دعت الشبكة المغربية لحماية المال العام الحكومة إلى فتح تحقيق فوري في ملف تسريب مضامين تصاميم التهيئة، التي هي في طور الإعداد بالدارالبيضاء، معتبرة أن ما تقوم به مافيات العقار بالعاصمة الاقتصادية يعتبر جريمة ضد المغاربة. وقال محمد مسكاوي، رئيس الشبكة ل»المساء»، إن تسريب المعلومة، الذي يصنفه القانون الدولي ضمن ما يطلق عليه «جرائم العارف»، يكرس نوعا جديدا من الريع بالمغرب، ويفتح المجال لظهور موجة جديدة من الأغنياء الذين اقتنصوا فرصة اطلاعهم على مضامين تصاميم التهيئة قبل الإعلان عنها رسميا، ليتحولوا من مجرد «سماسرة» إلى مليارديرات. واعتبر مسكاوي أنه من المفروض أن تقوم الدولة بوقف جميع عمليات بيع وشراء العقارات التي تهمها تصاميم التهيئة الجديدة إلى غاية الانتهاء من إعداد التصاميم الجديدة، تفاديا لتنامي نشاط المضاربين والوسطاء وسماسرة المعلومة. وتساءل رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام عن استمرار تبعية الوكالة الحضرية للدار البيضاء لوزارة الداخلية، في الوقت الذي يعتبر فيه العقار والتنمية المجالية من اختصاص وزارة السكنى والتعمير، مؤكدا أن هذا الوضع هو نوع من «النشاز» الذي يساهم في انتشار الممارسات غير الشرعية ويفتح المجال أمام تطور مافيات العقار. وطرحت منهجية إعداد تصاميم التهيئة الخاصة بالعاصمة الاقتصادية أكثر من علامة استفهام خلال الشهور الأخيرة، خاصة مع التسريبات التي عرفتها العملية، حيث تزايد نشاط مافيات العقار، التي تضم منعشين عقاريين ومسؤولين من الوكالة الحضرية وبعض المقطعات وتقوم بعمليات شراء مكثفة لمجموعة من الأراضي بالدارالبيضاء، خاصة في المناطق التي سيعلن قريبا عن تصاميم التهيئة الخاصة بها، وعلى رأسها منطقتا بوسكورة وتيط مليل. وحسب مصادر «المساء»، فإن هذه المافيات تستغل علمها بتفاصيل تصاميم التهيئة التي بلغت مراحلها النهائية من أجل اقتناء أراض معينة ستشملها تغييرات جذرية لصالح المنعشين، مستغلة في ذلك جهل مالكيها بهذه التغييرات. وأوضحت المصادر ذاتها أن مافيات العقار تستعين بخبرة مهندسين على اطلاع مستمر بالتعديلات التي تجري على تصاميم التهيئة، رغم أن مسؤولي الوكالة الحضرية ما فتئوا يؤكدون على سرية عمل اللجان المختصة بإنجاز التصاميم الجديدة. وكانت الوكالة الحضرية اتخذت مجموعة من الإجراءات، التي اعتبرها المتتبعون غير كافية، من أجل الحد من نشاط سماسرة العقار، حيث أعلنت أن الولوج إلى مضامين تصاميم التهيئة الجديدة لم يعد متاحا لموظفي الوكالة الحضرية، باستثناء المهندسين الذين يسهرون على إعداد التصاميم، وكذا بعض التقنيين المعلوماتيين المكلفين بمساعدتهم. وقامت الوكالة، كذلك، بتنصيب كاميرات للمراقبة في جميع أروقة مقرها الرئيسي، وهو الأمر الذي استنكره معظم الموظفين، بالنظر إلى أنه يحد من خصوصيتهم وراحتهم في العمل، ويضعهم محل شبهة بالنسبة إلى مدير الوكالة الحضرية. وكانت لجنتان للتفتيش تابعتان لكل من وزارة الداخلية ووزارة السكنى والتعمير قد حلتا خلال شهر أبريل الماضي بالوكالة الحضرية للدار البيضاء من أجل التدقيق في بعض الملفات التي تهم أساسا التراخيص الخاصة بالبناء والوقت الذي يستغرقه هذا الإجراء، كما انكبت اللجنتان على مسألة التراخيص الاستثنائية التي أصبحت القاعدة المعمول بها في الدارالبيضاء في غياب تصاميم التهيئة.