دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    طنجة.. توقيف شخص بحي بنكيران وبحوزته كمية من الأقراص المهلوسة والكوكايين والشيرا    عمره 15 ألف سنة :اكتشاف أقدم استعمال "طبي" للأعشاب في العالم بمغارة الحمام بتافوغالت(المغرب الشرقي)    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل        الإسبان يتألقون في سباق "أوروبا – إفريقيا ترايل" بكابونيغرو والمغاربة ينافسون بقوة    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    أخنوش: حجم الواردات مستقر نسبيا بقيمة 554 مليار درهم    الجديدة.. ضبط شاحنة محملة بالحشيش وزورق مطاطي وإيقاف 10 مشتبه بهم    استطلاع رأي: ترامب يقلص الفارق مع هاريس    هلال يدعو دي ميستورا لالتزام الحزم ويذكره بصلاحياته التي ليس من بينها تقييم دور الأمم المتحدة    النجم المغربي الشاب آدم أزنو يسطع في سماء البوندسليغا مع بايرن ميونيخ    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا الخميس والجمعة المقبلين    حصيلة القتلى في لبنان تتجاوز ثلاثة آلاف    سعر صرف الدرهم ينخفض مقابل الأورو    البحرية الملكية تحرر طاقم سفينة شحن من "حراكة"    استنفار أمني بعد اكتشاف أوراق مالية مزورة داخل بنك المغرب    الجفاف يواصل رفع معدلات البطالة ويجهز على 124 ألف منصب شغل بالمغرب    المعارضة تطالب ب "برنامج حكومي تعديلي" وتنتقد اتفاقيات التبادل الحر    «بابو» المبروك للكاتب فيصل عبد الحسن    تعليق حركة السكك الحديدية في برشلونة بسبب الأمطار    في ظل بوادر انفراج الأزمة.. آباء طلبة الطب يدعون أبناءهم لقبول عرض الوزارة الجديد    إعصار "دانا" يضرب برشلونة.. والسلطات الإسبانية تُفعِّل الرمز الأحمر    الجولة التاسعة من الدوري الاحترافي الأول : الجيش الملكي ينفرد بالوصافة والوداد يصحح أوضاعه    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    مريم كرودي تنشر تجربتها في تأطير الأطفال شعراً    في مديح الرحيل وذمه أسمهان عمور تكتب «نكاية في الألم»    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مصرع سيدة وإصابة آخرين في انفجار قنينة غاز بتطوان    عادل باقيلي يستقيل من منصبه كمسؤول عن الفريق الأول للرجاء    الذكرى 49 للمسيرة الخضراء.. تجسيد لأروع صور التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي لاستكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية    أمرابط يمنح هدف الفوز لفنربخشة        متوسط آجال الأداء لدى المؤسسات والمقاولات العمومية بلغ 36,9 يوما    "العشرية السوداء" تتوج داود في فرنسا    إبراهيم دياز.. الحفاوة التي استقبلت بها في وجدة تركت في نفسي أثرا عميقا    بالصور.. مغاربة يتضامنون مع ضحايا فيضانات فالينسيا الإسبانية    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    مدرب غلطة سراي يسقط زياش من قائمة الفريق ويبعده عن جميع المباريات    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم    تقرير: سوق الشغل بالمغرب يسجل تراجعاً في معدل البطالة    "فينوم: الرقصة الأخيرة" يواصل تصدر شباك التذاكر        فوضى ‬عارمة ‬بسوق ‬المحروقات ‬في ‬المغرب..    ارتفاع أسعار النفط بعد تأجيل "أوبك بلس" زيادة الإنتاج    استعدادات أمنية غير مسبوقة للانتخابات الأمريكية.. بين الحماية والمخاوف    الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي: للفلسطينيين الحق في النضال على حقوقهم وحريتهم.. وأي نضال أعدل من نضالهم ضد الاحتلال؟    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: لا تعترف بالحريق الذي في داخلك.. ابتسم وقل إنها حفلة شواء    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكروج: تخفيض أجور الموظفين مستحيل والمالية العمومية لا تسمح بالمغادرة الطوعية
قال إن القانون المتعلق بالحصول على المعلومات يهم كافة المواطنين وأن الصحافيين سيكون لهم قانون خاص بهم
نشر في المساء يوم 10 - 04 - 2013

أكد عبد العظيم الكروج، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة،
أن تخفيض الأجور إجراء مستحيل في الظرفية الحالية لأن المغرب لم يصل إلى المستوى الذي يمكن أن يتخذ فيه مثل هذا الإجراء، نافيا أن يكون رئيس الحكومة قد تحدث بذلك. وبخصوص مشروع القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة، قال الكروج إنه مشروع يهم جميع المواطنين، أما الصحافيون فسيوضع لهم قانون خاص بهم في إطار مدونة الصحافة.
