قُدّرت قيمة مبيعات الأسلحة في العالم بنحو 100 مليار دولار أمريكي خلال سنة 2012 لوحدها.. لكنّ تلك المبيعات لا تخضع لأيّ إطار قانوني دولي يضبطها وينظمها. وبسبب هذا الفراغ القانوني، ليس هناك مانع يقف في وجه إمداد الدول المصدّرة للسلاح الأنظمة الدكتاتورية بالأسلحة، كما يقع مثلا في الحالة السورية، وهي الأسلحة التي تستخدمها تلك الأنظمة في انتهاك حقوق الإنسان.. جعلَ السباق المحموم بين المغرب والجزائر حول التسلح البلدين يدخلان نادي أكثر الدول تسلحا في العالم، حيث أصبح المغرب في المرتبة ال12 عالميا ضمن أكبر الدول المستوردة للسلاح في العالم، فيما حلت الجزائر في المرتبة ال6 عالميا، حسب آخر الإحصائيات الدولية حول حالة التسلح في العالم. وفقا للإحصائيات المسجلة، تحدث التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم للسلام (سيبري) الصادر يوم الاثنين، عن ارتفاع حجم المبادلات الدولية من الأسلحة التقليدية، إذ ارتفعت بنسبة 17 في المائة الفترة الممتدة بين 2008 و2012، بالمقارنة مع فترة خمس سنوات التي سبقتها، وتربّعت كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية، روسيا، ألمانيا، فرنسا والصين على قائمة الدول الخمس الكبرى المُصدّرة للسلاح في العالم. وأوضح التقرير أنّ هذه هي أول مرة منذ نهاية الحرب الباردة تتمكن فيها دولة من خارج أوربا وأمريكا الشمالية من الظهور ضمن أكبر خمس دول مصدّرة للسلاح في العالم. مغاربيا، سجل التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم للسلام انتقالَ المغرب من الرتبة ال69 عالميا إلى الرتبة ال12 ضمن أكبر الدول المُستورِدة للسلاح في العالم، وأشار إلى ارتفاع نسبة مُقتنيات المغرب من الأسلحة بنسبة 1460 في المائة في الفترة المُمتدّة بين سنوات 2003 -2007 و2008 -2012. ووفقا للتقرير نفسه فقد أصبحت الجزائر سادسَ زبون مستورد للسّلاح في العالم.. وعزا تقرير معهد ستوكهولم للسلام، الذي يُعنى برصد حالة التسلح وقيمة المبادلات العسكرية في العالم، هذا الارتفاع في قيمة واردات المغرب من الأسلحة إلى الزيادة الكبيرة في تسليم الأسلحة في الفترة المُمتدّة بين 2008 و2012. وحسب المعطيات الواردة في تقرير «سيبري»، فقد شملت الأسلحة التي تسلمها المغرب خلال هذه الفترة 24 طائرة مُقاتلة من نوع «إف 16» أمريكية الصنع، إضافة إلى 27 طائرة مقاتلة من نوع «إف 16 -ج» فرنسية الصّنع، وثلاث فرقاطات من نوع «سيغما» هولندية الصنع، فضلا على 54 دبابة صينية الصنع.. وسجل تقرير «سيبري» ارتفاع واردات شمال إفريقيا من الأسلحة بنسبة 350 في المائة في الفترة الممتدّة بين 2008 و2012، ومثلت واردات المنطقة نسبة 64 في المائة من واردات كل الدول الإفريقية. وحلت الجزائر في المرتبة الأولى كأكبر مستورد للسلاح في إفريقيا خلال الفترة الممتدة بين 2008 و2012، وتلاها المغرب ثم جنوب إفريقيا. وبسبب هذا الارتفاع العمودي في واردات الأسلحة، انتقلت الجزائر من الرتبة ال22 عالميا إلى الرتبة ال6 ضمن أكبر الدول المُستوردة للسلاح في العالم، جراء ارتفاع قيمة مقتنياتها من الأسلحة بنسبة 227 في المائة بين الفترة المُمتدّة بين سنوات 2003 -2007 و2008 -2012. وجاء في التقرير أن روسيا زودت الجزائر ب93 في المائة من الأسلحة المُستورَدة من دول العالم، وشملت تلك المقتنيات 44 طائرة مقاتلة، غواصتين حربيتين