سقط، في هذا الأسبوع، جزء كبير من السور البرتغالي المتصل بالقصبة العليا بدار السلطان المحاذية من جهة الشرق لمقبرة سيدي منصور المقابلة لتل الخزف ولوادي الشعبة بآسفي. هذا، وقد خلف هذا الحادث تجمعا كبيرا للمارة ولعموم المواطنين الذين حجوا إلى عين المكان لمشاهدة أحد أعظم مقاطع السور البرتغالي في علوه وهندسته الأصيلة وهو يتهاوى بعد أن تم تشييده خلال القرن السادس عشر الميلادي. إلى ذلك، لم يألف أطفال وشيوخ من مدينة آسفي مشاهدة منظر السور البرتغالي وجزء منه يتهاوى على قبور المسلمين، وعبر مُسن ل«المساء» كان يتأمل المشهد بقوله: «غريب أن يستيقظ الإنسان في يوم من الأيام ويجد أن شيئا يألفه منذ صغره قد ضاع، وأن السور الذي طالما تباهينا بعلوه وعظمته قد تساقط جزء منه». وتصادف سقوط جزء من السور البرتغالي للقصبة العليا مع الزيارات المكثفة للنساء والرجال لمقبرة سيدي منصور الممتدة على طول أسفل السور البرتغالي بمناسبة عاشوراء، وكان ملفتا للانتباه أن السلطات المحلية بآسفي لم تقم باحتياطات إجرائية لحماية زوار المقبرة من أخطار تساقط أحجار السور المتهدم على المقبرة وعلى قبور المسلمين. وغير بعيد عن الجزء الذي هوى من السور البرتغالي، تضرر سقف البرج الكبير بدار السلطان، مقر مندوبية وزارة الثقافة، حيث إن هذا البرج هو الأكبر والأهم عسكريا على الإطلاق ضمن باقي أبراج السور البرتغالي، وهو متصل بالسور الذي تهدم. واستنادا إلى زيارة ميدانية قامت بها «المساء»، فإن سقف البرج الكبير، الذي يزوره يوميا سياح أجانب ومغاربة وتلاميذ المؤسسات التعليمية القريبة ويضم أحد أجمل وأروع المدافع الحربية التي جلبها السلطان السعدي المولى زيدان من هولندا ومازالت تحمل حتى اليوم خاتمه السلطاني، قد تضرر في جهته الشرقية وظهر ثقب كبير يهدد كافة البرج بالسقوط في أية لحظة (انظر الصورة). هذا، ولم تجد مندوبية وزارة الثقافة بآسفي لإصلاح الوضع سوى وضع كرسي متهالك فوق الثقب ليتجنبه الزوار الذين لم يعد في مستطاعهم زيارة المآثر التاريخية المصنفة لآسفي، باعتبار قصر البحر آيلا للسقوط، وواجهته البحرية تشكل خطرا على الزوار، فيما الكنيسة البرتغالية غالبا ما تكون مقفلة، أما جناح متحف الخزف بدار السلطان، فقد تآكلت أروقته بسبب الرطوبة والإهمال وانتشار الأوساخ، وبدأت الكثير من التحف الخزفية الآسفية للقرن التاسع عشر الميلادي تتساقط أجزاؤها وسط بقايا حشرات ميتة داخل أروقة العرض الزجاجية التي تضم تحف بوجمعة العلمي واسعيد السوسي وأحمد بن ابراهيم الفخاري. معلوم أن دار السلطان تعد إحدى أهم وأكبر القلاع العسكرية البرتغالية في المغرب، وكانت قبل ذلك قصبة للدولة الموحدية، وذكر المؤرخ الكانوني أنها كانت موجودة في القرن الثامن الهجري، قبل أن يعيد تأسيسها السلطان السعدي محمد الشيخ المهدي في القرن العاشر الهجري، وقطنها السلطان محمد بن عبد الله العلوي، وكان وقتها خليفة لوالده السلطان المولى عبد الله، كما استقر بها المولى هشام خليفة لوالده السلطان محمد بن عبد الله، وبها شيد قصره «الباهية».