- أعلنت عن مشروع قانون متعلق بالحصول على المعلومات. في أي إطار تم ذلك؟
يعد ضمان حق الحصول على المعلومات المملوكة للدولة سمة من سمات الديمقراطية في العالم، وقد أخذت دول عديدة على عاتقها ضمان حق الحصول على المعلومات لممارسة حقوق أساسية أخرى كحرية التعبير وحرية النشر وارتباطه بمفاهيم الشفافية والمساءلة، وهو حق نص عليه الدستور الجديد للمغرب في الفصل 27. ويعكس وضع إطار قانوني لتفعيل هذا الحق التزام المغرب بالمواثيق والمعاهدات الدولية، لاسيما المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذا المادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
ويكتسي تفعيل هذا الحق أهمية بالغة في ترسيخ دولة الحق والقانون وفي تعميق الديمقراطية، قيما وممارسة، لكونه يشكل ترجمة فعلية وملموسة لتنزيل مقتضيات الدستور ومتطلباته القانونية والمؤسساتية وركيزة أساسية لدعم قواعد الانفتاح والشفافية، وتعزيز الثقة في علاقة الإدارة بالمتعاملين معها. كما أنه يمثل دافعا قويا للبحث العلمي والحقل المعرفي، ولتنمية الوعي القانوني والإداري لدى المواطنين، لكونه أداة لتعزيز الشفافية والمساءلة، تناغما مع مقتضيات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وكذا عاملا من عوامل جذب الاستثمار وتنشيط الاقتصاد.
إن مشروع القانون هذا ليس شعارا، بل هو مشروع يضع منهجية وقواعد عملية بهدف تمكين المواطن من الوصول إلى المعلومة. ولا بد من التذكير أن هذا المشروع جاء ليعزز كل التراكمات التي عرفها المغرب في هذا الباب، وأقصد بعض القوانين ذات الصلة، ومنها قانون الأرشيف، والقانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، وعدد من القوانين التي تكرس مبدأ حقوق الإنسان.
- الملاحظ أن مشروع القانون تم الإعلان عنه دون فتح باب المشاورات مع هيئات المجتمع المدني المعنية بالموضوع.
بالفعل هناك من آخذ علينا ذلك، ولكن هذا غير صحيح، فقد هيئ هذا المشروع في إطار لجنة وزارية تضم كل القطاعات المعنية، ولما خلصنا إلى هذه الصيغة وضعنا المشروع على الموقع الالكتروني للأمانة العامة للحكومة، والموقع الالكتروني لوزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، حتى يتمكن المواطنون، كيفما كانت مواقعهم، من إبداء آرائهم وملاحظاتهم حول المشروع في أجل شهر. كما أننا سننظم ندوة وطنية حول موضوع الحق في المعلومة، من أجل جمع عدد من المقترحات وإغناء المشروع، الذي سنحيله بعد ذلك على المجلس الحكومي ليحال على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه.
- لكن لِمَ لم تفتحوا النقاش مع الهيئات المعنية قبل الخروج بمشروع القانون؟
أعتقد أن هناك منهجيتين لفتح النقاش حول موضوع ما، الأولى هي فتح النقاش قبل إعداد مشروع القانون، والثانية هي إعداد مشروع القانون وطرحه للنقاش. لذلك اعتمدنا المنهجية الثانية، لأن المنهجية الأولى، في تقديرنا، ستستغرق وقتا طويلا.
لذلك نحن منفتحون على جميع الآراء والملاحظات التي يتقدم بها المواطنون من أجل تجويد نص المشروع، الذي تم إعداده بناء على دراسة مقارنة لعدد من القوانين الأجنبية والمبادئ والمعايير الدولية في هذا المجال، وكذا استثمار الدروس والتوصيات الصادرة عن الندوات والملتقيات الجهوية والدولية، وأيضا الدورات التكوينية التي شارك فيها المغرب في عدد من الدول، والمتعلقة بالحق في الحصول على المعلومات. كما أنه تمت مراعاة عدد من المبادئ أثناء صياغة مقتضيات المشروع، منها مبدأ كشف الحد الأقصى من المعلومات، ومبدأ النشر الاستباقي للمعلومات، ووضع استثناءات واضحة ودقيقة ومحدودة، ووضع مسطرة سهلة للحصول على المعلومات.
