في الوقت الذي اتخذت الحكومة موقف المتفرج، تحركت «الباطرونا» في محاولة لانتشال «مغرب ستيل»، التي تعتبر من أكبر شركات الصلب في المغرب، من إفلاس محقق بعد أن أقر مسؤولوها بتكبدهم خسائر قياسية. وعلمت «المساء» من مصادر موثوقة أن مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ربطت الاتصال بالعديد من الجهات، سواء في الحكومة أو في القطاع الخاص، من أجل مساعدة «مغرب ستيل» على الخروج من أزمتها وإنقاذها من الإفلاس، معتبرة أن ترك هذه الشركة تواجه مصيرها لوحدها سيشكل ضربة للاقتصاد الوطني. وأكدت المصادر أن بنصالح التقت في عدة مناسبات بالمدير العام للشركة، فاضل السقاط، من أجل إيجاد حلول للمأزق التي تعيشه الشركة. كما اتصلت بالعديد من المؤسسات البنكية من أجل التوصل إلى حلول لتخفيف الضغوط المالية على الشركة وإعادة جدولة ديونها، مشيرة إلى أن الأبناك والممونين يتعاملون بنوع من الحذر مع هذا المشكل، حيث يتخوفون بشدة من خسارة أموالهم إذا ما أعلنت الشركة إفلاسها. وحسب فاضل السقاط، المدير العام للشركة، فإن الأزمة التي تتخبط فيها «مغرب ستيل» تعزى أساسا إلى تراجع كبير في صادراتها نحو أوربا التي تعيش أزمة خانقة، موضحا أن السوق الأوربية كانت واعدة بالنسبة للشركة حيث تستهلك كميات مهمة من الصلب، غير أن الأزمة خفضت الطلب في العديد من البلدان إلى مستويات غير مسبوقة، بل إن بعض الشركات الأوربية بدأت تصدر فوائضها إلى المغرب بأثمان بخسة، وهو ما أدى إلى إغراق السوق المغربية. وأضاف السقاط أن الصلب الأوربي معفى من الرسوم الجمركية، حسب اتفاق التبادل الحر الموقع مع المغرب، وهو الأمر الذي جعل الأوربيين يكسرون الأسعار المعمول بها في المغرب ويدفعون بعض الشركات المغربية إلى البيع بالخسارة، في الوقت الذي تكتفي الحكومة بالتفرج. واعتبر السقاط أن الدولة وحدها الكفيلة بإنقاذ «مغرب ستيل» من الإفلاس، موضحا أنه رغم أن الشركة استطاعت أداء أجور عمالها وممونيها، فإنها ما زالت تعاني من عجز مالي كبير، حيث أنهت سنتي 2011 و2012 على التوالي بخسارة تقدر ب150 مليون درهم، وهو ما يعني في المجموع أكثر من 300 مليون درهم. وانعكست أزمة «مغرب ستيل» على عمليات منح القروض البنكية للمقاولات، خاصة منها الصغرى والمتوسطة، حيث إن معظم البنوك قلصت عدد القروض الممنوحة للمقاولات، معللة ذلك بالكساد الذي تعيشه مجموعة من القطاعات الاقتصادية، وكذا ارتفاع نسبة المخاطر نتيجة غياب الرؤية والوضوح لدى الفاعلين الاقتصاديين. وأكدت مصادر «المساء» أن المشاكل الكبيرة التي تواجهها شركة «مغرب ستيل» ساهمت في رفع مستوى الاحتراز لدى البنوك، خاصة أن الشركة مدينة لعدد من المؤسسات البنكية بمليارات الدراهم، مشيرا إلى أن تعثر هذه الشركة كان القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لعمليات تمويل المقاولات.