و3 أنظمة صواريخ أرض جو ذات المدى البعيد، و185 دبابة من نوع «تي -90 إس».. لكن التقرير أشار إلى اقتناء الجزائر، في السنة الماضية، فرقاطتين من نوع «ميكو- أي 200» و1200 ناقلة مُدرّعة من ألمانيا، و3 فرقاطات من نوع «إف 22 أي» من الصين.. معاهدة دولية تزامَنَ تقرير معهد ستوكهولم للسلام مع تاريخ انعقاد مؤتمر دولي حول تجارة الأسلحة التقليدية، الذي يجمع ممثلي حوالي 150 دولة في مقر الأممالمتحدة في نيويورك طيلة عشرة أيام (ابتداء من يوم الاثنين، 18 مارس) لإعطاء دفعة نهائية لصياغة معاهدة دولية مُلزِمة تضع الإطار القانونيَّ المُنظمَ لمبيعات الأسلحة التقليدية، وهي المعاهدة التي يسعى لوبي السلاح الأمريكي، المدافع عن حق حمل السلاح، إلى دفع واشنطن إلى رفضها. ويقول الناشطون المطالبون بالحد من انتشار الأسلحة والمنظمات غير الحكومية التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان إنّ شخصا يموت كل دقيقة في العالم نتيجة للعنف المسلح، ويعبرون أنّ توقيع معاهدة دولية للسيطرة على تدفق السلاح والذخيرة صار ضرورة مُلحّة.. وفي ظل غياب إطار دولي يضبط مبيعات الأسلحة في العالم وشروط إمداد بعض الأنظمة بتلك الأسلحة، خصوصا الأنظمة الشمولية التي تستعمل الأسلحة التي تنتجها الدول الغربيةوروسيا والصين في تنفيذ خروقاتها ضد الإنسانية، يقول الناشطون أنفسُهم إنّ غياب معاهدة دولية «قوية» يساهم في إشعال الحروب وإذكاء الانتهاكات. وبشكل مُتزامن مع بدء المفاوضات الدولية داخل مقر الأممالمتحدة، شرع مؤيدو فكرة التوقيع على معاهدة دولية للتجارة في الأسلحة التقليدية في بذل كل ما في وسعهم للمصادقة على تلك المعاهدة مع متم هذا الشهر في نيويورك، في إطار مؤتمر الأممالمتحدة، الذي تلتئم خلاله الدول الأعضاء، البالغ عددها 193 بين 18 و28 مارس الجاري. ويعتبر هذا المؤتمر الفرصة الأخيرة للتفاوض بشأن وضع إطار مُنظِّم للتجارة الشرعية للأسلحة في العالم والحدّ من انتشار بيع الأسلحة بطرُق محظورة، إذ صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دجنبر المنصرم، لصالح استئناف المفاوضات هذا الأسبوع بشأن ما يمكن أن يصبح أول معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة التقليدية التي تبلغ قيمتها نحو 100 مليار دولار، بعد أن فشل مؤتمر لوضع مسودّة المعاهدة في يوليوز 2012، حين طلبت الولاياتالمتحدةوروسيا والصين وقتها مزيدا من الوقت.. غياب الضوابط المنظمة منذ تاريخ انعقاد المؤتمر الأممي السابق، الذي آل إلى الفشل بسبب عدم توصل الدول إلى أرضية متوافق بشأنها بُغية المصادقة على معاهدة دولية، فقدَ أكثر من 325 ألف شخص حياتهم جّراء العنف المسلح، حسب ما كشفت منظمتا «أوكسفام» و»سافيروورلد» غير الحكومتين، المنضويتين ضمن التحالف الدولي لمراقبة انتشار الأسلحة.. تبنّتِ المسارَ نفسه ما لا يقل على 100 منظمة غير حكومية أخرى، تسعى إلى الضغط على الأممالمتحدة لخلق آلية قانونية تتمتع بصلاحيات واسعة بغية ضبط التجارة في الأسلحة، التي يروح ضحيها نحو 2000 شخص في اليوم الواحد.. وبينما تجاوز عدد ضحايا النزاع السوري 70 ألف قتيل، وفقا لأرقام الأممالمتحدة، ليس هناك، مثلا، أيُّ نص قانوني دولي يمنع روسيا من إرسال أسلحتها إلى سوريا.. ولا تخضع تجارة الأسلحة التقليدية، التي قُدِّرت قيمة عائداتها المالية سنة 2012 ب100 مليار دولار، لأي