بالرغم من أن استشهاد رقية الراضي، كان وسط غزة، التي تتعرض منذ حوالي 15 يوما لقصف إسرائيلي متواصل تستعمل فيه جميع أنواع الأسلحة الفتاكة، فإن أي مسؤول حكومي أو محلي مغربي لم يبادر إلى حدود مساء أول أمس السبت إلى تقديم التعازي إلى عائلتها التي تقطن وسط مدينة فاس. وحدها تعازي المعارف والجيران وبعض المواطنين من المدينة هي التي تتلقاها العائلة منذ تلقي نبأ الاستشهاد مساء يوم الخميس الماضي في حي الزيتون بغزة، على إثر قصف إسرائيلي بالصواريخ. وظل الخبر هو الطاغي في نهاية هذا الأسبوع على مجالس ونوادي المدينة. ونجم عن هذا الهجوم استشهاد الصحفي المصور إيهاب الوحيدي، زوج ابنتها إحسان، وذلك بعدما سارع هذا الأخير إلى إنقاذها وهي تتلقى ضربة الصاروخ في مطبخها. الصحفي المصور الخاص لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس أبو مازن، تلقى بدوره ضربة صاروخ أخرى مزقته وأحالته إلى أشلاء متناثرة. أما زوجته إحسان، ابنة المغربية رقية، فقد أصيب بشظايا نيران هذا الصاروخ، ونقلت على وجه الاستعجال إلى مستشفى الشفا لتلقي العلاجات الضرورية. وأما زوجها فقد نجا بأعجوبة من هذه الصواريخ في لحظة كان يتوضأ فيها لأداء صلاة المغرب. رقية الراضي، بهذا الاستشهاد، ستنضم إلى قائمة المغاربة الذين قضوا إما وسط المعركة دفاعا عن استقلال فلسطين وإما نصرة لهذه القضية في معارك احتجاجية ومسيرات تضامنية في مختلف جهات المملكة. وكانت رقية الراضي، التي استشهدت عن سن 56، قد ولدت وتربت في حي «الطالعة الصغيرة» بفاس العتيقة. عينت إطارا في وزارة المالية بالمغرب، بعدما حصلت على الإجازة في الاقتصاد بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بجامعة محمد الخامس بالرباط، وتزوجت من الفلسطيني جبر أبو النجا، وهو من كوادر منظمة فتح، تلقى تعليمه الجامعي في جامعة محمد الخامس بالرباط، ليحصل منها على الدكتوراه، تخصص علم النفس، وعمل إطارا في منظمة الإيسيسكو، قبل أن يعين سفيرا للسلطة الوطنية الفلسطينية في السينغال. ورقية أم لخمسة أبناء هم بيسان وإيمان وإحسان ورامي ومها. واختار الزوجان إسم بيسان لأول العنقود حفاظا على ذاكرة قرية أبو النجا الأصلية، وهي التي هجرت منها عائلته في 1948. عملت رقية مدة من الزمن في قسم التأمينات بوزارة المالية، وهو القسم الذي ظلت مستشارة الملك زوليخة نصري تدبر شؤونه لوقت طويل. وكانت رقية ضمن الأطر التي أعدت تقريرا حول شركات تأمين تم حلها بسبب مشاكل في تدبيرها. واستمرت في عملها، في هذا القسم، إلى أن حصلت على المغادرة الطوعية في سنة 2006. لكنها كانت منذ 1996 تحرص على زيارة غزة لأشهر تطول. استقرت العائلة في البداية في خان يونس، قبل أن ترحل إلى حي الزيتون بقطاع غزة. وفي الوقت الذي دفنت فيه رقية في غزة، فإن العائلة بفاس ظلت تتلقى التعازي. وقد عمدت ليلة أول أمس السبت إلى تنظيم أمسية دينية ترحما على روح ابنتها. وظل عدد من فقهاء فاس يتلون القرآن ويدعون بالنصر والتمكين للمقاومة في فلسطين.