طالبت الشبكة المغربية لحماية المال العام، في رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، بفتح تحقيق عاجل في ملف تسريب مضامين تصاميم التهيئة التي في طور الإعداد. وقالت الشبكة، في الرسالة التي حصلت «المساء» على نسخة منها، إنها رصدت، بكل أسف، تسريب بعض المعلومات الخاصة بمشاريع التصاميم، كما حصل بمدينة الدارالبيضاء وتمارة، وهو ما يعد إفشاء للسر المهني بمعناه الحقيقي في مثل هذه الحالات، ويعطي الفرصة للمضاربين العقاريين للسطو على الأراضي التي ستدخل للمدار الحضري، من خلال اقتنائها بأثمنة رمزية مقابل بيعها بأثمنة باهظة بعد نشر تصاميم التهيئة بشكل رسمي، أو من خلال تغيير التنطيق وتغيير تخصيص الأراضي وإلغاء المرافق العمومية. ودعت الشبكة رئيس الحكومة إلى إعادة النظر في طريقة إعداد هذه الوثائق، بما يضمن الشفافية وحسن التخطيط العمراني، والقطع بصفة نهائية مع مسطرة الاستثناءات التي يمنحها العمال والولاة، والتي تجعل من تصاميم التهيئة وثائق دون جدوى، وهو ما يشوه جمالية المدن ويغيب الجوانب الاجتماعية لصالح الأنشطة العقارية. واقترحت الشبكة إصدار دورية تمنع بيع الأراضي التي سيشملها المدار الحضري إلى حين صدور تصاميم التهيئة بشكل رسمي، وإحداث وكالة وطنية تفوض لها الدولة صلاحية اقتناء كل الأراضي التي توجد في المدار الحضري، وتعمل على تنمية خزان عقاري عمومي، يوضع رهن إشارة الحكومة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية لإنجار مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية، بالإضافة إلى القطع بشكل نهائي مع مساطر الاستثناء، وجعل هذا الاختصاص بيد رئيس الحكومة، بتنسيق مع المصالح ذات الاختصاص. ودعت الشبكة المغربية لحماية المال العام إلى رفع وصاية وزارة الداخلية على الوكالة الحضرية للدار البيضاء وإخضاعها لوصاية وزارة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة كباقي الوكالات الحضرية. وطرحت منهجية إعداد تصاميم التهيئة الخاصة بالعاصمة الاقتصادية أكثر من علامة استفهام خلال الشهور الأخيرة، خاصة مع التسريبات التي عرفتها العملية، حيث تزايد نشاط مافيات العقار، التي تضم منعشين عقاريين ومسؤولين من الوكالة الحضرية وبعض المقطعات وتقوم بعمليات شراء مكثفة لمجموعة من الأراضي بالدارالبيضاء، خاصة في المناطق التي سيعلن قريبا عن تصاميم التهيئة الخاصة بها، وعلى رأسها منطقتتا بوسكورة وتيط مليل. وقالت مصادر «المساء» إن هذه المافيات تستغل علمها بتفاصيل تصاميم التهيئة، التي بلغت مراحلها النهائية، من أجل اقتناء أراض معينة ستشملها تغييرات جذرية لصالح المنعشين، مستغلين في ذلك جهل مالكيها بهذه التغييرات. وأوضحت المصادر ذاتها أن المافيات تستعين بخبرة مهندسين على اطلاع مستمر بالتعديلات التي تجري على تصاميم التهيئة، وذلك رغم أن مسؤولي الوكالة الحضرية ما فتئوا يؤكدون على سرية عمل اللجان المختصة في إنجاز التصاميم الجديدة.