في أول خروج إعلامي، بعد إقدام حكومة بنكيران على وقف تنفيذ 15 مليارا من نفقات الاستثمار، بعث إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب لدى وزير المالية المكلف بالميزانية، رسائل طمأنة إلى من يهمه الأمر بشأن وضعية اقتصادية وصفت خلال الأيام الماضية بالمقلقة، معتبرا أن «الاقتصاد الوطني ليس في أزمة». وكان لافتا خلال لقاء الأزمي مع مجموعة من المنابر الإعلامية، مساء أول أمس الثلاثاء، نفيه القاطع عزم الحكومة رفع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وتقليص أجور الموظفين بنحو 5 في المائة، والزيادة في نسب وحجم الضرائب. وقال الوزير الإسلامي: «الاقتصاد الوطني ليس في أزمة، والذين يتحدثون عنها إنما يستصحبون مصطلحات في الاقتصاديات المتقدمة..صحيح أن بلادنا تأثرت بالانكماش الذي عرفه شركاؤنا الرئيسيون، وكذا على مستوى المالية العمومية والتوازنات الخارجية، بسبب الزيادة في أسعار الطاقة، حيث تسببت تلك التأثيرات الخارجية في صعوبات للاقتصاد الوطني، لكن على المستوى الداخلي غير صحيح القول بأننا نعيش الأزمة ولو من الناحية النظرية». وأرجع المسؤول الحكومي ذلك إلى استغلال هوامش النمو بطرق جيدة، وإجراءات جعلت الاقتصاد يصمد، مدللا على ذلك بمجموعة من المؤشرات في مقدمتها ارتفاع صناعة السيارات ب 15 في المائة، وصناعة أجزاء الطائرات ب 10 في المائة، فيما عرف قطاع النسيج الذي يشهد تنافسية أكبر تراجعا ضئيلا بناقص 0.4 في المائة. وواصلت الاستثمارات الخارجية تصاعدها، إذ استقبل المغرب 30 مليار درهم سنة 2012، مقابل 25 مليارا سنة 2011. إلى ذلك، توقف الأزمي كثيرا عند ارتفاع عجز الميزانية، وإقدام الحكومة على وقف تنفيذ 15 مليارا من نفقات الاستثمار، مرجعا ارتفاع العجز إلى 7.1 في المائة إلى ارتفاع تكاليف صندوق المقاصة بزيادة 28 مليار درهم عن المبلغ المتوقع (32 مليار درهم) نتيجة ارتفاع سعر برميل النفط إلى 112 دولارا، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدرهم من 8.08 دراهم إلى 8.6 دراهم، بزيادة 60 سنتيما، وهو ما كلف نفقات إضافية بنحو 4 مليارات درهم. وبالإضافة إلى الزيادات السابقة عرفت نفقات الأجور زيادة ب2 مليار درهم، تنفيذا لاتفاقيات مسبقة مع المركزيات النقابية، وارتفاع حجم الاستثمار بنحو 2 مليار و500 مليون درهم، نتيجة تسريع الأداءات لفائدة الشركات برسم الصفقات العمومية، وكذا ارتفاع التسديدات المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة التي زادت بمليار و400 مليون درهم عن 2012، نتيجة تسريع استرجاعها لفائدة الشركات الصغرى والمتوسطة، حيث تم إرجاع 5 مليارات و200 مليون درهم مقابل 3.8 مليارات . وفي رد على منتقدي إقدام الحكومة على وقف تنفيذ 15 مليارا من نفقات الاستثمار، أوضح المسؤول الحكومي أن ذلك الإجراء لم يتخذ بناء على إملاءات من المؤسسات المالية الدولية، وإنما هو قرار قانوني اتخذ بناء على الفصل 45 من القانون التنظيمي للمالية دون اللجوء إلى القانون التعديلي للمالية، يروم ضبط توازن المالية العمومية. ونفى الأزمي أي تأثير له على معدل الاستثمارات الإجمالية المحددة في 180 مليار درهم، أو على معدل النمو، لافتا إلى أن القرار لا يستهدف توقيف البرامج والمشاريع، وإنما إرجاء تنفيذ بعضها، والمرتبط أساسا بالقطاعات الوزارية. وكشف المصدر ذاته أن مرسوم وقف تنفيذ نفقات الاستثمار تم بناء على مؤشرات مسجلة الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية، تهم بالخصوص تسجيل زيادة في الاعتمادات المرحلة عن سنة 2012، والتي بلغت حوالي 21 مليار درهم، أي بزيادة 8 مليارات درهم، مقابل تسجيل تراجع في بعض الموارد. من جهة أخرى، أكد المسؤول الحكومي أن مشروع القانون الخاص بالبنوك الإسلامية بات جاهزا، وسيتم عرضه خلال الأيام القريبة على أنظار مجلس الحكومة. فيما توقع مصدر اقتصادي أن تتم المصادقة على المشروع خلال الدورة الربيعية، التي ستبدأ يوم غد الجمعة، في أفق أن يتم الترخيص لهذه البنوك في الخريف المقبل. ويأتي ذلك، أياما قليلة فقط على إعلان والي بنك المغرب،عن انطلاق التراخيص الأولى لإنشاء البنوك الإسلامية في المغرب بداية من شهر أكتوبر المقبل، بعد أن تُشكَّل لجنة علمية تتكون من خبراء وعلماء دين لمراقبة مُنتَجَات البنوك التشاركية «الإسلامية»، والوقوف على مدى مطابقتها لمقاصد الشريعة الإسلامية. وحسب المصدر الحكومي، فإن فتح نافذة البنوك الإسلامية هو فرصة من أجل دعم تمويل الاقتصاد الوطني والواردات، وتيسير شروط ذلك التمويل وتفادي تفاقم نقص السيولة، مشيرا إلى أن دخول الأبناك الإسلامية سيمكن من توفير سيولة جديدة وبالعملة الصعبة. وأوضح المصدر ذاته أن التجارب الناجحة تتم عبر شراكات مع المستثمرين المحليين، مشيرا إلى أن مشروع القانون المنتظر عرضه على المجلس الحكومي ينص على إمكانية إنشاء مؤسسات جديدة أو الدخول في مؤسسات قائمة.