- من بين المواد التي أثارت جدلا ونقاشا المادة 19 من مشروع القانون، التي وضعت مجموعة من الاستثناءات، التي ستعرقل الوصول إلى المعلومة، إلى جانب استعمال عبارات فضفاضة.
هذا غير صحيح. لا وجود لعبارات فضفاضة. لقد اعتمدنا في الشطر الأول من الفصل 19 على الدستور الذي يتحدث صراحة عن عدد من الاستثناءات، منها استثناء المعلومة الخاصة بالدفاع الوطني والأمن الداخلي والخارجي والحياة الخاصة للأفراد والحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور ومداولة المجلس الوزاري والمجلس الحكومي بشأن الاستثناءات السابقة. كما اعتمدنا أيضا على قانون الأرشيف. وأعتقد أن مشروع القانون هذا متقدم جدا لأن الاستثناءات المتعلقة بالشطر الثاني تم ربطها بإحداث الضرر، في حين نص قانون الأرشيف على عدد من السنوات تصل إلى 60 سنة في بعض الاستثناءات مثل سير المساطر القضائية والمساطر التمهيدية، وهذا يعني أنه إذا لم تكن المعلومة تسبب ضررا في الاستثناءات المنصوص عليها في الشطر الثاني، فيمكن للإدارة العمومية أن تقدمها. ونلاحظ أن من بين الاستثناءات، التي يمنع فيها تقديم المعلومة إذا كانت ستحدث ضررا، «قدرة الدولة على تدبير السياسة النقدية والاقتصادية والمالية». هذا الاستثناء ينص عليه أيضا المجلس الأوربي والقانون الكندي، لأن هناك أمورا لها طابع سيادي، ويمكن أن تعلن معلومات بشأنه.
- من بين الاستثناءات أيضا الأبحاث والتحريات الإدارية. ما المقصود بذلك؟
نحن دائما نركز على أنه لا يمكن منح معلومات إذا كانت هذه المعلومات ستلحق ضررا. وسأقدم مثالا للإيضاح أكثر : إذا كانت هناك تحريات إدارية تهم أربع شركات تقدمت للفوز بصفقة عمومية في إطار المنافسة، وكان هناك حديث بأن أحد المتنافسين لا يخضع لضوابط المنافسة الشريفة، وباشرت الإدارة تحريات في هذا الإطار، وتبين لها أن ذلك غير صحيح، وأن المنافس يحترم كل الضوابط، فإن الإعلان عن اسم هذا المنافس أثناء إجراء التحريات الإدارية سيلحق ضررا بمقاولته.
- تم تحديد أجل 15 يوما للحصول على المعلومة ابتداء من تاريخ تسلم الطلب. ويمكن تمديد هذا الأجل إلى 15 يوما آخر. ألا تعتبر أن هذه المدة طويلة، خصوصا بالنسبة للصحافيين الذين يتطلب عملهم السرعة ولا يقبل الانتظارية؟
مشروع القانون يتعلق بالحق في المعلومة بالنسبة لجميع المواطنين. أما في ما يتعلق بحق الصحافي في المعلومة، فهذا سيكون ضمن مدونة الصحافة. لقد كان لي نقاش مع السيد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، حول ما إذا كنا سنكتفي بقانون واحد، أم سيكون هناك قانونان، وأنا فضلت الاختيار الثاني، لأن علاقة المواطن بالإدارة تختلف عن علاقة الصحافي بها.
- هناك من وصف العقوبات المتضمنة في مشروع قانون الحصول على المعلومة ب«الخفيفة»، وأنها لن تساعد المواطن في الحصول على المعلومة. ما رأيك في ذلك؟
خلال وضع مشروع القانون حرصنا على أن يضمن ذلك حقوق المواطن في الوصول إلى المعلومات. لذلك إذا كانت المعلومة لها صبغة استعجالية فإن أجلها يومان فقط، وإذا كانت عادية فإن أجلها هو 15 يوما، وإن لم يتوصل المواطن بالمعلومات فإن له الحق في اللجوء إلى رئيس الهيئة أو رئيس المؤسسة عبر شكاية من أجل التوصل بالمعلومة، وإذا لم تتحقق رغبته، فله الحق في التشكي إلى اللجنة الوطنية، التي تصدر قرارها في الموضوع، والذي يكون ملزما للإدارة. وإذا لم يكن المواطن راضيا عن قرار اللجنة فيمكنه حينها التوجه إلى القضاء.