ضوابط قانونية دولية. كما أنّ جهود الدول لوضع حد لغياب الإطار القانوني الدولي المنظِّم لتجارة الأسلحة يستدعي تدخل الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولاياتالمتحدةالأمريكية، روسيا، الصين، فرنسا وبريطانيا) التي تستحوذ على حصة الأسد من صادرات أسلحة العالم، والتي يمكنها لعب دور حاسم في هذا الصدد.. يتجلى هذا الأمر على نحو أكبرَ بالنسبة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تبيع أكثرَ من 30 في المائة من أسلحة العالم، والتي قضت بشكل نهائيّ على فرص التوقيع على معاهدة دولية خلال مؤتمر السنة الماضية، حين اعتبرت إدارة باراك أوباما، في آخر لحظة، أنه يتعيّن «التريّث» قبل إصدار أي نص نهائي.. ووفقا لما راج في الأوساط الإعلامية الغربية فقد استفادت موسكو وبكين ونيودلهي من تلك الوضعية، وبالتالي لم يتمَّ إقرار المعاهدة الدولية. «في الواقع، لم يكن الحزب الديمقراطي يرغب في تلويث أجواء حملته الانتخابية من خلال تبني معاهدة من شأنها أن تحسب ضد باراك أوباما»، يوضح أحد الدبلوماسيين لجريدة «لوموند» الفرنسية، في إشارة منه إلى الأجواء التي جرت في إطارها الانتخابات الرئاسية الأمريكية سنة 2012، والحملة التي قادها لوبي السلاح النافذ، الذي كثّف جهوده للحيلولة دون المصادقة على معاهدة دولية تنظم مبيعات الأسلحة في العالم، من خلال الادّعاء أنّ المعاهدة تتعارض مع بنود الدستور الأمريكي، التي تُخوّل للأفراد الحق في حمل السلاح، رغم كون المعاهدة الدولية تهمّ أساسا تجارة الأسلحة بين الدول. معيقات من جهة أخرى، تطرقت جريدة «لوموند» الفرنسية لمشكل الذخيرة، وأشارت إلى كون الولاياتالمتحدة هي المصنع رقم واحد عالميا للذخيرة، وهو ما يجعلها تعارض بشدة فكرة ضمّ الذخيرة ضمن نطاق تنفيذ المعاهدة الدولية. «الذخيرة تغذي النزاعات، وبدون ذخيرة، ستصبح البنادق مجرّدَ آلات صامتة»، يوضح للجريدة روي إسبستير من منظمة «سايفر وورلد» (عالم آمن). ويظل أكبر عائق في وجه إقرار معاهدة دولية «قوية»، كما تتمنى ذلك أغلب الدول الأعضاء في الأممالمتحدة، ذلك الذي يمكن أن يَصدُر عن روسيا. فحسب نصّ مسودة المعاهدة، تلتزم كل الدول بمنع بيع الأسلحة التي «تشكل خطرا محدقا» إذا تم استخدامها لاقتراف «خروقات جسيمة لحقوق الإنسان»، أو تمّت الاستعانة بها في تنفيذ أعمال إرهابية، أو في الجريمة المنظمة. علاوة على ذلك، تظلّ موسكو المُزودَ الرئيسي بالأسلحة لنظام بشار الأسد، المتهم من قِبل الأممالمتحدة باقتراف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.. وتشكل روسيا واحدة من عشرات البلدان المشككة في مدى جدوى المعاهدة، إلى جانب كل من إيران ومصر وكوريا الشمالية.. ورغم أن هذه البلدان لا تُبدي امتناعها على فرض معاهدة دولية من شأنها ضبط تجارة الأسلحة في العالم، فإنها تثير مسألة الأمن القوميّ في ما يتعلق بالتجارة بالطرق القانونية. من جانبها تدافع أكبر الدول المُستورِدة للسلاح في العالم، وعلى رأسها الهند وباكستان واليابان والمملكة العربية السعودية، عن «حقها الشرعي في الدفاع» عن الأراضي الواقعة تحت سيادتها. كما أن الصيغة الحالية لنصّ المعاهدة لا تشمل العقود العسكرية التي تم إبرامها في الماضي، فالمبادلات التي قد تنجم عن معاهدة موقعة، مثلا، بين روسيا وسوريا لن يشملها نص المعاهدة، وبالتالي لن تخضع مبيعات