكنه لم يتردد وأجاب: بفضل الأيديولوجيا الماركسية اللينينية، تصميم وحكمة الزعيم. هكذا انتهى استعراض آخر فاشل وخيالي. كي يستوعب الجنود السائلون الرسالة أرسلوا إلى معسكرات لإعادة تثقيفهم. من خلف يقف الحرس القديم الذي يحاول حماية مكانته. خرائط الحرب التي خلف طاولته، وقفة التفكير التحليلي له، النظر في منظار والمظاهر الغبية الأخرى هي دليل على المسرحية الضحلة. قيادة كوريا الشمالية مجنونة، ولكن ليست غير عقلانية. مفهوم بالنسبة لها ولكل من له يد ورجل في إدارة الدولة بأن كل خطوة حربية ضد الدول المجاورة ستؤدي إلى الحرب. لا يمكن الاعتماد على الصين وروسيا. فهما راضيتان عن الضغط الذي توجد فيه الولاياتالمتحدة والدول الغربية الأخرى. إضافة إلى ذلك، واضح للصين ولروسيا بأنه إذا ما ضربت كوريا الشمالية الولاياتالمتحدة، اليابان أو كوريا الجنوبية، فإنهما لن تتمكنا من منع الهجوم على بيونغ يانغ. هناك من يعتقد أن كيم يونغ اون صعد إلى سلم عالٍ جدا. ومع ذلك، ففي دولة – معسكر إبادة – سجن مثل كوريا الشمالية لا توجد مشكلة للزعيم للنزول عن السلالم. محقون أولئك الذين يدعون أن سوق الولاياتالمتحدة والغرب في الأزمة الحالية لا يحسن للمساعي لإخراج إيران من دائرة النووي لأغراض عسكرية. واضح أن طهران مرتاحة من الأزمة. ورغم ذلك محظور على الإيرانيين أن ينسوا بان الأحداث التاريخية المشابهة لا تتماثل. وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لدى زيارته إلى إسرائيل عن التزام الولاياتالمتحدة بعدم السماح بنووي إيراني – يجب أن تؤخذ بالحسبان في طهران.