أما العقوبات المنصوص عليها فهناك من وصفها بأنها مشددة، ولا ننسى أنه لا توجد فقط غرامات مالية يؤديها الموظف، بل هناك أيضا عقوبات تأديبية.
- معلوم أن المواطن المغربي يعاني يوميا مع الإدارة خلال حصوله على وثائق عادية، فبالأحرى الحصول على معلومة. ألا ترى بأن تنزيل هذا المشروع بعد المصادقة عليه سيصطدم بمجموعة من العراقيل؟
صحيح أن المواطن يعاني مع الإدارة في العديد من الإجراءات العادية، لكننا نطمح عن طريق هذا القانون إلى إعادة الثقة بين المواطن والإدارة، وأن تسود الشفافية في تدبير هذا الإجراء. كما نريد أن يحس الموظفون بأنهم مساءلون، ومن أجل تحقيق ذلك فكرنا في أن تكون هناك لجنة وطنية مستقلة منحناها كل الإمكانيات كي تقوم بعملها.
- أكد المشروع بأنه لا يجوز متابعة أي شخص مكلف بسبب امتناعه، بحسن نية، عن تسليم معلومات مخول الحصول عليها بموجب هذا القانون. ألا ترى بأن ذلك سيفتح باب التأويل في حالة الامتناع، ويتم إدراج ذلك في إطار حسن نية؟
كان بالإمكان ألا ندرج هذه المادة في المشروع، لأن الذي يقيم حسن النية من سوئها هو القاضي.
- وجهت مجموعة من الجمعيات، منها الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة «ترانسبارنسي»، انتقادات إلى هذا المشروع. كيف تلقيت هذه الانتقادات؟
وجود الانتقادات أمر صحي وطبيعي، على أن تكون بناءة من أجل إثراء المشروع، إذ لا يمكنني إلا أن أقبلها بكل روح إيجابية. وبهذه المناسبة أدعو المواطنين من مختلف مواقعهم إلى إغناء النقاش باقتراحاتهم لتكريس التوجه الديمقراطي الذي يسير فيه المغرب.
- يوجد ضمن أعضاء اللجنة الوطنية لضمان حق الحصول على المعلومات ممثل عن المجتمع المدني، يقترحه المجلس الوطني لحقوق الإنسان. لماذا المجلس الوطني عوض الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني؟
مجلس حقوق الإنسان يضم في هيكلته عددا من الجمعيات التي تعنى بالموضوع. لذلك كلف باختيار ممثل عن جمعيات المجتمع المدني المهتمة بمجال الحصول على المعلومات، ولا توجد خلفية أخرى لهذا الاختيار.
- ذكرت أن المالية العمومية تعرف ضغطا. هل معنى ذلك أن أي حوار اجتماعي مرتبط بما هو مالي يصعب تحقيقه؟
كتلة الأجور تمثل حاليا 100 مليار درهم، بينما تصل المداخيل إلى 260 مليار درهم، وهذا يعني أن كتلة الأجور تمثل حصة كبيرة من المداخيل. ومعلوم أن ما يحرك عجلة الاقتصاد هو الاستثمار، إذ كلما ارتفعت كتلة الأجور تقلصت نسبة الاستثمار، وإذا أصبحنا نلجأ إلى المديونية من أجل تغطية نفقات التسيير سيكون هناك مشكل كبير. حقيقة، توجد هناك إكراهات مالية تدفعنا إلى التدبير الذكي لكل ما هو متعلق بالمالية العمومية. ولا يقتصر الأمر على الأجور فقط، بل يتعداها إلى أمور أخرى مثل النفقات التي نعيد فيها النظر من أجل أن نصل إلى التوازن النسبي، الذي فقدناه بسبب عجز في المالية العمومية، وعليه لا يمكن أن نعمق العجز من أجل أداء نفقات التسيير، فهذا غير مقبول في جميع التيارات الاقتصادية.