الأسلحة في إطار اتفاقيات التعاون في مجال الدفاع للمعاهدة الدولية حول تجارة الأسلحة.. يسري الأمرُ نفسه على مبادلات الأسلحة التي تتم في شكل هِبات أو قروض أو مساعدات عسكرية، مثل الهبة العسكرية الأمريكية التي تصل قيمتها إلى 1.3 مليار دولار، والتي منحتها لمصر في شهر مارس 2012. نادي الكبار في ما يخص نادي الدول الأكثر تسلحا في العالم، أشار تقرير معهد ستوكهولم للسلام إلى كون الهند احتلّت صدارة قائمة الدول المستوردة للأسلحة، وتلتها كل من الصين وباكستان وكوريا الجنوبية وسنغافورة. كما أشار التقرير إلى أنّ حجم عمليات بيع الأسلحة في كل من أسيا وإفريقيا شهد ارتفاعا كبيرا في الفترة الممتدة بين 2008 و2012، مقارنة بفترة خمس سنوات التي سبقتها، في حين تراجعت واردات أوربا والشرق الأوسط من الأسلحة خلال الفترة نفسِها. وأضاف التقرير أنّ تسلم الصين لأول حاملة للطائرات يُعدّ من أضخم المبادلات العسكرية للعام 2012، إلى جانب تسلم الهند غواصة حربية تشتغل بالطاقة النووية من روسيا. واعتبر التقرير أنّ حجم المبادلات الدولية من الأسلحة التقليدية ارتفع بنسبة 17 في المائة بين 2008 و2012 مقارنة بالفترة الممتدة بين 2003 و2007، وشكلت مبيعات الدول الخمس الكبرى المُصدّرة للسلاح في العالم ما قيمته 75 في المائة من حجم المبادلات العسكرية في العالم. وبخصوص التوزيع الجُغرافيّ لواردات الأسلحة في العالم، أكد التقرير أنّ حصة الأسد احتلتها منطقة أسيا وأقيانوسيا بنسبة 47 في المائة من الواردات العالمية، وتلتها منطقة الشرق الأوسط بنسبة 17 في المائة، وأوربا بنسبة 15 في المائة، والقارة الأمريكية بنسبة 11 في المائة، وإفريقيا بنسبة 9 في المائة. ويُذكر أن قاعدة بيانات معهد ستكهولم الخاصة بمبيعات الأسلحة التقليدية الحيوية، والتي لا تتضمن الأسلحة الصغيرة، تعتمد فترةً مدتُها خمسة سنوات لتقييم مبيعات الأسلحة العالمية، لوضع صورة مكتملة عن مبيعات الأسلحة بالنظر إلى أنّ المبيعات يمكن أن تتغيّر من سنة إلى أخرى. الصين ضمن أكبر المصدرين ذكر تقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام أن الصين أصبحت خامسَ أكبر دولة مصدرة للسلاح في العالم، وهي أول مرة تتمكن فيها دولة من خارج أوربا ومنطقة شمال أمريكا من احتلال هذا المنصب منذ نهاية الحرب الباردة. وقال تقرير المعهد إنّ حجم الأسلحة التي صدرتها الصين ما بين عامي 2008 و2012 ارتفع بنسبة 162 في المائة بالمقارنة مع فترة الخمس سنوات السابقة، مع ارتفاع نصيبها من التجارة العالمية للسلاح من 2 في المائة إلى 5 في المائة. وأضاف المعهد أنّ الصين حلت محلَّ بريطانيا في قائمة أكبر خمس دول تتاجر في السلاح في ما بين 2008 و2012، وهي قائمة تتصدرها الولاياتالمتحدةوروسيا، اللتان تساهمان، على التوالي، ب30 و26 في المائة من صادرات السلاح. وقال بول هولتوم، مدير برنامج نقل الأسلحة في المعهد، في البيان الصادر مع التقرير السنوي، إن «الصين ترسّخ وضعها كمورّد للسلاح لعدد مُتنامٍ من الدول الهامة المُستورِدة للسلاح». ويمثل هذا التحول أولَ مرة تأتي فيها الصين ضمن أكبر خمس دول مصدرة للسلاح في العالم منذ تاريخ بدء نشر بيانات المعهد عام 1986. وقال هونغ لي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، حين سئل عن التقرير إنّ الصين مُصدّر مسؤول للسلاح يلتزم بشدة بالقانون الدّوليّ».