- وما مصير الدراسة التي أجريت على منظومة الأجور؟
الدراسة حول منظومة الأجور ما زالت تحتاج إلى بعض التفاصيل، وسنعيد النظر في هذه المنظومة، ولكن بعد إصلاح النظام الأساسي للوظيفة العمومية، الذي سيأخذ بعين الاعتبار مردودية الموظف، لأنه من غير المقبول أن نجد موظفا يعمل بجد واجتهاد وتفان وآخر غير مبال ولا يقوم بمجهود كبير في عمله، ولهما نفس الأجرة ونفس التعويضات، فهذا غير محفز على العمل، ولا يدفع إلى الإبداع والبذل في العمل.
- لكن هناك تعويضات خيالية لكبار الموظفين، فهل سيستمر هذا الوضع؟
قبل الجواب عن هذا السؤال، لا بد من التوضيح بأن نسبة كتلة الأجور لها تأثير على الناتج الداخلي الخام، لذلك يتعين تطوير الناتج الداخلي الخام بالاعتماد على الطاقات الموجودة في القطاع العمومي بهدف تسهيل عجلة الدورة الاقتصادية، وإذا لم نقم بتطوير الناتج الداخلي الخام سنكون أمام خيار تقليص كتلة الأجور. ونظريا يتطلب ذلك سيناريوهين: الأول هو تخفيض الأجور، وهذا مستحيل، أو تخفيض عدد الموظفين، وهذا يتطلب المغادرة الطوعية، وحاليا لا تسمح المالية العمومية بذلك.
- سبق للمغرب أن أقدم على تجربة المغادرة الطوعية. كيف ترى هذه التجربة؟
كانت للتجربة إيجابياتها وسلبياتها، ولاتخاذ مثل هذا الإجراء لا بد من منهجية في العمل، ونحن حاليا نعد الدليل المرجعي للوظائف والكفاءات على مستوى القطاع العام، وبعد ذلك يمكن معرفة الفئة التي يمكن استهدافها بالمغادرة الطوعية، لتجنب المغادر ة الطوعية المفتوحة.
- هل سبق لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أن دعا إلى خفض الأجور؟
هذا غير صحيح أبدا، ولا أدري مصدر مثل هذه الأخبار. كما أن هذا الإجراء غير ممكن في ظل الوضعية الراهنة لأن اللجوء إليه يتطلب أن تصل الدولة إلى مستوى مالي واقتصادي متدن جدا مثلما حصل في بعض الدول، لكن في المغرب، وبالرغم من الوضعية الاقتصادية الاجتماعية الصعبة، فإن خفض الأجور إجراء غير ممكن.
- وماذا عن الرواتب الخيالية لكبار الموظفين؟
هناك مناصب داخل الهياكل الإدارية، وأجور مرتبطة بالمهام، وأيضا أجور مرتبطة بالنظام الأساسي لفئة من الموظفين مثل التعليم العالي والمهندسين وغيرها من الفئات التي تنتمي إلى ما يفوق 35 نظاما أساسيا.
هناك أنظمة أساسية لديها أجور مرتفعة نسبيا مثل الأساتذة والأطباء المتخصصين، الذين يتقاضون في آخر مسارهم المهني حوالي 49 ألف درهم، وهي أعلى أجرة بالنسبة لكل الأنظمة الأساسية.
وسأعطي مثالا ببعض الأجور، فالقاضي في آخر مساره المهني يتقاضى 29 ألف درهم، بينما المتصرف تصل أجرته إلى 13 ألف درهم، أما كاتب عام داخل الوزارة فيتقاضى 43 ألف درهم، والوالي 47 ألف درهم.
أما قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية فهناك أجور مرتفعة نسبيا، غير أن الذين تقل أجورهم عن 45 ألف درهم يمثلون حوالي 51 في المائة، والذين يتقاضون أقل من 65 ألف درهم يمثلون 75 في المائة، وللإشارة فهذا يهم الأجرة الصافية، بما فيها التعويضات.
وبالنسبة لما يثار حول ارتفاع بعض الأجور بالمؤسسات والمقاولات العمومية فهي تعود إلى طبيعة الكفاءات التي يتوفر عليها مدراء هذه المؤسسات وأطرها. كما أن هناك وزارات لها منح مثل وزارة المالية، التي يؤطرها مرسوم قديم جدا.
- يلاحظ أن الأغلبية الحكومية غير منسجمة، وتظهر مؤشرات ذلك من خلال تصريحات عبد الحميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي يهاجم الحكومة، وانضم إليه مؤخرا الأمين العام لحزب الحركة الشعبية ووزير الداخلية امحند العنصر، الذي انتقد عددا من الإجراءات التي قامت بها الحكومة. في رأيك ما سبب هذا التراشق الكلامي داخل مكونات الأغلبية؟
هناك لجنة الأغلبية التي تعمل حول عدد من المواضيع الكبرى، التي يجب تقاسم الآراء حولها، وما يهمنا نحن كأعضاء في الحكومة أن نصل إلى نتائج ونحقق انتظارات المواطنين المغاربة في أقرب الآجال. لذلك يجب أن ننتهز الفرصة مادام المغرب يمتاز بالاستقرار من الناحية السياسية والأمنية والاقتصادية وله جاذبية على مستوى المنطقة. كما يجب أن نستفيد من كل هذه المعطيات وهدفنا كأعضاء الحكومة وكحركة شعبية أن نجعل أداءنا ذا قيمة مضافة كبيرة في ظرف وجيز ونقوم بكل الإصلاحات التي ينتظرها المواطنون في أحسن الظروف وفي أقرب الأوقات.

لابد من إشراك النقابات في الإصلاحات الكبرى
- نظمت كل من الفدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل مسيرة بالرباط، طالبت بإسقاط الحكومة. هل يعني ذلك أن هناك فشلا للحوار الاجتماعي وسياسة تدبيره، بحكم أنك تشرف على الحوار في الشق المتعلق بالقطاع العمومي؟
الحكومة تتشبث بالمنهجية التشاركية، ولا يمكنها أن تفكر في وضع سياسة عمومية دون إطار تشاركي مع النقابات، التي تمثل الطبقة العاملة، سواء في القطاع العام أو الخاص. ولا بد أن نستحضر أننا مقبلون على إصلاحات كبرى تترجم الدستور، الذي أعطى توجهات جد دقيقة في عدة مجالات، من قبيل إصلاح صندوق المقاصة، وإصلاح أنظمة التقاعد، وإعادة النظر في النظام الأساسي للوظيفة العمومية، وتوفير كل الشروط المناسبة للقطاع الخاص من أجل أن يقوم بدوره، خصوصا في ظل هذه الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الصعبة على المستويين الوطني والدولي. كل هذه الإصلاحات الكبرى لا يمكن للحكومة أن تقوم بها بصفة فردية، بل لا بد من إشراك النقابات في ذلك.
وجوابا عن سؤالك المتعلق بالحوار الاجتماعي، فإنه خلال هذه السنة عقدت مجموعة من اللقاءات الخاصة بالحوار الاجتماعي، آخرها تم في شهر فبراير الماضي، حيث تم الاتفاق على أن تقوم كل نقابة بسرد جميع المشاكل من أجل دراستها ومعرفة كيفية التعامل معها في ظل الظروف الحالية التي تعرف فيها المالية العمومية ضغطا، وقد توصلت رئاسة الحكومة بمذكرات النقابات، وهي في طور الدراسة، وسنتعامل معها بكل انفتاح.
- أعلن حزب الاتحاد الاشتراكي أن هيئاته الموازية، بما فيها النقابات، ستعلن انسحابها من الحوار الاجتماعي، كيف تلقيت ذلك؟
النقابات تدافع عن حقوق الشغيلة داخل القطاع العام أو الخاص، وهذا يتطلب لغة الحوار واعتماد المنهجية التشاركية، وأعتقد أن العمل النقابي بصفة عامة يكون مستقلا عن الأطراف السياسية، لأن الأحزاب، سواء كانت من الأغلبية أو المعارضة، تكون لها مواقف سياسية مرتبطة بطبيعة الظرفية، في حين أن النقابات لها منهجية خاصة بها وهدفها أن تكون شريكا للحكومة في ما يخص تدبير الشؤون الاجتماعية للشغيلة. ولهذا أظن أن المواقف السياسية ليس لها موقع في العمل النقابي، بالرغم من أنه، نظريا، تكون هناك توجهات ثقافية للنقابيين قريبة من الحزب.
- عادة ما تكون جولة الحوار الاجتماعي خلال شهر أبريل.
رئيس الحكومة هو الذي يترأس جولة أبريل، ولم يحدد بعد تاريخها، وإن كنا حقيقة قد عقدنا جولة أبريل خلال شهر فبراير، كما كان هناك لقاء في إطار اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد. وعموما فاللقاءات مع النقابات متواصلة وستظل كذلك، فنحن في مغرب واحد، ولنا أهداف موحدة هي خدمة الوطن والمواطن، وكل الجهود والقوى يجب أن تأتي من كل اتجاه لخدمة هذه الأهداف النبيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.